يا جماهير شعبنا الفلسطيني الصامد بإباء وشموخ على أرض الوطن في قطاع غزة وفي الضفة والقدس، وفي الشتات على امتداد العالم.
نحيي اليوم الذكرى العشرين لاستشهاد القائد الرمز ياسر عرفات، الذي حمل راية الكفاح الوطني الفلسطيني على امتداد عقود من أجل الحرية والاستقلال، ولعل الدرس الأهم من مسيرة هذا القائد الاستثنائي، ومسيرة منظمة التحرير الفلسطينية، هو أن الشعب الفلسطيني لا يمكن الغاء وجوده، ولا اذابته، والقضية الفلسطينية لا يمكن تصفيتها، وإن لشعبنا وطنًا قديمًا بنى عليه تاريخه وحضارته، هذه الحضارة التي قدمت للإنسانية رسالة المحبة والسلام.
تأتي هذه الذكرى، والشعب الفلسطيني يمر في ظروف قاسية وصعبة. هناك نكبة ثانية في قطاع غزة، فشعبنا يتعرض لحرب إبادة جماعية لم يشهد التاريخ مثيلاً لها، مئات آلاف الشهداء والجرحى، دمار شامل، تشريد وجوع وأمراض وأوبئة، لقد حولت دولة الاحتلال، القطاع إلى منطقة غير قابلة للحياة وما يحدث اليوم في شمال قطاع غزة خير دليل على ذلك، ولا يزال سيف التهجير القسري مسلطًا على رقاب الغزيين، ونقول هنا بكل وضوح وصرامة أن هذا المخطط لن يمر ولن نسمح له أن يمر بصمود شعبنا وبدعم وتأييد أشقائنا وأصدقائنا في العالم.
وفي الضفة الغربية والقدس يواجه شعبنا الاعتداءات المتواصلة عليه وعلى أرضنا ومقدساتنا الإسلامية والمسيحية من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين الإرهابيين، الذين يمارسون جرائم التطهير العرقي والتمييز العنصري.
واسمحوا لي بهذه المناسبة، أن أتوجه بشكل خاص إلى جماهير شعبنا الصامدين والقابضين على الجمر في القطاع، لأقول لهم إننا لن نتوقف عن بذل كل الجهود من أجل وقف حرب الإبادة المجرمة، وحتى ينسحب آخر جندي احتلالي من قطاع غزة ليعود القطاع إلى مكانه الطبيعي في الدولة الفلسطينية، كما لن يهدأ لنا بال حتى نضمد جراح أهلنا في قطاع غزة، وأن نعيد بناءه أفضل مما كان.
يا جماهير شعبنا العظيم
إن القضية الفلسطينية تمر بمرحلة عصيبة مع وجود الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل، فليس قطاع غزة وحده يتعرض لحرب إبادة ومخطط ضم وتهجير فالضفة تتعرض للمخطط ذاته، وإن حكومة اليمين تعتقد أن الظروف مواتية لتنفيذ أهدافها التوسعية على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.
إننا نقول لهم ولغيرهم إننا أبناء هذه الأرض منذ آلاف السنين، سنبقى هنا ولن نرحل، وهذه وصية ياسر عرفات وكل شهداء شعبنا وفي المقدمة منهم شهداء اللجنة المركزية لحركة "فتح" ونؤكد لهم جميعًا بأننا على العهد باقون وبأن الراية ستبقى مرفوعة.
لقد تمسكنا باستمرار بخيار السلام، تمسكنا به في كل الظروف الصعبة والمعقدة، وحتى عندما تخلى عنه الطرف الآخر، نحن لا ننظر للسلام بأنه مرحلة وتمر، نحن نسعى لإقامة سلام عادل ودائم، ومؤمنين أن هذا السلام، وأن الأمن والاستقرار لا يمكن أن يتحقق إلا بزوال الاحتلال وتحقيق السيادة والاستقلال على أرض الـدولة الفلسطينية فلسطينية بعاصمتها القدس الشرقية على خطوط عام 1967 وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس المبادرة العربية والقرار 194. وفي هذا الصدد فإننا نؤكد وجود وتعزيز عمل وكالة الأونروا ورفض قرارات سلطات الاحتلال بشأن حظر عملها في فلسطين وهو ما نرفضه وسنواجهه بالتنسيق مع الدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين.
أبناء شعبنا البطل
إننا بفضل صمودكم وتصديكم لهذه الجرائم والمخططات التصفوية سائرون نحو الحرية والاستقلال فالاعترافات الدولية بدولة فلسطين تتوالى، وخاصة على الساحة الأوروبية والاحتلال يجر إلى المحاكم الدولية ولأول مرة سيحاسب على جرائمه وعدوانه على شعبنا وأرضنا ومقدساتنا، واليوم هناك تحالف دولي لأكثر من مئة دولة تم انشاؤه بجهود مشكورة من اللجنة العربية الإسلامية والاتحاد الأوروبي ودول شقيقة وصديقة من أجل تجسيد دولة فلسطين وحصولها على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
وهنا لا بد من تثمين مواقف شعوب ودول العالم التي تساندنا وتعمل معنا في المحافل الدولية، كما نؤكد لكم أننا على طريق انجاز وحدتنا الوطنية تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، صاحبة القرار الوطني المستقل.
في الذكرى العشرين لاستشهاد القائد الرمز أبو عمار، نؤكد لجماهير شعبنا العظيم التمسك بالأهداف والحقوق الوطنية المشروعة والمعترف بها دوليًا، ونعاهدهم أننا سنواصل السير بالعزيمة نفسها على درب الحرية والاستقلال، هذا الدرب الذي ضحى خيرة أبناء وبنات الشعب الفلسطيني بأرواحهم في سبيله، وضحى الأسرى الأبطال بحريتهم وفي زهرة شبابهم، وأقول لهم أن شعبكم وقيادتكم لن يهدأ لهم بال حتى تنالوا حريتكم.
إن إرث ياسر عرفات باق فينا ولن نحيد عنه وسنبقى منغرسين في هذه الأرض لأننا أصحابها.
إن حقيقة الشعب الفلسطيني لا يمكن طمسها أو القفز عنها
عاشت فلسطين، وعاش الشعب الفلسطيني حرًا أبيًا
المجد لشهدائنا الأبرار وفي مقدمتهم الشهيد القائد الرمز أبو عمار
والشفاء لجرحانا والحرية لأسرانا الأبطال
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها