بقلم: وعد الكار
في قرية المنيا الواقعة شرق بيت لحم، يعيش سكانها تحت وطأة خطر مزدوج يجمع بين عنف المستعمرين وسياسات الاحتلال الإسرائيلي الهادفة إلى تهجيرهم من أراضيهم.
تمتد أراضي القرية إلى برية المنيا التي تصل حدودها إلى البحر الميت، والتي تقدر مساحتها بعشرات آلاف الدونمات، لكنها أصبحت في الآونة الأخيرة هدفًا لمحاولات استيلاء المستعمرين الممنهج، الذين يسعون إلى شق طريق استعماري يعزل القرية عن محيطها ويخدم ربط المستعمرات ببعضها.
وعبر رئيس المجلس القروي في المنيا زايد كوازبة عن القلق المتزايد بين السكان، قائلاً: "ما نشهده اليوم هو تصعيد خطير، فالمستعمرون يهددون الأهالي بترك أراضيهم خلال أيام، في محاولة واضحة لإجبارهم على الرحيل وفرض واقع جديد يهدف إلى تهجيرهم بالكامل".
ولم تقتصر الهجمات على الاعتداءات الليلية، بل اتخذت أبعادًا أكثر تنظيمًا، إذ أغلقت سلطات الاحتلال منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 جميع مداخل القرية، ما أدى إلى شللٍ شبه تام في حركة السكان، فبات الوصول إلى أراضيهم الزراعية أو مناطق الرعي شبه مستحيل، ما يهدد مصدر رزقهم الأساسي.
- سياسات فصل ممنهجة
وأكد مدير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في بيت لحم يونس عرار، أن ما يحدث في المنيا جزء من سياسة إسرائيلية أوسع تهدف إلى تقسيم المناطق الفلسطينية إلى جيوب معزولة، وربط المستعمرات بشبكة طرق استعمارية. ويقول: "إغلاق الطرق ليس إلا البداية، الهدف هو فرض أمر واقع يجعل استعادة الأراضي أمرًا مستحيلاً".
ورغم محاولات العزل والإقصاء، يبدي أهالي المنيا صمودًا استثنائيًا.
يرفض إسماعيل جبارين وهو أحد مزارعي القرية التخلي عن أرضه، ويقول: "هذه الأرض ليست فقط مصدر رزقنا، بل هي هويتنا وجزء من حياتنا، لن نتركها مهما كانت التحديات".
- معاناة إنسانية تتفاقم
ومع تصاعد الضغوط، أصبحت حياة أهالي المنيا أكثر تعقيدًا، إذ تشهد إغلاقًا للطرق من أجل منع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم، وتقييد حركة الطلبة إلى مدارسهم، ما صعّب الحصول على الخدمات الصحية الأساسية.
ورغم ذلك، فإن الأهالي لا يزالون يتمسكون بأرضهم بكل الوسائل الممكنة، ويقول المواطن إسماعيل جبارين، الذي يحرص على البقاء في أرضه، حيث يستذكر إحدى الليالي التي حاول فيها المستعمرون اقتحامها: "جاؤوا ليلاً بأدواتهم وأسلحتهم، لكننا وقفنا في وجههم، لم يكن لدينا سوى إيماننا بحقنا، وكان هذا كافياً لصدهم".
- رسالة صمود تتخطى حدود القرية
ويرى عرار أن دعم صمود أهالي المنيا مسؤولية جماعية، "المعركة هنا ليست فقط معركة سكان القرية، بل هي معركة الشعب الفلسطيني بأكمله. يجب أن نوفر الدعم القانوني والإعلامي والمادي لتعزيز بقاء السكان في أرضهم".
ومع استمرار التهديدات، تتزايد الضغوط على أهالي المنيا، إلا أن رسالتهم واضحة: "لن نغادر أرضنا مهما كان الثمن". هذه الرسالة يكررها إسماعيل جبارين، الذي رغم المخاطر المحيطة به، فإنه يواصل الزراعة والعيش على أرضه، معتبراً أن الأرض ستظل شاهدة على صمود أهلها في وجه التهجير.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها