التقى نواب من كتلتي فتح وحماس في المجلس التشريعي، جاء اللقاء عقب اعتصام النواب أمام مقر المجلس رفضاً للسياسة الاسرائيلية المتعلقة بالقدس والمسجد الأقصى، وإن كان اللقاء الذي جمعهم بعد ذلك تم في احدى قاعات المجلس وليس في القاعة المخصصة لجلسات المجلس التشريعي، ولم يأخذ الطابع الرسمي واقتصر على فنجان القهوة وتبادل كلمات المجاملة، إلا أن اللقاء بحد ذاته بعد سبع سنوات من القطيعة يخلق أجواء إيجابية، وإن كانت تطلعات المواطن الفلسطيني لنوابه أكبر من ذلك بكثير، إلا أنها خطوة صغيرة قد تقود النواب إلى خطوات اكبر. كان من الممكن لنواب المجلس التشريعي أن ينأوا بالمؤسسة بعيداً عن الانقسام وتداعياته، لكن الحقيقة أنهم ادخلوها بإرادتهم في أتون الانقسام، وبمقدورهم اليوم أن يشكلوا رافعة لإنهاء الانقسام والدفع في اتجاه تحقيق المصالحة، إن التواصل بين نواب كتلتي فتح وحماس ومعهما باقي الكتل البرلمانية في الضفة وقطاع غزة حتماً يخلق بيئة تمكنهم من القيام بشيء من واجباتهم حتى وإن لم تأخذ الطابع الرسمي لجلسات المجلس التشريعي.
السلطة الوطنية تعاني من أزمة مالية، ولا أحد يعرف على وجه الدقة إن كانت مديونية السلطة تراجعت أم أنها زادت طبقاً للارقام المختلفة لكل من وزير المالية والمستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء، لكن الواضح أن الأزمة المالية ألقت بظلالها على الخدمات المختلفة المقدمة من القطاع الخاص لمؤسسات السلطة الفلسطينية، محطات الوقود توقفت عن توريد المحروقات للسلطة قبل أن تعود بناء على وعود من وزارة المالية بتسديد جزء من الديون، والمستشفيات الخاصة تهدد بوقف التعامل مع التحويلات العلاجية للسبب نفسه، وكذلك الحال مع موردي الأدوية لوزارة الصحة، الواضح أن انتظام صرف الرواتب في عهد حكومة د. رامي الحمد الله لا تؤشر على وضع اقتصادي أفضل للسلطة الفلسطينية، والوضع الاقتصادي في قطاع غزة ليس بأحسن حال، ويمر بضائقة هي الأسوأ منذ عام 2007.
الجميع ينتظر ما ستفضي إليه المفاوضات، ليس فقط ما يتعلق منها بالشق السياسي، بل انعكاس نتائجها على الوضع الاقتصادي، ولا شك أن فشل المفاوضات سيفاقم بشكل حاد من أزمة السلطة المالية ويدفع بالاقتصاد الفلسطيني إلى الوراء، خاصة أن العديد من الدول المانحة ربطت تقديم مساعداتها للشعب الفلسطيني بتقدم المسار التفاوضي، ومن الواضح أن الدول العربية لن تفي بوعودها في توفير شبكة الأمان المالية للسلطة الفلسطينية، وبالتالي سيكون لزاماً على السلطة أن تلجأ إلى التقشف وتقليص المصروفات.
بغض النظر إن كان الاقتصاد الفلسطيني في مرحلة نعيم أم أنه يترنح معتمداً على ما تقدمه له الدول المانحة، فالمؤكد أن غياب الجانب الرقابي للمجلس التشريعي ان لم يلحق الضرر بالوضع الاقتصادي فإنه اسهم في عدم ترتيب أولوياته، واحتكرت معه الحكومة العمل دون رقيب أو حسيب، ما نتفق عليه جميعاً أن هذا الجو غير الصحي الذي تغيب فيه المؤسسة التشريعية عن أداء مهامها يجب أن ينتهي، وإن كان انتهاؤه مرتبطاً بتحقيق المصالحة وإنهاء حالة الانقسام، فلا يبرر ذلك الغياب الكلي لنواب المجلس التشريعي، وإن غاب المجلس التشريعي بجلساته الرسمية التي يحضرها كافة النواب من الكتل البرلمانية المختلفة، فمن المفيد أن يلتئم الأعضاء في كل من الضفة وقطاع غزة حتى وإن أخذت اللقاءات الطابع غير الرسمي، إلا ان مثل تلك اللقاءات يمكن لها أن تفعل الدور الرقابي حتى وإن كان في أضيق الحدود ناهيك عما توفره من أجواء ايجابية لطي صفحة الانقسام.