حركة التضامن تتسع وتتدحرج أفقيًا وعاموديًا في دول العالم كافة وعلى المستويين الشعبي والرسمي بالمعايير النسبية، وكلما اشتدت نيران الحرب وعمليات الإبادة الجماعية الصهيو أميركية في محافظات الوطن عمومًا وعلى أبناء محافظات القطاع خصوصًا للشهر السابع على التوالي، كلما اتسع الفتق والبون بين الرأي العام العالمي ودولة الاستعمار الإسرائيلية اللقيطة والنازية، وتعاظم الادراك والوعي بمعاناة الشعب العربي الفلسطيني المنكوب بالإمبريالية العالمية بقيادة الولايات المتحدة، التي خلقت اداتها الوظيفية الدولة العبرية على أنقاض نكبته وبحروبها المتعاقبة وصولاً لأطول حرب في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، وللحؤول دون نهضة شعوب الامة، ونهب ثرواتها، وابقائها في ذيل المحوطة والتبعية وحرمان الشعب الفلسطيني من تحقيق أهدافه الوطنية، ليس هذا فحسب، بل والعمل على تصفية وتبديد القضية والمصالح العليا لأبنائه الحالمين باستقلالهم السياسي والاقتصادي والسيادة على أرض وطنهم الام فلسطين وفقًا لقرارات الشرعية الدولية وانسجامًا مع القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي. 


ومع دخول حرب الأرض المحروقة اليوم 201 على أبناء قطاع غزة تعاظم نطاق التضامن العالمي مع الشعب وخاصة في الولايات المتحدة نفسها، رغم تغول أباطرة رأس المال المالي والمنظمات الصهيونية وأقطاب المسيحية الصهيونية على كل صوت يرتفع للتضامن مع حرية واستقلال وسيادة الشعب على أرض وطنه الفلسطيني بغض النظر إن كان نائبًا في الكونغرس أو مجلس الشيوخ أو أستاذًا جامعيًا أو طالبًا أو أي كان موقعه الاجتماعي وخلفيته الفكرية والسياسية لخنق تلك الأصوات الشريفة المؤمنة بالحرية وتقرير المصير للشعوب التي أدركت بالعين المجردة بشاعة وهمجية حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني، ولم تعد تقنعها أكاذيب الإيباك ولا الأخبار الملفقة لامبراطورية الاعلام الصهيو أميركية الموجهة والداعمة لدولة التطهير العرقي الإسرائيلية، لأن قطاعًا واسعًا من الرأي العام الأميركي أكتشف الحقيقة بالشواهد الماثلة امامه من خلال ما تبثه الفضائيات العالمية، رغم أن وسائل الاعلام الإسرائيلية والأميركية ومن يدور في فلكها سعت لقلب الحقائق عبر عمليات التزوير والأكاذيب المفضوحة والعارية. 

ومنذ انقلب سحر حرب الإبادة الجماعية الصهيو أميركية على الشعب الفلسطيني بعد ال7 أكتوبر 2023 على الساحر الإسرائيلي الأميركي دخلت الجمعات الأميركية على خط التضامن مع الشعب الفلسطيني مستحضرة مظاهرات الجامعات في ستينيات القرن العشرين ضد حرب اليانكي الأميركي على الشعب الفيتنامي البطل، وأعلنت انحيازها للحقيقة ودعم حقوق وأهداف الشعب العربي الفلسطيني، حيث أقام المتظاهرون المؤيدون لفلسطين مخيمات في الجامعات طالت انحاء الولايات المتحدة، بما في ذلك جامعة ميتشغان ومعهد ماساتشوستش للتكنولوجيا وجامعة نورث كارولينا وجامعة كولومبيا وييل وجامعة نيو هافن بولاية كونيتيكت نهاية الأسبوع الماضي وعشية عيد الفصح اليهودي. 
وعلى إثر ذلك قامت جامعة كولومبيا يوم أول أمس الاثنين 22 إبريل الحالي بتعليق المحاضرات داخل أسوار الجامعة عقب انطلاق مظاهرات في عدة جامعات أميركية ردًا على وحشية وهمجية وفظائع حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني، وقامت الشرطة باعتقال ما يزيد عن 100 شخص من الطلاب ومن طاقم التدريس لتضامنهم مع فلسطين، ووجهت لهم تهم جائرة لمحاكمتهم، كونهم أقاموا مخيم اعتصام داخل الحرم الجامعي نهاية الأسبوع الماضي. 


ولمزيد من التحريض على الطلاب المتضامنين مع فلسطين وضد جرائم الحرب الإسرائيلية الأميركية، أرسل حاخام في جامعة كولومبيا يوم الاحد الماضي 21 إبريل، رسالة عبر الواتساب لنحو 300 طالب يهودي، يحثهم فيها على مغادرة الحرم الجامعي في مدينة نيويورك إذا لم يشعروا بالأمان. في محاولة من اقطاب وأنصار الصهيونية لحرف بوصلة التضامن واعتباره شكلاً من أشكال "معادة السامية" السلاح الفاسد والمفضوح. رغم أن الطلاب أكدوا، إنهم ليسوا معادين للسامية، وأن انتقادهم كله موجه إلى الحكومة الإسرائيلية، وأصدر الطلاب المتظاهرون تحت اسم (طلاب من أجل العدالة في فلسطين) بيانًا قالوا فيه إنهم "يرفضون بشدة الكراهية والتعصب"، حتى أن الرئيس بايدن اتهم الطلاب بكذبة "معاداة السامية". 
ولم تتوقف الأمور عند توجيه اتهامات باطلة للمتضامنين مع فلسطين، بل وقع عدد من أعضاء الكونغرس، وعلى رأسهم اليس ستيفانيك، النائب الجمهوري عن ولاية نيوريوك يطالبون فيه رئيسة جامعة كولومبيا البارونة شفيق بالاستقالة من منصبها بسبب ما وصفوه بانه "فشل في وقف عصابات من الطلاب على ارتكاب جرائم ضد الطلبة اليهود" في تزوير فاضح للحقيقة، لكن هذا هو ديدنهم. وكذلك تفاعل أعضاء اخرين من الكونغرس عن الحزب الديمقراطي، منهم جوش غوتيمير إن كولومبيا "ستدفع ثمن فشلها في توفير الأجواء المناسبة للطلاب اليهود لحضور المحاضرات بشكل آمن. ومن جانبه قال روبرت كرافت، مالك فريق نيو إنغلاند للهوكي، وخريج جامعة كولومبيا، إنه سيوقف دعمه للجامعة حتى تتخذ إجراءات تصحيحية ولسان حاله ينادي بطرد وملاحقة الطلاب المتضامنين مع روح العدالة والحرية للشعب الفلسطيني.

إذا هي حرب من أعضاء الحزبين في الكونغرس ومن يدور في فلكهم على الطلاب في محاولة لكسر إرادتهم وتوجههم الأخلاقي والسياسي المنسجم مع روح الدستور الأميركي وحقوق الانسان والقانون الدولي في دعم الشعب الفلسطيني. بيد انهم لن يفلحوا في ذلك، كما فشل إضرابهم في القرن الماضي ضد المظاهرات الطلابية المناصرة للشعب الفيتنامي، وستنتصر روح التضامن مع الشعب الفلسطيني، وستهزم إسرائيل في عقر دار الولايات المتحدة صانعتها وحاميتها وقائدتها في حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني.