الحارث الحصني 

عام 2016، تقدمت عائشة بشارات، بطلب لوزارة الشؤون الاجتماعية في طوباس، للحصول على مشروع ريادي يعيل أسرتها.

وبعد دراسة الطلب، والجدوى الاقتصادية منه، منحتها الوزارة الحديد المستخدم في إنشاء بيت بلاستيكي على مساحة دونم واحد بقيمة 5900 دولار أميركي، ثم تكفلت بشارات بشراء باقي الاحتياجات، لإتمام بناء الدفيئة البلاستيكية، زرعتها بالبقدونس والبندورة.

 وبعد عامين بدأ المشروع بالتطور والنضوج، وتمكنت بشارات بناء دفيئة ثانية على دونم آخر ملاصق للدفيئة الأولى زرعتها بأشجار العنب، لتجارة ورق العنب المتعارف عليه محليا "الدوالي"، حيث أضحى المشروع اليوم عبارة عن دفيئتين زراعيتين.

تقول بشارات: "ترددت كثيرا باختيار نوع المحصول، العنب يدر دخلا لا بأس به".

تعيل بشارات أسرة مكونة من 4 أفراد، بينهم والدتها المسنة، وهي بحاجة لمصدر دخل يؤمن لها حياة كريمة، خاصة وأن أكبر أبنائها طالب في الجامعة، وتؤكد أن القسط الجامعي لنجلها البِكر خالد، من المردود المادي للدفيئة البلاستيكية.

هذه الأيام، تظهر بلدة طمون جنوب طوباس، مثل لوحة فسيفساء مرصوصة بالبيوت البلاستيكية، التي يديرها الذكور بالغالب، وتشغل آلاف الأيدي العاملة في البلدة، وتغنيهم عن العمل لدى الآخرين، عائلة بشارات واحدة منها، لكن في هذه الحالة من يديره امرأة.

قبل عام 2016، كانت بشارات تعتمد في تأمين دخلها على العمل لدى الآخرين بنظام المواسم الزراعية مثل الخيار، إلا أن المشروع الخاص كان نقطة تحول في حياتها الخاصة.

تقول لمراسل "وفا": "الآن أنا حرة نفسي في تحديد ساعات العمل، كان العمل عند الآخرين متعب".

وبالنسبة لامرأة كرست سنين طويلة في العمل بالزراعة، فأمر متابعة الشؤون الأخرى في مصلحتها الخاصة بات شيئا عاديا، وبالاعتماد على قولها فإنها كانت تتابع أسعار الخضروات، وأمور الأسمدة، والمبيدات التي تحتاجها المحاصيل الزراعية، بشكل شخصي.

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فالمرأة العصامية التي تسكن بلدة طمون جنوب طوباس، تقول إنها باتت الآن على دراية بالتوقيت الصحيح لزراعة البندورة مثلا، لتفادي تلفها بسبب الأحوال الجوية.

هذه الأيام كل شيء تطور، وأكدت إن نجلها الأكبر بات على معرفة تامة بمتابعة تلك الأمور نيابة عنها.

قبل أربع سنوات، كان خالد، وهو أكبر أبناء عائشة بعمر الثالثة عشر، وهذا سبب بأن يقع الحمل الأكبر في متابعة أمور المزرعة على عائشة ذاتها، لكن هذا العام، بدأ الحمل يتوزع عليها وعلى أبنائها.

تقول بشارات: "هذه الأيام العائلة كلها تعمل في المصلحة، أحيانا أنا أستريح وأبنائي يتابعون أمور المزرعة".

وتدرك بشارات أن مشروعا رياديا بهذا الحجم لن يكون وحده كافيا لتوفير حياة كريمة بشكل مقبول، ولهذا تعمل على تطويره.

وتشير: "في كل وقت توفرت فيه الإمكانيات المادية لفعل هذا فلن أتردد، ومثلما أضفت البيت البلاستيكي الآخر المزروع بالعنب، على نفقتي الخاصة، فسأعمل على إضافة دفيئات أخرى، وتطوير مشروعي الذي يعيل عائلتي".

وتتابع: "يجب ألا نتوقف عند حد معين، وما دمنا قادرين على تطوير المشروع فلن نتردد، ومستقبلا يمكن أن نشغل أيد عاملة معنا، ونساهم في تخفيض نسبة البطالة في البلدة".