تمكّن العلماء مؤخّرًا من تطوير طريقة مبتكرة لاستخدام الأقطاب الكهربائية لتقسيم مياه البحر وتحويلها إلى وقود هيدروجيني، وفي العمليات التقليدية، يؤدي ذلك إلى إنتاج غاز الكلور السام الذي يسبب التآكل، إلّا أن هذه التقنية الجديدة أتاحت للباحثين توليد وقود نظيف باستخدام التحليل الكهربائي من دون الحاجة إلى مياه نقية، مما يعدّ خطوة كبيرة نحو تحسين كفاءة العملية.

تقود هذا الابتكار شركة ناشئة مقرها في كاليفورنيا تدعى Equatic، وتعمل بدعم من وكالة ARPA-E  (وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة للطاقة)، وهي وكالة حكومية أميركية تهدف إلى تعزيز الابتكار في مجال الطاقة. تخطط الشركة لبيع الهيدروجين الناتج من هذا الاختراع للمساهمة في تغطية تكاليف العملية. ولكن يبقى السؤال: كيف نجحت شركة Equatic  في تصنيع وقود الهيدروجين من دون إنتاج هذه المنتجات الثانوية المسببة للتآكل؟

لفهم هذا الابتكار، من المهمّ معرفة كيفية عمل الأنظمة التقليدية. عادةً، يعتمد إنتاج الهيدروجين على استخدام محلل كهربائي، وهو جهاز يستخدم أقطابًا كهربائية لفصل جزيئات الماء باستخدام الكهرباء. ومع ذلك، تواجه المحللات الكهربائية الحالية تحدّيات كبيرة عند محاولة تحويل مياه البحر إلى وقود هيدروجيني، بسبب المعادن والملح المذاب اللذين يؤديان إلى تآكل الآلات.

وغالباً ما يتسبب هذا التآكل في تعطل الأجهزة، حيث تتكتل أو تصدأ أجزاؤها الداخلية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الشحنة الكهربائية المستخدمة في فصل الملح عن مياه البحر تجذب الأوكسيجين، ما يؤدي إلى إنتاج غاز الكلور السام الذي يتسبب في تآكل المعدات. وللتغلب على هذه المشكلة، قام المؤسس المشارك لشركة "Equatic، Xin Chen"، وفريقه، بتصميم أنودًا خاصًا قادرًا على فصل جزيئات الماء بشكل انتقائي عن الأوكسيجين، دون التأثير على الملح المذاب، وبفضل طبقة مانعة لتكون الكلور، يُمنع الملح من التأثير على العملية، ما يسمح للآلة بتحويل مياه البحر إلى وقود هيدروجين من دون التسبب في تآكل المعدات أو تراكم الرواسب.

الأمر الأكثر إثارة للإعجاب في هذا الابتكار، هو أن الباحثين يعتقدون أن الآلة يمكن أن تعمل لمدة تصل إلى ثلاث سنوات قبل الحاجة إلى صيانة الأنود أو إعادة طلائه. يُعتبر هذا تقدمًا مهمًّا في مجال تقنيات استخدام المياه المالحة، حيث يجري الباحثون أيضًا تجارب أخرى لتحويل مياه البحر إلى مياه صالحة للشرب بكفاءة أعلى.

وختامًا، يُعتبر المحيط المصدر الأكثر وفرة للمياه على سطح الأرض، ما يجعل استغلال هذه المياه هدفًا أساسيًا للعديد من الباحثين في مختلف المجالات، خاصة في ظل التحدّيات المرتبطة بشح المياه العذبة على مستوى العالم.