في الوقت الذي تسعى فيه دول العالم لحماية مواردها الطبيعية والبيئية من الاستنزاف، يعيش الفلسطينيون على وقع الكارثة المائية الخطيرة التي تهدد حياتهم في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي بنهب المياه الفلسطينية وتلويثها وتدميرها، في محاولة لإتباع أسلوب تعطيش منظم للمواطن الفلسطيني.
حقائق وأرقام تحدث عنها نائب رئيس سلطة جودة البيئة جميل المطور، حول أبرز الجرائم التي يقترفها الاحتلال الإسرائيلي ضد البيئة الفلسطينية، حيث قال: 'إن إسرائيل تسيطر على ما نسبته 85% من الأحواض المائية والمياه الجوفية وسرقة هذه المياه واستغلالها والهادفة إلى إنهاك البيئة الفلسطينية وضرب مقومات بناء الدولة الفلسطينية'.
وذكر المطور، في مؤتمر صحفي برام الله أن هناك حربا إسرائيلية شرسة على البيئة الفلسطينية، ففي الفترة الواقعة ما بين عام 2000 وحتى الآن قام الإسرائيليون باقتلاع ما يزيد عن مليون ونصف شجرة زيتون معمرة من أصل 11 مليون شجرة مزروعة في الأرض الفلسطينية، والتي أثبتت أنها من أكفأ النباتات في امتصاص 520 طناً من غاز ثاني أكسيد الكربون.
وأشار إلى أن سلطة جودة البيئة تمكنت من ضبط ما يقارب ألفي لوح من 'الإسبست' محظورة الاستخدام في محافظة طولكرم، تم تهريبها بواسطة تجار فلسطينيين من إسرائيل، حيث أن استخدامها يسبب أمراضا خطيرة وعلى رأسها السرطان، وهذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها الإسرائيليون تهريب نفاياتهم الصلبة بطرق مختلفة لتلويث المياه الجوفية الفلسطينية.
وحسب مصادر هيئة المياه الإسرائيلية، يستخدم حاليا 4 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة نحو 323 مليون متر مكعب سنويا من مصادرهم المائية، لتلبية الاحتياجات المنزلية والصناعية والزراعية، وفي المقابل يستخدم نحو 6 ملايين إسرائيلي حوالي 2009 مليون متر مكعب من المياه سنويا.
وذكر مدير عام مجلس المياه الوطني أحمد الهندي، 'أن هناك تفاوت بارز في الحصول على المياه بين الإسرائيليين والفلسطينيين، حيث يبلغ استهلاك المياه للفلسطينيين في الأرض الفلسطينية ما يقارب 70 لترا للفرد في اليوم، ويقل كثيرا عن المستوى التي توصي به منظمة الصحة العالمية وهو 100 لتر للفرد يوميا، بينما يبلغ معدل استهلاك الفرد في إسرائيل ما يقارب 300 لتر يوميا'.
وأضاف: هناك قيود تفرضها إسرائيل على حصول الفلسطينيين على إمدادات المياه في الأرض الفلسطينية، حيث تسيطر على موارد المياه والأراضي، كذلك تقيد حركة تنقل الأشخاص والبضائع في ظل وجود نظام معقد للحصول على التصاريح اللازمة للفلسطينيين من لجنة المياه المشتركة ومن الجيش الإسرائيلي، قبل تنفيذ المشروعات المتعلقة بالمياه، بالإضافة إلى سياسات الهدم المتعمد للمنشآت المائية الفلسطينية مثل آبار استخراج المياه الجوفية، وآبار تجميع مياه الأمطار في مناطق 'ب' و'ج' الخاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية وتعد مياه نهر الأردن أهم مصدر تستخدمه إسرائيل للمياه العذبة، وهو يغطي نحو 33% من المياه العذبة التي يستهلكها الإسرائيليون.
وأشار الهندي إلى أن إسرائيل تواصل حرمان الفلسطينيين من الانتفاع بمياه نهر الأردن، وما زالت تواصل الاستيلاء على نصيبهم من مياه النهر، كذلك فهي تقوم بإحداث أضرار كبيرة وبعيدة المدى في النهر عبر تحويل مجراه عند المنبع، والقيام بما يكاد يمثل تجفيفا للنهر، والسماح بتصريف مياه المجاري، الأمر الذي أدى إلى تلويث النهر.
ونوه الهندي إلى أنه بموجب القانون الدولي، فإن إسرائيل تتحمل مسؤوليات محددة بدقة تجاه احترام حق الفلسطينيين الإنساني في المياه، وتنطبق مجموعتان من الأطر القانونية المتكاملة على سلوك إسرائيل باعتبارها دولة احتلال، وهما القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الإنساني الدولي، كما وينطبق القانون الدولي الخاص في هذه الحالة بإدارة وتنظيم مصادر المياه المشتركة، فالحق في المياه حق معترف به باعتباره من مقومات حق الإنسان في مستوى معيشي ملائم بموجب المادة 11 من 'العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية'.
وتستولي إسرائيل سنويا على أكثر من 600 مليون متر مكعب من مياه بحيرة طبريا، وتنقلها عبر 'ناقل المياه القطري' إلى صحراء النقب، ولا تسمح إلا لكمية قليله جدا من مياه البحرية بأن تتدفق إلى نهر الأردن.
وعرض مدير عام مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين أيمن الرابي، إحصائيات وصور حول الإنتهاكات الإسرائيلية، خاصة في الجزء السفلي من حوض نهر الأردن، حيث أن كمية المياه المتجددة سنويا في هذا الجزء تبلغ 2.8 مليار متر مكعب سنويا، نصفها من المياه الجوفية والآخر من المياه السطحية، تساهم فلسطين بما يقارب 50% من مجمل المياه الجوفية الموجودة في الضفة الغربية، و10% من المياه السطحية.
وأضاف: 'الكمية المتاحة من المياه الجوفية المكونة من الحوض الغربي والشرقي والشمالي، والتي تبلغ كمية المياه المتجددة سنويا في الجزء الغربي منها نحو 362 مليون متر مكعب، تسمح إسرائيل للفلسطينيين باستغلال 22 مليون متر مكعب، والكمية العظمى من هذا الحوض تستغل من قبل الإسرائيليين.
ونوه الرابي إلى أن هناك تناقصا في حوض البحر الميت، نتيجة تناقص كمية المياه التي تصله من نهر الأردن، فقد بلغت نسبة المياه الواصلة للبحر الميت في السابق 1.3 مليون متر مكعب، بينما اليوم لا تتعدى نسبة هذه المياه 100 مليون متر مكعب، أي أقل من عُشر الكمية المتاحة لهذا النهر بفعل الممارسات الإسرائيلية.
وتعمل مصانع البحر الميت الإسرائيلية منذ عشرات السنين وتضخ سنوياَ أكثر من 250 مليون متر مكعب من الحوض الشمالي للبحر، حيث تعد مسؤولة أساسية عن التراجع السنوي في مستوى البحر الميت وبالتالي جفافه.
وأشار مدير وحدة الأبحاث في مركز العمل التنموي 'معا' جورج كرزم، إلى تضليل وتزوير إسرائيل الحقائق حول حوض نهر الأردن، وقال: 'النهب الإسرائيلي الهائل خلال العقود الأخيرة لمياه بحيرة طبريا التي تغذي النهر، أدى إلى تقليص حجم المياه الواصلة له حتى باتت لا تتجاوز 40 مليون متر مكعب من أصل مليار و300 مليون متر مكعب، في حين لا يتجاوز عرض النهر 6 أمتار من أصل 60 مترا، بينما لا تتجاوز المياه الطبيعية التي تصب في الجزء الجنوبي من النهر 2%'.
وأضاف :'أقامت إسرائيل سدا في منطقة تبعد كيلو متر واحد من موقع خروج المياه من بحيرة طبريا منعا لتدفق المياه للنهر، كما أقامت العديد من السدود منعا لجريان المياه التي تصب بداخله، بالإضافة إلى تحويل جريان المياه إلى مجاري أخرى، كذلك فإن المياه الوحيدة والثابتة التي تصب في نهر الأردن هي المياه العادمة الإسرائيلية غير المعالجة، والمياه المرتجعة من الزراعة حتى تحول لون مياهه إلى اللون الأخضر، ناهيك عن الرائحة الكريهة المنبعة منه، ما أدى إلى موت الكثير من أحياءه ونباتاته الهامة'.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها