المؤامرة على قضية اللاجئين الفلسطينيين، وملف عودتهم لم تتوقف يومًا منذ عام النكبة في العام 1948، وإقامت دول الغرب الرأسمالي والدول الأخرى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الاونروا"، التي أسسوها لتغييب وتبديد القضية السياسية الفلسطينية، وتحويل قضية اللاجئين المطرودين من ديارهم إلى ملف انساني، كخطوة على طريق تصفية إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفقًا للقرار الأممي 181، الصادر في 29 نوفمبر 1947، الذي أقيمت على أساسه دولة النكبة الإسرائيلية، والذي اشترط إقامة الدولة الفلسطينية العربية. 
هذه الوكالة الأممية "الاونروا" منذ عقود وتحديدا بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو في العام 1993 وهي عنوان أساس على طاولة الإدارات الأميركية المتعاقبة ودولة الغرب اللقيطة إسرائيل بهدف اغلاقها وتصفيتها. وتقدمت إدارة ترامب السابقة خطوة نوعية للأمام لتحقيق ذلك الهدف الاجرامي من خلال الشروع بتنفيذ صفقة القرن المشؤومة في 6 ديسمبر 2017، والذي يعتبر نقطة ارتكاز لحرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني، ويعتبر جريمة عقاب جماعي مخالف للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي. 


ولجأت الولايات المتحدة الأميركية إلى انتهاج سياسة الخطوة خطوة لتحقيق هدف التصفية عبر أولاً تقليص عدد اللاجئين الفلسطينيين من قرابة ال7 ملايين إلى 40 الف لاجيء، حيث تم الحديث عن فصل الأبناء والأحفاد عن الإباء والجدود؛ ثانيًا فرض عقوبات على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين بذرائع عدة؛ ثالثًا تقليص الدعم المالي للوكالة لتخفيض حجم المساعدات الصحية والتربوية واللوجستية المقدمة لأبناء الشعب الفلسطيني في بلدان اللجوء والشتات؛ رابعًا العمل على مؤامرة توطينهم في العديد من الدول العربية، وفتح أبواب الهجرة الطوعية للالاف منهم لدول أوروبا والاميركيتين؛ خامسًا تنصيب عددًا من الموظفين المركزيين على رأس "الاونروا" لانتهاج سياسات تآمرية ضد اللاجئين لمحاصرتهم من خلال تقليص الخدمات المقدمة لهم بذرائع مختلفة لتخفيض عددهم. وغيرها من السياسات ذات الصلة بشطب ملف اللاجئين، وحرمانهم من حق العودة لمدنهم وقراهم وديارهم التي طردوا وشردوا منها عام النكبة وبعد هزيمة يونيو 1967.  
ومنذ شن حرب الإبادة الجماعية من قبل الولايات المتحدة وحلفائها في الغرب الرأسمالي ودولة إسرائيل على أبناء الشعب الفلسطيني عمومًا وفي قطاع غزة خصوصا منذ 115 يومًا خلت، وملف التهجير القسري مطروح للتنفيذ، ورغم ادعاء إدارة بايدن انها لا تعمل على التهجير شكليًا، إلا أنها مازالت تقود ترجمته على الأرض، ولم تتراجع قيد أنملة عن ذلك الهدف الإجرامي، الذي يشكل عنوانًا أساسيًا من حرب الإبادة الجماعية الآن. 

والجديد على هذا الصعيد منذ بداية الأسبوع الحالي أول أمس السبت 27 يناير الحالي بعد ادعاء دولة إسرائيل الفاشية بوجود قرائن على تورط 12 فلسطينيًا من العاملين في "الاونروا" في العملية الفدائية 7 أكتوبر 2023، حتى أعلنت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وأستراليا وكندا وفنلندا وهولندا وسويسرا وإيطاليا عن تجميد دعمها المالي للوكالة الاممية كمقدمة لتكريس هدف تصفية وكالة الغوث الأممية، التي يعتبر وجودها معلمًا أساسيًا على قضيتهم وحقوقهم السياسية في العودة لوطنهم الأم فلسطين. 
مع أن الادعاء الإسرائيلي كاذبًا ومزورًا، إلا أن واشنطن وباقي عواصم الغرب المذكورة أنفًا تساوقت معها، أسوة بما جرى من إدارة بايدن، عندما تبنى رئيسها بايدن كذبة "قطع الرؤوس" من قبل الفدائيين، و"اغتصاب النساء"، واتخذت إجراءات غير مسؤولة ضد "الأونروا". ولنفرض الادعاء الإسرائيلي صحيحًا، هل يعقل معاقبة ال7 ملايين لاجيء، وما يزيد على 30 ألف موظف من الجنسين جلهم من اللاجئين الفلسطينيين. لأن 12 موظفًا ارتكبوا خطأً ما؟ وهل يجوز في زمن حرب الإبادة الجماعية التي يخضونهما جميعًا على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وحيث تنعدم المساعدات الإنسانية عنهم في ظل الحصار والعقاب الجماعي المفروض عليهم منذ قرابة ال4 أشهر تجميد الدعم المالي للوكالة، التي بالأساس تعاني من عجز مالي كبير؟ وهل يعقل وفق الأنظمة القانونية كلها اتخاذ إجراءات جزرية ضد المتهمين قبل أن تثبت التهمة عليهم، وقبل انتهاء التحقيق؟ وكيف تحققت قيادة وكالة "الاونروا" من التهم، واتخذت قرارًا بفصل 9 موظفين من ال12 موظفًا؟ إلا يعني تورط قيادة وكالة الغوث مع هدف الإدارة الأميركية وإسرائيل ومن لف لفهم؟ إلا تنص القوانين الأممية عمومًا وقوانين الدول المختلفة أن "المتهم بريء حتى تثبت أدانته"، إذا على أي أساس تم فصل ال9 موظفين في زمن الحرب؟ وهل ادعاء دولة إسرائيل القائمة على الأكاذيب والتزوير والأساطير صحيحا؟ ألم تزور إسرائيل ومن خلفها أميركا الشمالية آلاف من الأكاذيب لتسويق بضاعتهم الفاسدة والمتناقضة مع الحقائق؟ 


أسئلة عديدة تكشف الخلفية الحقيقية لادعاء إسرائيل اللقيطة ومن تساوق معها، ومعهم بعض المسؤولين من قيادة "الاونروا" لتنفيذ خيار تصفية الوكالة، الأمر الذي يتطلب من القيادة الفلسطينية والدول الشقيقة ودول العالم كافة وهيئة الأمم المتحدة باتخاذ الإجراءات الكفيلة بوقف سياسة العقاب الجماعي، وتكريس جانب هام من جوانب حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني. الكرة في مرمى العالم لجماية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين حتى عودتهم لوطنهم وديارهم التي طردوا منها.