بقلم: فاطمة إبراهيم

داخل غرفة صغيرة في منزل جيرانها في مخيم جنين تجلس حيفا منصور ٣٠ عاماً برفقة أبنائها الثلاثة، وأبناء جيرانها الأربعة، منذ أكثر من ٥ ساعات، خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي للمخيم ومداهمة منزلها ومنازل جيرانها.

واقتحمت قوات الاحتلال حارة جورة الذهب في عمق مخيم جنين، حيث تسكن منصور، وفتشت المنازل فيها واحتجزت المواطنين واعتقلت الرجال منهم في عملية عسكرية مستمرة منذ فجر اليوم الثلاثاء.

تقول حيفا: "قصفت قوات الاحتلال الأسبوع الماضي منزل الجيران فتضرر منزلي بشكل كبير، لذا انتقلت اليوم لمنزل الجيران في الجهة المقابلة، وقلت هناك أكثر أماناً، لكننا تفاجأنا بدخول جنود الاحتلال إلى داخل المنزل، بطريقة وحشية واحتجزونا في غرفة صغيرة ومنعونا من الخروج".

واحتجزت قوات الاحتلال قرابة ١٥ شخصاً في غرفة واحدة قبل أن يقوموا بتفتيش باقي المنزل والمنازل المجاورة، وتخريب الأثاث وإلقاء الطعام على الأرض والاعتداء على النساء بالشتم والألفاظ النابية، "بقينا ل٣ ساعات في الغرفة وأحد الجنود يقف على بابها ويمنعنا من الحركة، لم يسمحوا للصغار بالذهاب إلى الحمام، أو حتى للمطبخ لشرب الماء، قالوا لي ممنوع ابقي هنا، وحين حاولت جارتي سؤالهم عن سبب رمي الأغطية على الأرض وتوسيخها قالوا لها اغسليها أنت".

وحتى الآن لا تزال قوات الاحتلال تنتقل من بيت إلى بيت داخل حارة جورة الذهب والحارات المجاورة في مخيم جنين، وتفتشها وتعيث فيها خراباً، فيما جمعت عدداً كبيراً من الرجال وحققت مع بعضهم ميدانياً واعتقلت البعض الآخر.

وتظهر مقاطع فيديو انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي آثار الدمار الكبير الذي أحدثته جرافات وآليات الاحتلال في شوارع وحارات المخيم، فيما تقوم الطائرات المسيرة الإسرائيلية بالتشويش على خطوط الهاتف والإنترنت داخل مدينة جنين والمخيم بشكل خاص.

ودمرت الجرافات العسكرية دوار الشهيد كمال أبو وعر في حي الجابريات، كما دمرت عددًا من الشوارع والمركبات وخطوط الكهرباء وشبكات المياه والصرف الصحي، بطريقة انتقامية واستفزازية أثارت غضب المواطنين وكل المتابعين.

وتابعت حيفا، "الحياة هنا باتت صعبة جداً دمروا كل شيء في المخيم، خروج الأطفال إلى المدارس وعودتهم منها هو مهمه صعبة، وللأسف بشكل يومي يسير الأطفال في الوحل وتغرق ملابسهم في الاوساخ عند عودتهم من المدارس بسبب تجريف شوارع المخيم المستمر".

وتضيف، "إبني الصغير يبلغ من العمر ٧ سنوات طلب من والده منذ يومين أن يستأجر لنا بيتاً خارج المخيم ليرتاح من عذاب الطريق من وإلى المدرسة، أيضاً لان حركتهم داخل المخيم أصبحت محدودة وهؤلاء أطفال لا يمكن تقيديهم، ناهيك عن الخطر الدائم مع اقتحامات الجش شبه اليومية".

وحتى الآن يصعب على طواقم الإسعاف دخول المخيم وتقديم الإسعاف للجرحى أو نقلهم إلى مستشفيات المدينة التي حاصرتها آليات العسكرية منذ بدء الاقتحام فجرًا.

ويقول مدير مستشفى جنين الحكومي الدكتور وسام بكر: "قوات الاحتلال تتمركز عند مدخل المستشفى وتعيق حركة سيارات الإسعاف من وإلى ساحة المستشفى، كما أنها ألقت قنابل الغاز في الساحات الخارجة ما أدى إلى إصابات بالاختناق في بعض الأقسام".

واقتحمت قوات الاحتلال مدينة جنين ومخيمها عند الساعة الثالثة فجراً وقصفت بطائرة مسيرة موقعًا في حي السيباط في البلدة القديمة في المدينة، ما أدى إلى استشهاد ٤ شبان.

كما قصفت تلك القوات سيارة مدنية في المخيم وجمعوا عشرات المواطنين بعد تكبيلهم وعصب أعينهم في منطقة قرب المدينة، في عملية عسكرية واسعة ومستمرة حتى الآن.