لقد أثبتت الولايات المتحدة الأميركية من خلال مواقفها المنحازة للكيان الاستعماري الاحتلالي العنصري الإسرائيلي ودعمه بكل وسائل القوة للمضي بارتكاب جرائم الإبادة والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفي عموم أراضي دولة فلسطين المحتلة والمعترف بها دوليًا وتمكينه الإفلات من المساءلة والعقاب بل بالحصانة من أي إمكانية ليضطلع المجتمع الدولي بمسؤولياته لإلزام هذا الكيان الإسرائيلي المصطنع بإحترام ميثاق الأمم المتحدة وتنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الأمن وعن الجمعية العامة للأمم المتحدة بهدف فرض الأمن والسلم الإقليمي إعمالا لمبادئ وأهداف الأمم المتحدة على مدار العقود الثمان السابقة بأنها لا تعمل على حل الصراع العربي الإسرائيلي بعنوانه الفلسطيني المتمثل بإنهاء الاحتلال الاستعماري الاحتلالي الإسرائيلي لأراضي الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليًا وتمكين الشعب الفلسطيني من الحرية والاستقلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس بل تعمل على إدارة الصراع لضمان إدامة الاحتلال الإسرائيلي وحرمان الشعب الفلسطيني من حقه الأساس بتقرير المصير.

* دلالات السياسة الأميركية بإدارة الصراع:

لم تحترم أميركا واجباتها ومسؤوليتها كدولة دائمة العضوية بمجلس الأمن بالعمل على متابعة و ضمان تنفيذ القرارات الدولية ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية وإنما اكتفت بإصدار التصريحات الفضفاضة وطرح شعارات جميلة دون أن ترى سبيلاً للتطبيق على أرض الواقع بحكم استخدام أميركا الفيتو عشرات المرات لمنع:

▪︎ اصدار قرارات عن مجلس الأمن تلزم إسرائيل بوقف حرب الإبادة والتطهير العرقي التي يشنها الكيان الاستعماري الإسرائيلي العنصري وتنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الأمن او الجمعية العامة للأمم المتحدة أو عن محكمة العدل الدولية ومنها على سبيل المثال قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 273 الذي إشترط لقبول إسرائيل عضوًا بالأمم المتحدة تنفيذها قراري الجمعية العامة رقم 181 و194وكذلك قرارات مجلس الأمن أرقام 242 و338 و339 و2334 الداعية لإنهاء احتلاله لفلسطين وقرارات محكمة العدل الدولية ومبادرة أمين عام الأمم المتحدة بلفت نظر مجلس الأمن بموجب المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة أن العدوان الإسرائيلي الإرهابي على قطاع غزة يهدد الأمن والسلم الدوليين.

▪︎ إستخدام الفيتو لعدم قبول فلسطين دولة كامل العضوية بالأمم المتحدة خلافًا للإرادة الدولية التي اعترفت بفلسطين عضوًا مراقبًا وبتناقض مع السياسة الأميركية التي تطرح حل الدولتين سبيلاً لحل الصراع.

▪︎ إكتفاء الإدارة الأميركية ورئيسها بايدن الذي أعلن من بيت لحم في تموز 2022 عن إلتزامه العمل بإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 دون أن يتخذ أي خطوة عملية نحو تحقيق ذلك.

▪︎ الالتفاف على وجوب تنفيذ قرارات الجمعية العامة المطالبة الكيان الإسرائيلي وقف حرب الإبادة والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ورفع الحصار ورفض التهجير بإرسال بلينكن وآخرين من إدارته بجولات مكوكية لحث إسرائيل وقف عدوانها الوحشي الذي لم يسجل التاريخ مثيلاً له.

▪︎ إطلاق مبادرة أميركية بالتعاون مع مصر وقطر تدعو لهدنة مؤقتة بديلاً عن وقف شامل للعدوان وانسحاب كامل وشامل لقوات المستعمر الإسرائيلي من قطاع غزة ضمن جدول زمني بإنهاء الاحتلال الاستعماري الاحتلالي لدولة فلسطين بموجب قرار الجمعية العامة رقم 19/ 67/ 2012 بل لتسويف تنفيذ مشروع بايدن الذي استصدره بقرار لمجلس الأمن رقم 2735 إعتمد على إدخال مقترحات للنقاش بديلاً عن الضغط على إسرائيل لتنفيذ مضمون القرار أعلاه.

▪︎ ممارسة الضغوط على قضاة المحكمة الجنائية الدولية لمنع إصدار مذكرة توقيف بحق مجرمي الحرب نتنياهو وغالانت تنفيذًا لتوصية مدعي عام المحكمة تمكينًا لإفلات قادة الكيان الاستعماري الإسرائيلي من العقاب والمسائلة والذي يعني استمرار حرب الإبادة والتطهير العرقي دون أفق لإنهاءه.

▪︎ تزويد ودعم الكيان الإسرائيلي الإرهابي بكل وسائل القوة العسكرية والسياسية والإقتصادية بشكل لامحدود مما مكنه من شن عدوانه على مدار 11 شهرًا تحت ذريعة الدفاع عن النفس خلافًا لنص المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.

بناءًا على ما تقدم من معطيات ما يدلل على أن أميركا لا تعمل على إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي بعنوانه الفلسطيني وإنما تعمل دون كلل على إدارة أزمة لتمكين الكيان الاستعماري الإسرائيلي من إدامة وتأبيد احتلاله للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة واستمرار عدوانه وجرائمه بأشكالها، الإبادة والتطهير العرقي وجرائم الحرب وضد الإنسانية.
آن الأوان لقادة الدول العربية والإسلامية والإفريقية والصديقة أن تغادر مربع الدعم النظري لحقوق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال وإقامة دولته إلى مربع إتخاذ إجراءات عملية ضاغطة من سياسية واقتصادية على أميركا لوقف إنحيازها للمستعمر الإسرائيلي والعمل على عزل "إسرائيل" دوليًا وتجميد عضويتها بالأمم المتحدة وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة إنتصارًا للإرادة الدولية بتصفية الاستعمار أينما وجد وإعمالاً بمبادئ وأهداف الأمم المتحدة وميثاقها ولسمو الشرعة الدولية على ما عداها من اعتبارات بما يحقق ويعزز الأمن والسلم الدوليين وكفالة حق تقرير المصير للشعوب.
تمكين الشعب الفلسطيني من حقه بالحرية والاستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة سيبقى التحدي والعنوان للعدالة الدولية ولإعلاء قوة الحق.