تقرير: الحارث الحصني

ينشغل العالم هذه الأيام بالحديث عن الاحتراز من فيروس كورونا، الذي حصد آلاف الضحايا. وتظل مقولة درهم وقاية خير من قنطار علاج، هي أفضل ما يمكن تطبيقه في مواجهة الفيروس الشرس.

وتجمع أصوات ذات اختصاص، على أن تطبيق التعليمات الوقائية، والتقيد بها، هي أساس حل مشكلة انتشار الفيروس، ولهذا، فرضت الحكومة على المواطنين، الحجر المنزلي عملا بحالة الطوارئ.

بيد أنه لا يمكن لعجلة الزمن أن تتوقف في بعض الأوقات، رغم الحالة المعمول بها، خصوصا في المناطق الغورية المشتهرة تاريخيا بالزراعة المروية، أو في طوباس، التي دخلت باب الزراعة المروية منذ سنوات قليلة ماضية، والتي لا يمكن توقف العمل فيها، كونها تشكل اقتصادا وطنيا لا يمكن الاستغناء عنه، عدا عن أنها نظام حياة لعشرات العائلات الفلسطينية.

ورغم ذلك، ينصح الأطباء المواطنين بالابتعاد عن التجمعات البشرية، والازدحام، وإذا كانت شكوك بتواجد مصابين، فعليهم ارتداء الكمامات الواقية.

يقول أخصائي الطب الوقائي المعتمد من وزارة الصحة في محافظة طوباس قدري دراغمة، "إذا كان التجمع البشري قادم من مكان معروف ولا يوجد فيه الفيروس، يجب أن تكون المسافات بينهم آمنة، والتي يجب ألا تقل عن مترين".

لكن كيف يتعامل المزارعون مع "كورونا"، في واحدة من المناطق الجغرافية المفتوحة.

بالنسبة لعزيز صوافطة، وهو أحد المزارعين في قرية بردلة بالأغوار الشمالية، أنه عندما تتجه عائلته للعمل في المزرعة، يكون  حسب وصفه على علم أن عائلته لم تخالط أحدا يمكن أن يكون مصابا بالفيروس.

وقال لــ"وفا"، "المنطقة آمنة، لا أحد معه الفيروس هنا".

عائلة صوافطة وعندما تصل المزرعة، تقسم نفسها حسب نظام يجنبهم التقارب، وتحافظ على المسافات الآمنة.

وأكد صوافطة "عندما يبدأ أبناؤه العمل داخل الدفيئات البلاستيكية (7 دونمات)، يكون كل واحد بقوس منفصل".

وتابع: "هنا أمان بين الفرد والآخر مسافة عشرة أمتار تقريبا".

والأمر مشابه لذلك، بالنسبة لجني الثمار خارج الدفيئات (20 دونما)، فعندما يريد أبناؤه قطف ثمار المحاصيل المكشوفة، فإن المسافة بين الشخص والآخر لا تقل عن 5  أسراب طولية متوازية، وهي مسافة يمكن تقديرها بالعين المجردة بثمانية أمتار.

قبل الحديث عن وجود إصابات بفيروس كورونا في فلسطين، كان صوافطة وأشقاؤه يجتمعون يوميا بعد الانتهاء من العمل في المزرعة، وهو حال العائلات التي تعمل في الزراعة، لكن بعد بدء انتشار الفيروس، أُلغي هذا النظام المتوارث منذ سنوات.

وقال: "من المزرعة إلى البيت، لا تجمعات، ولا سهرات".

ويؤكد دراغمة ذلك، لكن بالاعتماد على تعليم طبي أنه لمنع انتشار فيروس كورونا، يجب على المواطنين عدم الاختلاط، والتجمع.

تقع مزارع عائلة فريال صوافطة، وهي واحدة من المزارعات في الأغوار الشمالية بالقرب من معبر بيسان، الفاصل بين بردلة، وأراضي العام 1948، وهذا سبب كافٍ (حسب تعبيرها)، على تفضيل عدم المكوث في المزرعة وقتا طويلا دون فائدة.

وقالت لمراسل "وفا": "أطلب من أبنائي دائما عدم الاختلاط مع الآخرين، وعدم ملامسة الأسطح باليد". وعللت ذلك أن المكان الجغرافي القريب من تواجد المستوطنين يلعب دورا كبيرا.

وتابعت المرأة التي تعمل كمديرة لمركز نسوي بالأغوار، "دائما أعطي أبنائي إرشادات توعوية كإجراءات احترازية من فيروس كورونا".

ويرتدي المزارعون القفازات حين العمل في قطف المحاصيل الزراعية، وهو إجراء كان يلتزم به المواطنون حتى قبل ظهور فيروس كورونا عالميا.

وعن الكمامات، قال مزارعون إنهم يسكنون في مناطق آمنة، ولا حاجة لها.

المزارع إياد دراغمة قال "نرتدي القفازات بشكل اعتيادي، لكن لا نرتدي كمامات، فالمنطقة مفتوحة ولا تجمعات بشرية فيها". وتابع: "لا نخرج من خيامنا إلا للضرورة فقط".