في ظل الرغبة في العودة إلى الحياة الطبيعية إثر العدوان الإسرائيلي على لبنان، بدأت بعض المبادرات الفنية والثقافية تطل برأسها، ولو ببطء، وببعض تحفّظ بسبب المجهول الذي يكتنف الحلول المطروحة، وما يحصل من خروق إسرائيلية لوقف إطلاق النار.

وأعلن "غاليري تانيت" في محلة مار مخائيل في بيروت، افتتاحه معرضاً جامعاً بعنوان "غير ملموس" (Intangible)، بمشاركة مجموعة من الفنانين اللبنانيين والعرب، هم: عادل عابدين، وعبد القادري، وصادق الفراجي، وزياد عنتر، وزينة عاصي، وفؤاد الخوري، وجيلبرت الحاج، ورندا ميرزا، وكيفورك مراد، وشارل سانديسون.

والمعرض عبارة عن مجموعة من الفيديوهات والرسوم المتحركة والأفلام، سنبرز بعضًا منها.
مشارب واتجاهات مختلفة تسود فضاء الغاليري، منها "رؤية للمستقبل" - فيديو من 4 دقائق و52ثانية- للفنان عادل عابدين، تلفت الانتباه إلى معاناة الانتظار، حيث تكون الحركة والملاحظة مقيّدة بقواعد يفرضها شخص آخر.
ثم فيديو الرسوم المتحركة "القلب" من 6 دقائق و8 ثوان ٍلعبد القادري، يستكشف بسلاسة سلسلة الألوان وتقاطع الرقص والصدمة على خلفية التحولات التاريخية للمجتمع اللبناني، وبدافعٍ من الرغبة بالارتقاء بهذه المشاهد إلى عالم السينما، ويقدم القادري ببراعة تناغم الحركة والموسيقى في رحلة شخصية، ويتعمق في التحولات التاريخية للمجتمع اللبناني، ولا سيما أثناء الحرب الأهلية، ويكشف عن الروابط الوثيقة بين الرقص والتعبير والنسيج المجتمعي. 

أما فيلم الرسوم المتحركة  "Ecce Homo" من 3 دقائق و50 ثانية لزينة عاصي، ففيلم قصير تجريبي يعتمد على سلسلة من الحفر والرسم. وتم نقل شخصيات وكائنات مجسمة لتعمل كأبطال في الفيلم، لتوضيح الأزمات العالمية المعاصرة، ويسجل العمل احتجاجاً بصرياً ضد الحرب، والعنف، والظلم، رافضاً أفكار البطولات الوهمية.
ثم فيلم "رسالة إلى هوغيت" من49 دقيقة لفؤاد الخوري، يدور هذا الفيلم حول هوغيت خوري كالان، الرسامة اللبنانية التي هاجرت إلى فرنسا في سبعينيات القرن الماضي ثم إلى لوس أنجلوس. وتتحدث عن نفسها وممارستها. ويقارن المؤلف، وهو نسيب لها، حياتها بالأزمة التي يمر بها لبنان في عام 2019، والتي أعقبها الوباء الذي ضرب البلاد. 
وكذلك فيلم "زورق علي"، رسوم متحركة من 6 دقائق و37 ثانية، للعراقي صادق كويش الفراجي، يروي فيه قصة "علي شاب صغير التقيت به في بغداد لأول مرة عام 2009. كان عمره 11 عاماً حينها، ولم نشاهده إلا لبضعة أيام في منزل العائلة. علي هو ابن أخي، أصغرهم. في الصباح غادرت بغداد، أعطاني ظرفاً مغلقاً وطلب مني بصدق ألا أفتحه حتى أصل إلى منزلي في بلاد الإنترنت. لدى وصولي المنزل مع عائلتي فتحت الظرف، فكان يحمل في داخله رسالة بأسماء أطفالي وأطفاله. وفي المنتصف رسم لقارب مكتوب عليه جملة واحدة بسيطة تقول: "أتمنى أن تأخذني رسالتي إليك".

ثم فيلم "مدردرة" لزياد عنتر عن إعداد طبق تقليدي من بلاد الشام، يتكون من الأرز والعدس، ويسمى "مدردرة". يهتم المخرج باللغة البصرية للفيديو، وتُترجم انعكاساته إلى عروض بسيطة تستغرق بضع ثوانٍ أو دقائق، وغالباً ما يتم التقاطها في لقطة واحدة. 
وأخيراً فيديو بعنوان "الخير والشر" لتشارلز أنديسون، وهو عمل فني للعبة مدعومة بالذكاء الاصطناعي حيث يكون "الخير" و"الشرّ" في صراع مستمر. عندما يفوز "الخير" أو "الشر" تبدأ اللعبة مرة أخرى. وهي مصممة لتستمر.