قبل عشرة أيام خلت انفجر الصراع بين الجنرالين حليفي الامس القريب، اللذان تآمرا على قوى الثورة السودانية المدنية، ومازال الصراع محتدما، رغم الاتفاق على هدنة شكلية لمدة ثلاثة أيام بمناسبة حلول عيد الفطر السعيد، إلا أن سعار نيرانه (الصراع) زاد واتسع بالتهامه مئات الضحايا وآلاف الجرحى، وكل من الفريق اول عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش، وعدوه الحالي الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) يتوعدان بعضهما البعض بمواصلة الحرب المجنونة والمسعورة لتصفية حسابهما مع بعضهماعلى حساب دماء الأبرياء من أبناء الشعب السوداني الشقيق. 

والمصيبة الكبرى ان كلاهما اسير اجندات إسرائيلية وأميركية وإقليمية، ولا يوجد فيهما شخصية معنية بمصالح الشعب السوداني العليا، وحساباتهما الشخصية بالإضافة لارتهانهما للأهداف الصهيواميركية، وهما على تواصل شبه يومي مع اسيادهما وخاصة في واشنطن وتل ابيب لتجديد ولاءهما الرخيص. وكما يعلم الجميع انهما اتفقا مع إسرائيل برعاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2020 على التطبيع الاستسلامي المجاني مقابل شطب نظامهما السياسي من قوائم الإرهاب الأميركية، وقاما بالانقلاب على الاتفاق الإطاري مع قوى اعلان الحرية والتغيير عام 2021 بهدف تقاسم النفوذ لكنهما اختلفًا على توزيع الغنائم بينهما، مما فجر الصراع يوم السبت الموافق 15 إبريل الحالي. 

والأنكى مما تقدم، زج مستشار قائد قوات "الدعم السريع"، يوسف عزت في اتصال أجراه مع روعي كايس، مراسل قناة "كان" الإسرائيلية بالشعب العربي الفلسطيني دون أي وجه حق، عندما قام بمقاربة فاضحة كشف عن عمالته لدولة الإرهاب المنظم بقيادة حكومة الترويكا الفاشية بزعامة نتنياهو، وإدعى أن "ما تمر به قوات "الدعم السريع"، مرت به إسرائيل آلاف المرات مع ما اسماه ب"المنظمات الإرهابية" الفلسطينية. وهذا تجني وقح على نضال الشعب العربي الفلسطيني، وفيه تطاول غير مسبوق ومرفوض ومدان من قبل الكل الفلسطيني. 

وبدل اتهام الشعب العربي الفلسطيني وفصائله السياسية ب"الإرهاب"، الذي يدافع عن حقوقه السياسية والقانونية، ويدعو للسلام الممكن والمقبول ووفق قرارات الشرعية الدولية على أساس خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، كان الاجدر به، أن يبحث عن مقاربة أخرى. لكنه أسوة برئيسه شاء أن يبرر جرائم الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني. وهذا أمر ليس مفاجئًا ولا مستغربًا على قيادات سودانية ارتهنت للاجندة الصهيو أميركية، وذلك بهدف استرضاء إسرائيل، وكسب ودها ودعمها ودعم أسيادها في البيت الأبيض.

مؤكد أن عزت لم يخنه التعبير عن نفسه، إنما عكس حقيقة موقف قائده ومجموعته المتصارعة مع عدوهم الحالي البرهان الذي لا يقل تبعية وخطورة على مستقبل السودان الشقيق وحركته الوطنية، لأن الأخير أيضًا سعى ويسعى لكسب إسرائيل لجانبه، ودعمها ضد حليف الأمس، عدو اليوم. وبالتالي المستفيد الأول هي دولة التطهير العرقي الإسرائيلية، وعلى حساب مصالح الشعب السوداني. 

إذاً ما تقدم يميط اللثام عن طبيعة الصراع المتفاقم بين العملاء والخونة الذين اغتصبوا ثمار كفاح الشعب السوداني وحركته الوطنية، وهدروا دماء السودانيين الأبرياء والعزل تنفيذا لاهداف أعداء السودان والشعب العربي الفلسطيني خصوصًا وشعوب الامة العربية كلها، ومازالوا يعيثون فسادًا ودمارًا في أرض السودان. 

وهذا شجع حكومة نتنياهو السادسة الفاشية للمبادرة برعاية اتفاق مصالحة بين طرفي الصراع الدائر في السودان، وفق ما اعلن المراسل السياسي الإسرائيلي، باراك رفيد أمس الإثنين، من أن وزير الخارجية وجه دعوات من خلال قيادة جهاز الموساد لكل من البرهان وحميدتي للقاء قمة في تل ابيب لترعى المصالحة بينهما، وتعيد تقسيم النفوذ بينهما. وأشار المراسل الإسرائيلي إلى أن كلاهما ينظر بإيجابية للمبادرة الإسرائيلية، التي تدعمها وتتبناها الولايات المتحدة الأميركية.

وأعتقد أن إسرائيل وجهاز الموساد ومن خلفهما جهاز الCIA سيدسان السم في عسل المبادرة لتأجيج النيران أكثر فأكثر بين العميلين، ودفع الأمور نحو تعميق الانقسام والتشرذم بين أبناء الشعب السوداني. الأمر الذي يتطلب من قوى إعلان الحرية والتغيير وكل سوداني غيور على وحدة الأرض والشعب والمصالح الوطنية السودانية التصدي للمبادرة الصهيو أميركية، ودعوة الشرفاء من أبناء القوات المسلحة والمنضوين تحت راية ما يسمى "الدعم السريع" لمغادرة ساحة الصراع، والانضمام لقوى الحرية والتغيير، ووقف جذوة حرب الأعداء، لحماية دماء السودانيين جميعًا، وصون أهداف الثورة السودانية، التي أطاحت بنظام الرئيس السابق عمر حسن البشير، وبناء النظام السياسي الديمقراطي، نظام المواطنة دون تمييز، والانتصار لارادة الشعب السوداني العظيم.