تقرير: وعد الكار
في شارع النجمة وسط مدينة بيت لحم، فتحت المحال التجارية أبوابها على مصراعيها ضمن فعاليات سوق الميلاد الذي يستمر اثني عشر يومًا.. ازدانت الشوارع بالأضواء مبشرة باحتفالات أكثر صخبًا عن العام الماضي، حيث اقتصرت الاحتفالات آنذاك بفعل وباء "كورونا" على الصلوات الدينية بمشاركة شخصيات رسمية ورجال دين، وخلت من الطابع الشعبي الاحتفالي المعتاد.
تمر من الشارع الشابة العشرينية داليا مرة، التي اعتادت أن تصنع في كل عيد الهدايا والتحف التي يبتاعها السياح الأجانب. تقول داليا: "هذا العام لم نصنع التحف، عرضنا ما تم صناعته العام الماضي من تحف وهدايا لم تبع بسبب جائحة كورونا".
وأضافت: "الوضع مُبكٍ، تفاءلنا قليلاً حينما تم الإعلان عن استقبال السياح ولكن لم يدم هذا التفاؤل طويلاً خاصة بعد إعلان اسرائيل ايقاف استقبال الأجانب، وبذلك تم إلغاء كل الحجوزات في فنادق المدينة".
"في مثل هذا الوقت من العام وقبل أن تحل جائحة كورونا، كان السياح الأجانب يصطفون في طوابير طويلة ينتظرون دورهم للحصول على أكواب الشاي المميز، لكن اليوم لا يوجد أحد"، قال الشاب سامي خميس، وهو أشهر من يقدم الشاي الممزوج بالزنجبيل والعسل وبعض الميرمية، والذي يركن في محل صغير لا تتجاوز مساحته بضعة أمتار على ناصية شارع النجمة.
وأضاف خميس: "إن بيت لحم تحاول أن تفرح بالأعياد، "لكن لا فرح دون سياح.. ولا فرح دون أناس تشاركنا الاحتفالات".
هناك، في شارع النجمة يمكن للمارة من مواطنين وزوار المدينة أن يروا بأم العين الأثواب الفلسطينية التي زينت واجهات متجر زاخر بالحكايات والذكريات الوطنية للسيدة مها السقا، التي تلقب بـ"حامية التراث الفلسطيني"، والتي تقول إنها تأمل بعد انقطاع عامين عن الاحتفالات الشعبية بسبب "كورونا"، أن تنفض بيت لحم الحزن عنها وتحتفل بأجمل وأبهى صورة لتدخل الفرح إلى قلوب الكبار والصغار.
وأضافت: "إنه لأول مرة تم افتتاح كل المحال التجارية في شارع النجمة وقد أقيم فيه سوق الميلاد، بدلا من وضع سوق الميلاد في أكشاك صغيرة في ساحة المهد، مبينة أن هذه رسالة اعتزاز بتراثنا الغني بعمارته العريقة التي تحكي حضارة شعب بأكمله، ببيوته وأزقته وشوارعه الجميلة".
وتبين السقا أنها والسيدات اللواتي يعملن معها في تطريز الزي الفلسطيني واللاتي يقدر عددهن بستين سيدة، عملن بجد واجتهاد للتحضير للأعياد، لكن قرار الاحتلال بعدم دخول السياح شكل خيبة أمل لهن، كون بيع منتجاتهن هو منفسهن الاقتصادي الوحيد.
من جانبه، قال رئيس جمعية الفنادق العربية الياس العرجا إن مدينة بيت لحم تعتمد على سياحة الحجيج الديني الذين يقيمون بالفنادق الفلسطينية، ولكن منذ بداية "كورونا" انقطعت السياحة، مشيرا إلى أنه بدأ العمل في نوفمبر المنصرم لأخذ حجوزات ولكن تم إلغاؤها بعد أن أوقفت إسرائيل استقبال الأجانب عبر مطاراتها بسبب فيروس "كورونا".
وأوضح أن نسبة إشغال الغرف ليلة إضاءة الشجرة وليلة عيد الميلاد 40%، مشيرا إلى أن قرار الاحتلال بعدم دخول السياح إلى الأراضي المقدسة تسبب في إلغاء الحجوزات في الفنادق، وبذلك ستتأثر كل القطاعات في بيت لحم، ابتداء ببائع الخضار والفواكه واللحوم وليس انتهاء بأصحاب المشغولات اليدوية والخشبية.
وعبر العرجا عن أمله بأن تزول جائحة "كورونا" لتتمكن بيت لحم من الاحتفال بأعيادها بحضور الناس من كل أنحاء العالم.
ويأمل المواطنون في مدينة بيت لحم أن تعود الحياة لسابق عهدها، حيث قالت الشابة الثلاثينية لارا بنورة، إنها تأمل هذا العام أن ينتهي وباء "كورونا" والإجراءات الصحية التي أنهكت الناس، مهنئة أبناء شعبنا بأعياد الميلاد التي تدعو للمحبة والسلام.
ويؤكد الشاب العشريني حنا سلمان، أن وباء "كورونا" زاد من نسبة البطالة في صفوف الشباب، خاصة أن بيت لحم تعتمد في دخلها على السياحة، معربا عن أمله بالخلاص من الاحتلال و"كورونا" في آن واحد، فهما "متشابهان في تقييد حركة شعبنا وتنقله ونزع بهجته".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها