الشاعرة الفلسطينية نهى عودة
بعد مرور أكثر من سنتين على اجتياح لبنان، ومجزرة صبرا وشاتيلا. ومع بداية شهر نيسان/ أبريل من العام 1985 بدأ حصار مخيم "البرج" والذي استمر إلى أكثر من ستة أشهر. وقبل البدء بسرد ما حصل في مخيم البرج. أريد أن أعود بالذاكرة إلى ما قبل هذا التاريخ وما حصل لشعبنا منذ النكبة وما بعدها والحروب المتلاحقة عليه أينما وُجد هذا الشعب الذي استضاف أيام عزّه جميعَ العرب على أرضه وكانت بلاده أرض الخير والفن والثقافة والرقي والإبداع..
أريد أن أعود إلى بداية النكبة وتهجير شعبنا إلى الدول المحيطة بفلسطين وهي: الأردن وسوريا ولبنان. ففي الأردن وما حصل فيها بعد وصول النازحين الفلسطينيين وكيف أمّنت لهم مُخيّمات أو بمعنى أصحّ خياما ليأووا إليها.. وما أن استقرّ بهم الحال حتى بدأ الخلاف! ولا أريد أن أدخل في تفاصيل كثيرة، لكن عددا لا يستهان به من الفلسطينيين لم يُسمح لهم بالبقاء.. وذلك ما عُرف وقتها بحرب أيلول الأسود الذي أُبيد فيها وقُتل الكثير من أبناء شعبنا في المخيمات.
وبعد انتهاء تلك الحرب، تأتي "الجولة" الأخرى في سوريا، والوضع نفسه يتكرّر تقريبًا فلا أحد يريد استقبال أبناء الشعب الفلسطيني عنده وخاصة مع انطلاقة الثورة الفلسطينية! كان يجري كل ذلك على مرأى العين ولا أحد يريد الدخول في حرب حقيقية ضد اليهود. فذلك استيطان صهيوني في فلسطين مدعوم من الغرب وأمريكا.. ولكن ما حدث من أبناء قومنا "العرب" وفي العصر الذهبي للقومية العربية.. كان مؤلما جدا، فقد حدثت إبادة للفلسطينيين في سوريا، حيث حوصرت مخيماتهم.. وتلك الإبادة هي ما عُرفت وقتها بحرب تشرين أو حرب المخيمات في سوريا. وكما حصل في عمان بالأردن حصل في سوريا.. حرب إبادة وقتل لأبناء شعبنا الفلسطيني.
بعد ذلك، تراجع شبّان الثورة الفلسطينية ونزحوا إلى لبنان وبدأت الانطلاقة الحقيقية للثورة وأعادت الكرامة إلى الشعب المغلوب على أمره في المخيمات حيث كانت الحياة صعبة جدا وممنوع على أحد أن يتجرّأ ويقول بأنه فلسطيني إلا بعد انطلاقة الثورة.
ولكن هيهات من أين يأتي الأمن والاستقرار إذا كانت معظم دول العالم ضد هذا الشعب الفلسطيني الذي لا حول له ولا قوة؟ وطبعا قادة الدول هم كذلك كانوا يرفضون وجود اللاجئين الفلسطينيين على أراضيهم منذ بداية النكبة، وذلك ما يفسّر تشرّدهم الأول إلى مناطق أبعد بكثير من المناطق التي نزحوا إليها من الجليل الأعلى.. ويبدو أنّ بقاء اللاجئين الفلسطينيين في بعض الدول المجاورة لفلسطين المحتلة كان مفروضا من طرف الدول الكبرى! وطبعا هذا ليس بلا ثمن، بل كان الثمن باهظًا جدا وماديًّا أيضا، للقبول بنا على الأراضي اللبنانية!
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها