تكشف تصريحات رؤوس منظومة الاحتلال الاستيطاني العنصرية (اسرائيل) عن الخطط المبيتة لقطع الجغرافيا فيما بين فلسطين والمملكة الاردنية الهاشمية، تمهيدًا – حسب تقديراتنا – لقطع العلاقة المصيرية بين شعبي فلسطين والأردن، وإن كنا على ايمان مطلق بأنه لن يفلح في تحقيق هذا الهدف، أما ذريعة الأمن التي يتخذها رئيس حكومة المنظومة بنيامين نتنياهو لإطباق الحصار على الشعب الفلسطيني في فلسطين المحتلة، فليست اكثر من مبرر هش لا يمكن تصديقه ، فالحدود الطبيعية كوادي نهر الأردن، ووعورة التضاريس بين فلسطين المحتلة والمملكة تكفي وحدها لتكذيب مبررات بنيامين نتنياهو، فكيف إذا زدنا عليها تقنية الرصد الجوي بتكنولوجيا عالية الدقة من الفضاء، وعشرات الكيلو مترات على الأرض من الحدود الأمنية وحقول الألغام القائمة حتى الآن في المناطق والثغرات المحتملة لتسلل طالبي اللجوء الأفارقة وتهريب آلاف قطع السلاح!! كما ادعى نتنياهو في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) حيث تعهد ببناء جدار امني على طول الحدود مع المملكة الاردنية الهاشمية بطول 309 كم، رغم اقراره بالكلفة العالية جدا لإنشائه (مليارات الدولارات) مع التأكيد أن فكرة انشاء الجدار على طول الحدود مع الاردن طرحها وزير الجيش في المنظومة يوآف غالانت. وقد طرحت خطة إنشاء الجدار الأمني قبل أكثر من عقد ونصف العقد ، ونفذ منه جزء يبلغ طوله 30 كيلومترا بالقرب من مدينة إيلات في أقصى الجنوب ومطار رامون الدولي الجديد، وتم تجديده وصار مشابها للجدار الأمني مع جمهورية مصر العربية على حدود فلسطين في قطاع غزة.
يحمل نتنياهو المحكمة العليا مسؤولية تزايد رقم المتسللين الأفارقة وطالبي اللجوء ، ووصفهم بالخطر على كيان منظومته بقوله: "سيدمرون بلدنا" – ومع تأكيد عدم اعترافنا وإقرارنا بعبارة " بلدنا " – فإننا لا نرى في اعادة ما تم طرحه قبل حوالي سبع سنوات من الآن حول ضرورة انشاء الجدار على كامل حدود فلسطين المحتلة مع المملكة إلا تطبيقا لخطط " أعداء السلام " الذين لن يوفروا وسيلة لتبديد ادنى فرصة لتحقيقه ، ليس مع الشعب الفلسطيني وحسب ، بل حتى مع المملكة الاردنية ، فهذا الجدار – بمثابة اتهام صريح للملكة - لكنه كاذب – بضعف قدرتها على ضبط حدودها ، نعتقد ذلك لأننا على يقين أن المملكة الاردنية معنية بعدم استغلال حدودها لتهريب السلاح ، او البشر ، لأن النتيجة حتما عكسية وخطيرة على أمن المملكة وفلسطين ، ونعتقد أن الدليل حاضر في سهر أجهزة الأمن على الحدود مع سوريا حيث احبطت عشرات العمليات لتهريب ممنوعات ( مخدرات وأسلحة ) بواسطة طائرات مسيرة . ونعتقد أن شهادة مسؤولين أمنيين في جيش المنظومة وشرطتها حول نجاعة السياج القديم القائم على الحدود مع المملكة لمنع معظم محاولات التهريب ( الأسلحة والبشر ) وقائم بطول 309 كم ، دليل آخر على ضعف حجة نتنياهو ، وتكفي لكشف الأهداف الحقيقية المقصودة من انشاء الجدار !. فنتنياهو تحدث عن إنشاء جدار امني مع الأردن سنة 2012 وأوعز لقادة عسكريين البدء بالتخطيط، على أن يجهز بأجهزة استشعار في سنة 2015، ثم عاد ليعلن سنة 2016 اعتزامه "إحاطة إسرائيل بأكملها بسياج".
يبحث نتنياهو عن مبررات أمنية لإنقاذ شخصه وحكومة الصهيونية الدينية الارهابية العنصرية التي يرأسها ، ويحاول تحميل فشل منظومته الامنية في مواجهة الشعب الفلسطيني في فلسطين المحتلة على دول وقوى خارجية ، متهما طهران بالذات ، بأنها وراء عمليات تهريب السلاح الى الضفة الغربية ، رغم علم نتنياهو ومعرفته القاطعة للشك مدى حرص القيادة الاردنية على أمن الشعب الاردني في المملكة ، وحجم التوافق بين القيادتين السياسيتين في فلسطين والمملكة فيما يخص طبيعة وأدوات النضال الشعبي السلمي، والتعاون الأمني المشترك في كل المسارات الضامنة لأمن الاردن وفلسطين.
ندرك جيدا مسعى نتنياهو لاختلاق ذرائع ومبررات وأعداء غير موجودين على الأرض فعليا ، فهو وأركان الشاباك يحاولون اقناع الجمهور أن طهران وراء سر انتشار آلاف قطع السلاح المنتشرة والمستخدمة في الجريمة الفردية والمنظمة على حد سواء في بعض اوساط المواطنين الفلسطينيين في مدن وقرى وبلدات فلسطين المحتلة سنة 1948 ، وكذلك قطع السلاح المنتشرة لدى بعض الجماعات الفلسطينية المسلحة ، لكن تقاريرالصحافة الاستقصائية ، وتقارير المنظمات الحقوقية ، اثبتت أن السبب الرئيس لنمو هذه الظاهرة الخطيرة في المجتمع العربي هو اغماض الشرطة الاسرائيلية بصرها عن عمليات الاتجار بالسلاح ، ما دامت وجهته النهائية في ايدي الجمهور العربي ، أو في ايدي شبان ورجال عشائر وعائلات وافراد في مدن وبلدات وقرى فلسطينية محتلة منذ سنة 1967 ، تأكدوا سلفا أنها لا تشكل خطرا على امن المنظومة لا من قريب ولا من بعيد.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها