صدر عن الدار الأهلية بعمان "استعادات مقلقة: مائة كاتب وفنان من غزة يكتبون عن الحرب" في كتابين من تحرير الروائي عاطف أبو سيف.

ويضم الكتابان يوميات من غزة كتبها مائة كاتب وفنان خلال وجودهم في غزة إبان المحرقة الجارية، والمشاركون في الكتابين من كافة حقول الكتابة والفن، فمنهم الروائي والقاص والشاعر والناقد الأدبي والكاتب الصحفي والباحث السياسي والاجتماعي، ومنهم الممثل والمخرج والمصور والفنان التشكيلي وصانع المحتوى والمصمم.

جميع النصوص المشاركة تم كتابتها في غزة في مناطق القطاع المختلفة، من مخيم جباليا وهو يتعرض للإبادة الكاملة إلى احياء مدينة غزة المختلفة من الشجاعية والتفاح والدرج والزيتون إلى الصبرا وتل الهوا والرمال والشيخ رضوان والنصر، ومن مخيمات القطاع وبلداته في المحافظة الوسطى إلى خانيونس ببلداتها ومخيمها وأحيائها ورفح ومخيمها.

هذا ليس كتاباً عن الحرب بل هو كتاب الحرب ذاتها، يقول محرر الكتاب أبو سيف: إن هذه النصوص كتبت في مناطق قطاع غزة المختلفة من شمالها إلى جنوبها، وإن عملية جمع النصوص استغرقت فترة طويلة بدأت خلال تواجد المحرر في غزة في أشهر الحرب الثلاثة الأولى حيث كان يلتقي الكتاب في مراكز الإيواء والخيام ويأخذ منهم بعض نصوصهم أو بعد ذلك من خلال التواصل معهم عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني.

ويضيف، "في مرات كان عليّ السير لمسافات طويلة خاصة في مناطق جنوب الوادي حتى التقي ببعض الكتاب ونتحدث ونتناقش في فكرة الكتابة واليوميات، حتى أن بعض النصوص كانت عبارة عن كتابات على ورق كادت تخطفه الحرب أيضاً قمنا بطباعتها ومراجعتها وتدقيقها، وبعضها استغرقت كتابته أسابيع ارتباطاً بحالة الكاتب ونزوحه وتنقله، وبعضها كتب في أكثر من مكان تباعاً".

ونوه إلى أن القليل من المشاركين في الكتاب باتوا خارج غزة الآن إلا أن نصوصهم التي يشاركون فيها كتبوها خلال تواجدهم في المحرقة بل إن بعضها قاموا بإرساله للمحرر قبل خروجهم من هناك. 

ويمكن الملاحظة إن النصوص كتبت في كل شهور السنة الأولى للحرب من شهر تشرين الأول 2023 وصولاً لشهر أيلول 2024؛ على مدار 12 شهراً، وبالتالي حملت في طياتها تطورات الحرب المختلفة من صباح السابع من أكتوبر إلى قصف جباليا وأحياء مدينة غزة وتدميرها وتهجير السكان نحو الجنوب واجتياح خان يونس ثم رفح ثم تضييق المنطقة الإنسانية التي يزعم الجيش أنها آمنة وانتظار الهدنة والصفقة.

مراحل الحرب كلها حاضرة خلال شهور سنتها الأولى بكل تفاصيلها عبر خبرات مختلفة وتجارب متنوعة؛ حتى تجربة الاعتقال والتعذيب الذين يتعرض لهما النازحين من الشمال إلى الجنوب حاضرة عبر شهادة أحد الكتاب الذين تم اعتقالهم وتعذيبهم لأسابيع وأطلق سراحه بعد ذلك.

يقول أبو سيف في تقديمه لهذا الكتاب عن غزة: "هي ليست أجمل المدن كما يقترح درويش، لكنها المدينة التي حافظت على الكثير من الحلم بعد النكبة، وبعد سرقة البلاد، ظلت غزة تقول إنها ليست فلسطين بل هي ما تبقى منها ويجب أن تبقى كلها، لذلك نذرت نفسها من أجل أن يظل الفلسطيني حاضراً ولا يزول، هي ليست أكثر من حكاية فلسطينية بامتياز، حكاية لا تختصر شيئاً بل تزيد الرؤية اتساعاً وتمنحنا فرصة أن نطل على عالم الألم والجوع الفلسطيني الأكثر قسوة، فهي تختصر كل بشاعة الاحتلال وقسوة القاتل وشهوة التدمير ومحاولات الاقتلاع، لكنها أيضاً قادرة على أن تقول باختصار: لم يوجد الفلسطيني لينتهي وأن النكبة التي لم تنجح في إزالتنا لن تتكرر مرة أخرى ولن ينجح أحد في فعل ما ينافي ويجافي الحقيقة الأبدية القائلة إن الأرض لأصحابها.  هذا أيضاً لسان حال هذه النصوص."