يحيي شعبنا الفلسطيني يوم غد الإربعاء الذكرى الـ "46" ليوم الأرض" الخالد، الذي كان تجسيدًا للهبة الشعبية التي خاضتها الجماهير الفلسطينية في فلسطين المحتلة عام 1948، ففي الثلاثين من آذار عام 1976 وردًا على قرارات حكومة الاحتلال الإسرائيلي بمصادرة 21 ألف دونم من أراضي الجليل والمثلث والنقب، جرت أول مواجهة مباشرة بين المواطنين الفلسطينيين من جهة وسلطة الإحتلال منذ عام 1948م؛ وكانت نتيجتها ارتقاء ستة من الشهداء الفلسطينيين؛ بالإضافة إلى "49" جريحًا ونحو 300 معتقل. 

وامتدت تلك الهبّة لتشمل الضفة الغربية وقطاع عزة والقدس التي برهنت على وحدة وقوة إرادة شعبنا الوطنية وصلابتها، بالتمسك بالإرض ورفض كل سياسات الإحتلال الصهيوني القائم على العنف والتطرف والعنصرية والقتل والسرقة المتواصلة لأراضينا ومواردنا ومحاولات طمس هويتنا الوطنية وتراثنا التاريخي والحضاري والديني في أرض فلسطين.

تطل علينا هذه المناسبة الخالدة في وقت تتصاعد فيه حملات ومخططات الإستيطان الصهيوني في أرضنا وتستمر سلطة الإحتلال في انتهاج سياسة الضم والقضم والفصل العنصري والتهجير القسري والتطهير العرقي والتنكّر لحقوق شعبنا الوطنية الثابتة والمشروعة وغير القابلة للتصرف التي أقرتها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.

ويستمر المجتمع الدولي في إصدار البيانات والإدانات الخجولة ضد الإستيطان، فيما أن العالم وضع كل ثقله وإهتمامة بالحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وتجنّد العالم كلّه من أجل حماية الشعب الأوكراني، فيما شعبنا ما يزال يرزح تحت أبشع أنواع الإحتلال البغيض ويعاني في دول اللجوء والشتات منذ ما يقارب الـ "74" عامًا، دون أن يتحرك المجتمع الدولي بشكل فاعل وقوي لوضع حدّ لسياسات سلطة الإحتلال وإجبارها على تنفيذ كافة قرارات الشرعية الدولية.
وفي يوم الأرض نجدد مطالبتنا للمجتمع الدولي ومؤسساته بضرورة وواجب تحمّل مسؤولياته السياسية والقانونية والأخلاقية تجاه شعبنا وقضيته ووقف الاستيطان وإنهاء الإحتلال والإفراج الفوري عن الأسرى والمعتقلين، والإعتراف الكامل بدولة فلسطين كاملة السيادة على أرضنا الفلسطينية، وإيجاد حل لقضية اللاجئين وفق القرار 194.

ونطالب الدول المانحة بالإيفاء بالتزاماتها تجاه شعبنا وتوفير التمويل اللازم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، "الأونروا" حتى تتمكن من القيام بواجباتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين في كل أماكن عمل الأونروا.

وندعو جميع الدول العربية والإسلامية إلى توفير الدعم اللازم لشعبنا وقضيتنا وتوفير شبكة أمان مالية واقتصادية، وعدم الهرولة نحو التطبيع المجاني مع العدو الصهيوني قبل حل قضية العرب المركزية الأولى، قضية فلسطين.

ونجدد دعوتنا لإنهاء الانقسام البغيض وإنجاز الوحدة الوطنية، ورص الصفوف، ووضع خلافاتنا جانبًا، وتوحيد كل الجهود والطاقات في إطار منظمة التحرير الفلسطينية لمواجهة العدو الصهيوني ومخططاته العدوانية والتوسعية.  

ونؤكد على دعمنا ووقوفنا إلى جانب شعبنا في الأرض الفلسطينية المحتلة عام 48، معربين عن تقديرنا لنضالاتهم دفاعًا عن وجودهم وحقوقهم وأرضهم وهويتهم الوطنية. 

إننا في هذا اليوم الخالد نعبر عن فخرنا واعتزازها بصمود ونضالات شعبنا وتضحياته، مؤكدين على حقّه المطلق بممارسة كل أشكال المقاومة والنضال، ونحيي صموده وإرادته القوية وشجاعته وعزيمتة التي لا تلين بالتمسك بالأرض والثوابت الوطنية وإصراره وإصرار القيادة الشرعية الفلسطينية وعلى رأسها السيد الرئيس أبو مازن على المضي قدمًا في النضال الدبلوماسي والساسي والمقاومة الشعبية من أجل تحقيق أماني وتطلعات شعبنا وحقوقه الوطنية المشروعة في إقامة  دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين إلى أرضهم وديارهم.

إن معركة الأرض لم تنته في 30 آذار 1976؛ بل هي مستمرة حتى يومنا هذا، ونؤكد أن كل الأيام الفلسطينية هي بمثابة "يوم الأرض"؛ ففي كل يوم تصادر حكومة الاحتلال العنصرية الأراضي الفلسطينية، وتبني المستوطنات، وتهدم المنازل وتهجر السكان، ويستمر شعبنا في المواجهة في النقب وفي الشيخ جراح والقدس وكل فلسطين.

عاشت فلسطين حرة عربية أبية، والمجد والخلود لشهداء يوم الأرض الخالد وكل شهدائنا الأبرار، والشفاء العاجل للجرحى والمصابين والحرية للأسرى والمعتقلين.


وإنها لثورة حتى النصر