بعد أن بات واضحًا ومؤكدًا أن "طوفان الأقصى" لن يصل إلى غاية عنوانه، ولا بأي صورة من الصور، ومع دعوات محور طهران، بأدواته الحمساوية والجهادوية، للشارعين الأردني، والمصري، للتظاهر العبثي، الرامي للفوضى والخراب العدمي، ولكي تأخذ هذه التظاهرات هويتها الثورجية!. استبدل هذا المحور، اسم عملية السابع من تشرين الأول العام الماضي، باسم جديد فلم يعد الطوفان للأقصى!! بل بات مطلوبًا في شوارع القاهرة وعمان تحت اسم "طوفان الأحرار" حتى يبات العالم مشغولاً، وربما بعضه سعيدًا، بهذا الطوفان الجديد، بينما إسرائيل العدوان والعنصرية تواصل حربها ضد قطاع غزة، الذبيح ..!!

فلربما هذا ما سيخرجها على نحو ما، وبقدر ما، من أزمتها الأخلاقية. "طوفان الأحرار" والحالة هذه ببوصلة لا تشير لغير ما يريد في شوارع عمان، والقاهرة، وبعيدُا عن إسرئيل وحربها العدوانية الظالمة. وعلى هذا لا يبدو أن محور طهران قد اختار هذا الاسم اعتباطًا، وإنما بقصدية بالغة، غايته على ما يبدو في المحصلة، إعادة الروح لخديعة "الربيع العربي" فلعل وعسى تعود هذه الخديعة لواجهة الأحداث، وتحقق ما تريد، مرة أخرى، من خراب وفوضى في الشارع العربي.

الأحرار من الحرية، والحرية هي وعي الضرورة، والضرورة الآن، هي وقف هذه الحرب الإسرائيلية الظالمة، وتأمين سبل الحياة الممكنة لأهلنا في القطاع الذبيح، من يسعى اليوم ومنذ اشتعال نيران هذه الحرب لوقفها وبصورة نهائية، هو من أدرك وعي الضرورة، ولا حرية ولا أحرار مع الفوضى، والعبث بالأمن الوطني والقومي، لن توقف الفوضى والعبث بهذا الأمن، حرب إسرائيل العدوانية، ولا نظن أن مخرجي تظاهرات الإخونجية تحديدًا لا يعرفون هذه الحقيقة، وغايتهم التعتيم على إخفاقهم في ردع الحرب الإسرائيلية، وإخفاقهم الأكبر والأكثر فداحة في تأمين ما أمكن من سبل النجاة، لأهل القطاع، حتى باتت أغلبيتهم بلا مأوى، ولا مأكل ولا مشرب.

التعتيم على هذا الإخفاق، بحرف البوصلة نحو إشعال نيران الفوضى والعبث العدمي، ولصالح أن تبقى "حماس" وشريكتها "الجهاد" في مشهد البحث عن حل سياسي لوجودها ليس إلا، وكذلك لصالح ما تريد طهران من نفوذ أوسع في العالم العربي، ولهذا يشكر زيادة النخالة "طهران على دعمها للشعب الفلسطيني منذ أكثر من عشرين عامًا" كما صرح متباهيا بهذا الدعم، الذي لم ير منه شعبنا الفلسطيني، قرشًا واحدًا في عملياته التنموية، فلا شارع، ولا مدرسة، ولا مشفى، ولا حتى جامع عمر بأموال طهران.

لن يكون بعد الآن، ما كان ممكنا في ذلك الربيع الأخرق، واليوم لا يشبه البارحة، فقد اتضحت غايات الخديعة الثورجية، والأحرار الحق هم من سعوا وما زالوا يسعون في دروب النضال السياسية والدبلوماسية والعملياتية الإنسانية، لوقف الحرب الإسرائيلية الظالمة، ووأد أهدافها التدميرية للقضية الفلسطينية وتطلعات أهلها، وهؤلاء هم الأحرار الذين سينتصرون في النهاية شاء من شاء وأبى من أبى.