مع صدور المرسوم الرئاسي الخاص بإجراء الانتخابات العامة، التشريعية، والرئاسية، والمجلس الوطني، نكون الآن أمام مسؤوليات إنجاح هذه الانتخابات، بالسبل الديمقراطية، ولغتها التي تفرض على خطاباتها وبرامجها التنافسية، أن تكون بليغة الوطنية، والاجتماعية، والحضارية، بلا مناكفات حزبية، وشعارات شعبوية، وبلا أية تدخلات خارجية، ومن أجل أن تكون صناديق الاقتراع، بالغة الأمانة، والنزاهة، والشفافية، ما يجعل مخرجاتها محصنة بشرعية خيارات الناخبين، وإرادتهم الحرة، والتي لا جدال أنها إرادة، وخيارات الحرية والتحرر، والتي يعزز مسيرتها، إنهاء الانقسام، وتحقيق الشراكة والوحدة الوطنية، وقد تجددت شرعية النظام السياسي الفلسطيني، في مختلف مؤسساته وهيئاته الشرعية .
ولعله من المهم أن نلتفت لديباجة المرسوم الرئاسي التي انطوت على إشارة بليغة لوثيقة الاستقلال الصادرة عن المجلس الوطني الفلسطيني، بعبارة وبعد الاطلاع عليها، ما يجعلها مستندًا قانونيًا ووطنيًا، لتجري الانتخابات على أساسه، جنبًا إلى جنب مع النظام الأساس لمنظمة التحرير الفلسطينية، والقانون الأساسي المعدل لسنة 2003 وتعديلاته، وهذا ما يشير بوضوح إلى الغاية الاستراتيجية التي نسعى إلى تحقيقها من وراء الانتخابات، وفي وثيقة الاستقلال ما يشرح ذلك بمنتهى الوضوح، هذا عدا عن أن هذه الإشارة تؤكد أن قرار إجراء الانتخابات، إنما هو قرار المصلحة الوطنية العليا، بإرادة قيادتها الشرعية، وبمعنى بإرادة قرارها الوطني المستقل، القرار الذي طالما رأى في الديمقراطية منهجًا وسبيلًا للتطور والتقدم بمسيرة الحرية والتحرر الوطني الفلسطينية نحو تحقيق أهدافها العادلة، بدحر الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة دولة فلسطين المستقلة، بعاصمتها القدس الشريف، وإنجاز الحل العادل لقضية اللاجئين، وفق قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية.
ومن الضرورة التوضيح للأهمية، وكي لا يكمن الشيطان في التفاصيل، كما يقال، فإن هذه الانتخابات ليست، ولن تكون مطلقًا انتخابات لتسوية خلافات حزبية، أو لتقاسم وظيفي بين قواها النافذة، ومفهوم الشراكة هو بالقطع مفهوم الوحدة الوطنية، بسلطة واحدة، وقانون واحد، وسلاح الشرعية الواحد، وقرار الشرعية الواحد، بشأن المصير الواحد، سلمًا ومقاومة.
نعرف أن هناك ثمة نقاطًا خلافية في الساحة الفلسطينية، بشأن قضايا عديدة، إجرائية، ونظرية، وسياسية بين فصائلها العاملة، وقد تسعى قوى خارجية أن تجعلها شيطان التفاصيل!! لكن مسعانا اليوم أن يكون هناك اتفاق وطني بشأنها، كي لا تكون هذه النقاط معطلة للانتخابات، وهذا ما أعلنه بوضوح رئيس لجنة الانتخابات حنا ناصر في مؤتمره الصحفي، وبقدر ما سيكون هذا الاتفاق سليمًا في متنه وتفاصيله، بقدر ما سيعدم لشيطان التفاصيل فرصته في التحقق.
سنرى هذا العام عام 2021 عامًا جديدًا بحق، بكل ما تحمل كلمة جديد من معنى يشير إلى التفتح والتطور والتقدم والازدهار، إذا ما جرت الانتخابات ببلاغة المرسوم الرئاسي، وأصالته الديمقراطية، لتحقق مخرجاتها المرجوة منها، بإنهاء الانقسام البغيض، وتحقيق الوحدة الوطنية، بالشراكة العملية والحميمة بين قواها الفاعلة، لإدارة حكيمة وشجاعة، لمختلف قضايا الشأن الوطني، والاجتماعي العام.
وهذا بالقطع ما يجعلنا أقرب كثيرًا إلى يوم النصر العظيم، نصر الحرية والاستقلال.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها