أبناء شعبنا الفلسطيني المناضل في الوطن والشتات،
ستةٌ وأربعون عامًا تمرُّ على "يوم الأرض" الفلسطيني الخالد، هذا اليوم الذي تجلَّت فيه وحدة شعبنا الفلسطيني على امتداد الوطن لتُجسِّد ردًّا مُدويًا على كل محاولات انتزاع شعبنا من أرضه وتمزيق نسيجه الوطني وطمس هُويّته الوطنية الفلسطينية.
لقد كرّس يوم الأرض محطةً سياسيةً مفصليّةً في صراع شعبنا مع المحتل الغاصب وانتزاع أحقيته في أرضه التاريخية وحقوقه الوطنية المشروعة وحربه ضد سياسية الاحتلال العدوانية الاستيطانية، هذه السياسة الاستعمارية التوسُّعية التي بلغت أوجها عام ١٩٧٦ بعد سلسلة من القرارات الإسرائيلية الجائرة الهادفة إلى مصادرة الأراضي الخاصّة بأهالي القرى والبلدات العربية بما فيها قوانين (الأراضي البور، أملاك الغائبين، قانون المواطنة والعودة، استملاك الأراضي...)، فجاء قرار الاحتلال بإغلاق المنطقة (9)- المسماة منطقة "المل" والتي كانت تضم أكثر من ١٣ ألف دونم تخص أهالي سخنين وعرابة ودير حنا- ليُفجّر الأوضاع ويُشعِلها.
كان القرار الفلسطيني بحتمية التصدي لخطة الاحتلال التي من شأنها مصادرة نحو ٢١ ألف دونم من أراضي الجليل والمثلث والنقب لتهويدها وإقامة المستوطنات عليها، فتمَّ إعلان يوم الثلاثين من آذار عام ١٩٧٦ إضرابًا عامًا وشاملاً للأقلية العربية في قرى وبلدات الأراضي المحتلة عام ١٩٤٨، وانطلقت في اليوم الموعود المسيرات الجماهيرية من الجليل إلى النقب، والتي شارك فيها معظم السكان العرب في البلاد، وتصاعد الصدام مع قوات الاحتلال الإسرائيلي.
فأخذت رقعة المواجهات تتّسع انطلاقًا من عرابة البطوف فبلدة سخنين إلى القرى والبلدان العربية في الداخل المحتل وحتى الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، واشتدّت الاشتباكات التي استخدم فيها الاحتلال الرصاص الحي لإسقاط أكبر عدد من الشهداء والجرحى، ما أسفر عن ارتقاء ستة شهداء وهم: خير ياسين من عرابة البطوف، ورجا أبو ريا من سخنين، وخديجة شواهنة من سخنين، وخضر خلايلة من سخنين، ورأفت علي زهيري من مخيّم نور شمس قرب طولكرم، ومحسن طه من كفركنّا، علاوةً على إصابة واعتقال المئات من أبناء شعبنا.
لقد شكّل هذا اليوم منعطفًا تاريخيًا في مسيرة كفاح شعبنا الفلسطيني، إذ جسّد وحدة الموقف والمصير في صفوف أبناء شعبنا الثائر في وجه عدوان الاحتلال وسياسته العنصرية، وأسَّس لعملية تحدي مشاريع الاحتلال الرامية إلى سرقة الأراضي والهُويّة والتراث الفلسطينية، وكان اللبنة المؤسِّسة لتصاعد انتفاضات شعبنا المتعاقبة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
إنَّ شعبنا الفلسطيني وهو يحيي هذه المناسبة المجيدة هذا العام ما زال يرزح تحت وطأة السياسة العنصرية الفاشية التي ما انفكَّ يُمارسها الاحتلال الإسرائيلي منذ إنشاء كيانه الغاصب على أراضينا العربية الفلسطينية، وحتى اليوم، مُمعنًا في إجراءاته وممارساته القمعيةِ والاضطهادِية، إذ لا يتوانى عن مواصلة سياسات القتل المُتعمَّد والعنف والتطهير العرقي والاعتقال التعسُّفي بحق أبناء شعبنا ومصادرة أراضيهم وهدم قراهم، وتهويد أرضنا ومقدساتنا وسياسة الضم والاستيطان والفصل العنصري والتهجير القسري والتطهير العرقي والتنكّر لحقوقهم وكرامتهم الإنسانية.
إنّنا في هذه المناسبة بما تحمل من دلالات على أحقية وشرعية نضال شعبنا بجميع وسائل المقاومة، وأمام هذه الانتهاكات الفاضحة لما نص عليه القانون الدولي والشرائع الدولية كافةً، نطالب المجتمع الدولي بالوقوف عند مسؤوليته، والكف عن سياسة الكيل بمكيالين، والعمل بشكل جدي وسريع على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا ومحاسبته على جرائمه بحق شعبنا وتحقيق العدالة لقضيتنا الفلسطينية.
أبناء شعبنا الفلسطيني الثائر على امتداد المعمورة،
إنَّ شعبنا الفلسطيني الأبي الذي قدّم التضحيات الجسام في يوم الأرض المجيد، بل وعلى مدار ملحمة النضال التاريخية التي يخوضها منذ نحو مئة عام في مواجهة مشاريع الاستعمار والصهيونية والعنصرية، لم تكل عزيمته ولم تهن إرادته، وها هو يثبت يوميًا في الضفة والقدس وغزة والشتات وكل بقاع الأرض أنه لن يتوانى عن مواصلة التضحيات دفاعًا عن حقوقه وثوابته وأرض آبائه وأجداده، متمسّكًا بوحدته وإيمانه المطلق بعدالة قضيته خلف قيادة وطنية حكيمة تصون حقوقه ومشروعه واستقلالية قراره الوطني الفلسطيني، على رأسها السيّد الرئيس محمود عبّاس.
وإننا في الذكرى السادسة والأربعين ليوم الأرض الفلسطينية الخالد نُجدد العهد باسم إعلام حركة "فتح" - إقليم لبنان لجماهير شعبنا بأن "فتح" طليعة النضال بقيادة قائدها العام السيّد الرئيس محمود عبّاس ستبقى الوفية للأرض التي روتها دماء الشهداء والجرحى، وستواصل مسيرة النضال الوطني والصمود في وجه كل محاولات الاحتلال لاقتلاع شعبنا من أرضه وتهويد مقدساتنا والتصدي لجميع المشاريع الهادفة لتصفية وجودنا وحقوقنا وقضيتنا، وستبقى الساعية لتكريس نهج الديمقراطية والتعددية وإنهاء الانقسام وتوحيد الصف الفلسطيني وهو ما يتجلّى في مسيرتها كلَّ يوم قولاً وعملاً.
عاش نضالُ شعبنا الفلسطيني في كل بقاع الوطن والشتات
عاش يوم الأرض الخالد
المجد والخلود لشهداء يوم الأرض ولجميع شهدائنا الأبرار
والحرية لأسرانا البواسل
والشفاء لجرحانا الميامين
وإنّها لثورةٌ حتّى النّصر والتحرير والعودة
إعلام حركة "فتح" - إقليم لبنان
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها