تقرير: وعد الكار

تعكف الأربعينية شيرين زعول، التي تعاني من إعاقة حركية في يدها اليمنى، على تعليم صناعة المشغولات اليدوية للطلائع في المخيم الصيفي "عين الهوية الخامس" في قرية حوسان غرب بيت لحم

بعناية فائقة تقص شيرين الأقمشة الملونة وتلصقها على بعض الفخاريات والزجاجات الصغيرة، وتسير بخطواتها بهدوء لتعليم الطلائع كيفية تدوير النفايات واستخدامها كمناظر جميلة لتزيين الطبيعة، كما تعلمهم قص الأوراق الملونة وتشكيلها لصناعة الورود المختلفة، لتكتمل لديهم مزهرية من الورود.

تقول شيرين: "إن شغفها للعمل هو ما يدفعها لتعليم الصغار ما تتقنه هي من مشغولات، مؤكدة ان لمعة عيونهم في حب التعلم والاستفادة تشعرها بالإنجاز".

وتضيف انها منذ خمس سنوات انضمت كمتطوعة للعمل في مخيم صيفي "عين الهوية" وبدأت حينها كمساعدة ثانوية، ولكن هذا العام ولأول مرة تم استيعابها في المخيم كمنشطة رئيسية في قسم المشغولات اليدوية، مؤكدة أن هذا الأمر انعكس عليها إيجابا واعطاها دفعة للأمام للاستمرار مهما كانت الظروف.

وتبين أن استيعاب ذوي الإعاقة في الأنشطة يمنحهم القوة والجرأة للتعامل مع الناس ومخاطبتهم ومواجهة المجتمع دون خجل من الإعاقة مهما كانت، مشيرة إلى أن دمج ذوي الإعاقة في مختلف النشاطات حاجة ملحة وضرورية وذلك لإتاحة الفرص لهم لأخذ حقهم أسوة بأقرانهم.

وأضافت: "أنها سعيدة بكونها تعلم الطلائع المشغولات اليدوية فهي تفرِّغ طاقاتهم وتجذب إبداعاتهم وتترجم أفكارهم بأشياء ملموسة، كما انها تشعرهم بالإنتاج".

بعيونها، تتابع تالا هشام (١٤ عاما) التي تعاني من إعاقة حركية في قدميها، تعليمات شيرين لتطبيق الخطوات اللازمة لتلوين فخارة صغيرة، وتقول إنها سعيدة بوجودها في هذا المخيم الصيفي الذي صقل شخصيتها ونمّى لديها العديد من المهارات وساعدها على تكوين صداقات جديدة.

وتضيف انها تكتب الشعر واستطاعت لأول مرة ان تقف أمام طلائع المخيم وأن تلقي قصيدتها التي تتحدث فيها عن حب الوطن واهمية الصمود، مؤكدة انه شعور لا يوصف بأن تشعر بأهمية ما تقوم به وان ترى التقدير في عيون الجميع.

وبدورها تقول رئيسة جمعية تمكين لذوي الإعاقة وهي مديرة مخيم "عين الهوية" الخامس، تغريد زعول، انها تعمدت إقامة هذا المخيم الصيفي بمشاركة منتسبي مؤسستها من ذوي الإعاقة والبالغ عددهم ٢٥ إضافة إلى استيعاب ٤٢ طليعيا وطليعية سليمين لدمجهم مع اقرانهم في كل الأنشطة والزوايا.

وتقول إن أهمية المخيمات الصيفية تكمن في صقل شخصية الطلائع بشكل عام وخاصة ذوي الإعاقة من خلال غرس قيم الالتزام والنظام والابتكار في نفوسهم، إضافة انها وسيلة مهمة للتسلية وممارسة الانشطة اللامنهجية.

وبينت أن من اهم المقومات تم الاعتماد عليها لإقامة مخيم يدمج ذوي الإعاقة مع اشخاص سليمين هو وجود مدرسة موائمة لطبيعة حركتهم والانشطة التي يتم تقديمها، إضافة إلى وجود فريق متمكن ومتدرب للعمل مع هذه الفئة الموجودة في المجتمع، خاصة ان هناك اختلافا في طبيعة الإعاقات، فيوجد الإعاقات الحركية والذهنية والسمع والنطق والتوحد، من بسيط لمتوسط، إضافة إلى ٤ حالات شديدة.

وتشير إلى أن من أبرز الصعوبات التي واجهتهم، ثقافة المجتمع نحو الأشخاص ذوي الإعاقة والخوف من التعامل معهم، آمله ان لا تمر اي فعاليات أو انشطة ثقافية او اجتماعية إلا بمشاركة ودمج ذوي الإعاقة، مؤكدة على ان ذلك يخلق مجتمع متماسك.

من ناحيتها قالت منسقة المخيمات الصيفية في بيت لحم مي الخطيب، إن في محافظة بيت لحم يوجد ٤٠ مخيما صيفيا تم توزيعها على مختلف المناطق، وتم استيعاب ٢٨٠٠ طلائعي وطلائعية ما بين عمر ١٢-١٧ عاما، تشمل عدة زوايا وهي التثقيف الوطني، والتوعية الالكترونية، والمشغولات اليدوية، والفنون الشعبية، والرياضة، والدراما والمسرح، والكتابة الإبداعية.

وأشارت الى انه من الملفت مشاركة نحو ٢٥ من ذوي الإعاقة في مخيم عين الهوية، والذي يعتبر من انجح المخيمات الصيفية على مستوى المحافظة هذا العام، مؤكدة ان هذا حافز لزيادة عدد المخيمات الصيفية التي تدمج ذوي الإعاقة.

وتشير إلى أن حوالي ٨٥% من المخيمات دمجت ذوي الإعاقة بأعداد متفاوتة ويقدر عددهم ب ٥٠ طفلا ولكن نصيب الاسد كان لمخيم "عين الهوية".