دعا الإتحاد الديمقراطي الفلسطيني "فدا" في ختام دورة اجتماعات للجنته المركزية استمرت ثلاثة أيام إلى المباشرة بحوار فلسطيني شامل من أجل التوافق على استراتيجية فلسطينية جديدة تستجيب لتحديات المرحلة الراهنة والمخاطر التي تتهدد القضية الوطنية، وتركز على إنهاء الانقسام بذيوله كافة، واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وانتهاج سياسة جديدة تقوم على المقاومة الشعبية في المرحلة الراهنة، وتعزيز صمود الشعب والقطع مع أوسلو.

والمباشرة فورًا بوقف كل أشكال التنسيق الأمني ووقف العمل باتفاقية باريس الإقتصادية، وتهيئ الظروف للإنتقال من مرحلة السلطة إلى مرحلة تجسيد الدولة مع ما يتطلبه ذلك من شراكة حقيقية في اتخاذ القرار وإجراء انتخابات، وسن قوانين جديدة ومواءمة القوانين القائمة، وإعادة الإعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد لشعبنا، وقائد لنضاله ومعبر عن تطلعاته، وديمقرطة مؤسساتها وتفعيل دورها بما يمكنها من تحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقها اتجاه كل أبناء شعبنا بما في ذلك أهلنا في بلدان المهجر والشتات، لا سيما في مخيمات اللجوء في لبنان وسوريا والأردن، فهم جزء أصيل لا يتجزأ من أبناء الشعب العربي الفلسطيني الواحد، تحملوا إلى جانب باقي أبناء شعبهم، أعباء النضال ومعاناة التهجير وبقوا صامدين صابرين متمسكين بحقهم الذي المساومة عليه في العودة.

وعقدت دورة اللجنة المركزية لـ "فدا" تحت عنوان  (دورة القدس والعودة وتحرير الأسرى وتعزيز الديمقراطية والوحدة والنضال)، وأجازت جملة من التقارير والوثائق التي عرضت عليها، كما أقرت مدونة السلوك الناظمة للعالقات بين عضوات وأعضاء الحزب ووافقت على الإطار الناظم للمجلس الأستشاري للحزب بعد عرضهما على المكتب السياسي لمراجعتهما، والتأكد من عدم تعارضهما مع النظام الداخلي.

وتوقفت اللجنة المركزية مطولاً  أمام الأوضاع السياسية الراهنة، محليًا وعربيًا وإقليميًا ودوليًا، وأكدت على أن المرحلة الراهنة للقضية الفلسطينية من أكثر المراحل خطورة في عمر القضية وأن حجم التهديدات التي تتعرض لها كبير ومصدرها الأساس السياسات الممنهجة التي تتبعها الحكومات االسرائيلية المتعاقبة، بما فيها حكومة المستوطنين الحاكمة حاليًا في "إسرائيل"، والهادفة منع قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة بعاصمتها القدس الشرقية، والإبقاء بدلاً من ذلك على الاحتلال الإسرائيلي وتوسيعه مع إعطاء فتات المساعدات والتسهيلات تحت عنوان "الحل الاقتصادي"، الذي يرفضه شعبنا رفضًا قاطعًا.

وأكدت اللجنة المركزية: إننا ننظر في فدا لاجتماع المجلس المركزي الفلسطيني المرتقب التئامه قبل نهاية شهر كانون الثاني القادم كفرصة ثمينة يجب اغتنامها لتهيئة الظروف من أجل المباشرة عقبها في اطلاق حوار فلسطيني شامل لوضع الاستراتيجية الفلسطينية الجديدة المذكورة وتحقيق الأهداف المشار إليها، ومن أجل العمل السريع على تشكيل حكومة توافق وطني فلسطيني بمشاركة كل الفصائل المستعدة لذلك خصوصًا حركتي "فتح وحماس"، على أن تعمل هذه الحكومة على تهيئة كل الأجواء اللازمة لعقد انتخابات رئاسية وتشريعية وأخرى للمجلس الوطني حيث أمكن، مع التأكيد أنه الانتخابات دون القدس ترشيحًا وانتخابًا ودعاية وفقًا لما يتم التوافق عليه فلسطينيًا دون النظر للقيود والإشتراطات الإسرائيلية، ويتطلب ذلك المباشرة الفورية من حركتي "فتح وحماس" بتنفيذ اتفاقات المصالحة التي تكفل إنهاء الانقسام خاصة إتفاق تشرين الثاني 2017 الموقع برعاية مصرية، وأن تعمل تلك الحكومة، في إطار تهيئة المناخات الايجابية، على توحيد مؤسسات السلطة المدنية وأجهزتها الأمنية، وعلى إنجاز عملية إعادة إعمار قطاع غزة وتتحرك على كل المستويات لفك الحصار الإسرائيلي الظالم المفروض عليه، وتعمل على تعزيز صمود أبناء شعبنا في عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي مقدمتها القدس والأغوار والمناطق المطوقة بالجدران والتي يتهددها الإستيطان وتتعرض أراضيها للمصادرة واعتداءات المستوطنين.

وشددت اللجنة المركزية على أن الأوضاع والتحديات والضغوط  والتسويف والمماطلة والاختلاف وأي نوع من أنواع الترف الفكري أو السياسي أو الايديولوجي.

حتى لو طبع بعض العرب أو تخلوا فيجب أن لا نتطير، وإن تنكرت إسرائيل للشرعية الدولية وقراراتها فلا يجوز لنا أن نتركها جانبًا، بل علينا أن نستمر بالتسلح بها والمطالبة بتطبيقها، وأن نمضي بذات الوقت في نضالنا الميداني والسياسي قدمًا، علينا أن ننتزع زمام المبادرة، وأن نكون بمستوى تطلعات شعبنا والدماء التي بذلها شهداؤنا والتضحيات التي تكبدها أسرانا والآمال التي عقدها علينا أبناء أمتنا وأنصارنا من أحرار وشرفاء العالم، ويستدعي ذلك، أولاً وقبل كل شيء، قبر الانقسام إلى غير رجعة، وحتى يتحقق هذا الأمر ننوه بأننا نحن المسؤولين عن إنجاز هذه المهمة، وإذا كان هناك من يريد أن يعطل فيجب علينا التصدي له، عربيًا كان أم أجنبيًا، فمن يقف مع المصالحة والوحدة الوطنية الفلسطينية مرحبًا به وبدعمه، ومن لا يريد ذلك لا يهمنا رأيه ونحن مستغنون عن خدماته، فالقرار الفلسطيني وطني ومستقل ينبع بالأساس من المصالح العليا لشعبنا ويخدم قضية تحرره الوطني .

المجال للعودة لاطلاق الخيار المفاوضات الثنائية بالرعاية الأمريكية المنفردة، وإذا كانت "إسرائيل" هي من عطلت تنفيذ حل الدولتين المجمع عليه دوليًا بما في ذلك من الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت على الدوام منحازة لإسرائيل وداعمًا أساسيًا لها، فإن المطلوب لتنفيذ هذا الحل شراكة دولية وتدخل دولي فاعل عبر عقد مؤتمر دولي للسالم برعاية وإشراف الأمم المتحدة من أجل تطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بإنفاذ هذا الحل وتمكين الشعب الفلسطيني من تجسيد حقه في إقامة دولة فلسطينية مستقلة وكاملة السيادة بعاصمتها القدس الشرقية على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بعد انسحاب إسرائيل الكامل منها وضمان حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها في نكبة عام 1948 وفقًا للقرار 194.

لا دولة فلسطينية دون القدس الشرقية عاصمة لها ولا دولة فلسطينية في الضفة بمعزل عن غزة ولا دولة فلسطينية في غزة بمعزل عن الضفة، والدولة الفلسطينية يجب أن تقوم على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بعد إنهاء جميع أشكال الاحتلال الإسرائيلي العسكري والاستعماري لها.

إن القدس عنوان سياسي وحضاري لشعبنا والنضال فيها محور أساس في نضالنا الوطني من أجل التحرر من الاحتلال الإسرائيلي وإن دعم مؤسساتها ودعم صمود أهلها يجب أن يكون دائمًا وجزءًا من عملية مستدامة ليست موسمية ولا ارتجالية وترتبط بشكل وثيق ببرنامج النضال الوطني الفلسطيني، وتعزيز الصمود لكل أبناء شعبنا، وإن التضامن والتلاحم مع أهلنا في أراضي عام 48 أساسي في مجمل العملية التحررية الفلسطينية وكسبهم المعركة في وجه سياسات التهميش والتمييز والعنصرية التي تتبعها الحكومات الإسرائيلية بحقهم إنجاز يخدم الانتصار في مجمل معركة الاستقلال الوطني الفلسطيني.

وتوقفت اللجنة المركزية لاتحاد الديمقراطي الفلسطيني "فدا" مطولاً أمام الأوضاع الداخلية الفلسطينية، وشددت على ضرورة الانتظام في عقد اجتماعات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واحترام قراراتها واحترام المشاركة في صنع القرار والابتعاد عن سياسة التفرد والفئوية الحزبية، كما أكدت على ضرورة تنمية موارد الصندوق القومي الفلسطيني والعمل على تحويل الحصص المقرة للفصائل دون إبطاء أو مساومة، وعلى ضرورة الحفاظ على السلم الأهلي الفلسطيني، وعلى احترام الحريات العامة والخاصة والتعددية السياسية والفكرية وسيادة القانون والرأي والرأي الأخر ونبذ استخدام العنف بأشكاله كافة في حل التباينات، ومحاربة الفساد وهدر المال العام، وتحريم الاعتقال السياسي تحت أي مبرر، ومحاربة تجار السالح والمخدرات والعصابات المسلحة والتصدي لظاهرة الفلتان الأمني وأخذ القانون باليد، وشددت على أن النضال الديمقراطي والاجتماعي مرتبط ومكمل للنضال الوطني يدعمه ويقرب من لحظة تتويجه بالنصر بما في ذلك تعزيز دور المرأة وتمكينها وحمايتها من جميع أشكال العنف وضمان مشاركتها في سوق العمل وفي الوصول إلى مراكز صنع القرار، كذلك بالنسبة لضمان حقوق العمال والفالحين وتأمين الحماية الاجتماعية للفقراء وباقي الفئات المهمشة.

هذا وشددت اللجنة المركزية على الطابع القومي والأممي للقضية الفلسطينية، فشعبنا ليس وحيدًا في الميدان، بل يقف معه كل أبناء أمته العربية والإسلامية والأحرار والشرفاء في العالم، وأبلغ الوقفات المؤكدة على ذلك وقفة التضامن العارمة مع شعبنا التي شهدتها مختلف عواصم العالم خلال هبة أيار المجيدة؛ لذلك سيبقى "فدا" حريصًا على مد جسور العالقة مع القوى والأحزاب التقدمية العربية الشقيقة والأجنبية الصديقة، كما سيبقى حريصًا على استنهاض حركة المقاطعة الدولية لإسرائيل، ومن هنا نؤكد أن التوجه لمحكمة الجنايات الدولية لمحاكمة إسرائيل على جرائمها يجب أن يكون جزءًا لا يتجزأ من الحراك السياسي والدبلوماسي والقانوني الفلسطيني من أجل فضح السياسات العنصرية والإستعمارية والتوسعية لإسرائيل ومن أجل عزلها دوليًا ومقاطعتها.