تقرير: ميساء عمر

  بعد اجراءات الحكومة الفلسطينية بفرض الحجر المنزلي الإجباري على المواطنين بكافة المحافظات الفلسطينية، من مساء الثاني والعشرين من آذار/ مارس الجاري، عاد المواطنون في محافظة قلقيلية، لزيادة الاهتمام بأراضيهم وحدائقهم المنزلية والعمل على استصلاحها.

الى الجنوب من قلقيلية استطاع الحاج محمود صلاح "ابو فاروق"، "50 عاما"، من قرية بيت امين، تقليم أشجار الجوافة بحديقته المنزلية "النصف دونم"، ومدها بأنابيب المياه وزراعتها بأشتال متنوعة منها "الملفوف والزهرة والخس"، وبذور "البصل والفجل".

ويقول ابو فاروق الذي كان يعمل بالبناء في اراضي الـ48 والتزم منزله بسبب انتشار وباء كورونا لـ"وفا"، انه كان قد أحضر قبل فترة وجيزة، أنابيب المياه، ومعدات استصلاح الأرض، لكن مشاغل الحياة سرقته ولم يتمكن من العمل بأرضه الا في هذه الأيام، حيث تمكن خلال اليومين الماضيين، من تقليم أشجار حديقته وتعزيلها، وزراعتها بعد مدها بأنابيب المياه لسقايتها، للاستفادة منها غذائيا في الأشهر المقبلة خاصة في شهر رمضان المقبل.

وفي قرية عزون عتمة جنوب قلقيلية رأت المواطنة تمام عبد الحفيظ "40 عاما"، بهذه الأيام فرصة لمساعدة أبنائها الأربعة لها لإزالة الحشائش من حديقة منزلهم، تمهيدا لزراعتها بأشجار متنوعة، وقد تمكنت العائلة من تعزيل أرضها، بأجواء يغمرها الحب والتعاون.

وتشير تمام في حديثها لـ"وفا"، إلى أن الحديقة المنزلية تعتبر من أهم الحدائق التي يجب الاهتمام والعناية بها، لكونها ترتبط بالمنزل وتدل على مدى ذوق أفراد العائلة، ويمكن استغلالها في أوقات الفراغ لممارسة الأنشطة الترفيهية فيها، خاصة بعد فصل الشتاء الماطر، فكانت فرصة للعائلة للتعاون على تعزيلها.

الحدائق المنزلية نحو الزراعات الدائمة هي الاستراتيجية التنموية الجديدة، التي انتهجتها وزارة الزراعة الفلسطينية مؤخرا، من أجل تعزيز الأمن الغذائي الفلسطيني والأسري انسجاما مع توجهات الحكومة في دعم قاعدة الانتاج المحلي، بهدف توفير سلة السلع الزراعية الرئيسية على المستوى المنزلي، خاصة في الظروف الآنية.

لم يقف الأمر على الاهتمام بالحدائق المنزلية من قبل المواطنين، بل  لجأ الكثير من الفلاحين الى أراضيهم، التي تقع على بعد امتار من سكناهم، ففي قرية عزبة سلمان جنوب قلقيلية، كانت العاصفة الرملية الأخيرة التي ضربت فلسطين بالثالث عشر من الشهر الجاري، قد أودت بثمار الخيار في الدونم الزراعي المملوك للفلاح ايمن سلمان "ابو محمد" "55 عاما"، نتيجة تطاير غطاء بيته البلاستيكي.

جمع "ابو محمد"، أبناءه "الثلاثة" لإصلاح البيت البلاستيكي، وتصويب وضعه، وجمع ما تبقى من الثمار، قائلا: "هي فرصة لتوعية الأبناء بأهمية الأرض والاعتناء بها، خصوصا أن قلقيلية تعتبر محافظة زراعية بالدرجة الأولى، ومعظم سكانها يعتمدون على الزراعة في حياتهم، والجيل القادم لا يعرف أهمية هذه الأرض وطريق العناية بها".

وتوافقه بالرأي المواطنة مريم رضوان "55 عاما" من بلدة عزون شرق قلقيلية التي أكدت أنها فرصة لتعزيز الثبات على الأرض من خلال العناية بها.

وتابعت: "منذ قرار الحجر المنزلي الإجباري أحضر أنا وعائلتي يوميا الى أرضنا المزروعة بثمار البطاطا، نتشارك فيها جمع الثمار ونتناول الفطور سويا، نتحدث عن أهمية الأرض كمصدر رزق ثابت للعائلة مهما توالت الظروف واشتدت، حتى أننا فكرنا بإقامة مشروع زراعي مستقبلا بعد زوال الأزمة الطارئة بإذن الله.

بدوره أكد مدير عام زراعة قلقيلية أحمد عيد، ان المديرية تعمل جاهدة لتوفير الاحتياجات اللازمة وحسب الامكانيات المتاحة للمزارعين.

وأضاف: "من خلال اعلان وزارة الزراعة فإنه سيتم زراعة آلاف الحدائق المنزلية، عبر البرنامج الوطني لتخضير فلسطين، وسيتم الاعلان عن آلية التوزيع خلال الأيام المقبلة، التي بدورنا سنضعها بين أيدي المواطنين في محافظة قلقيلية".

ودعا المواطنين الى استثمار وقتهم بالزراعة، لتحقيق المنفعة الخاصة العائدة على عوائلهم، وعلى الاقتصاد الفلسطيني بشكل عام.

الوصول الى الاكتفاء الذاتي الغذائي، هو الرهان الذي يسعى قطاع الفلاحة بمحافظة قلقيلية الى تحقيقه، لذلك يسعى أهالي المحافظة للتمسك بالحياة الخضراء سواء بحدائق منازلهم أو اراضيهم، لتأمين احتياجاتهم من الخضار أولا، وحرصا منهم على تنويع استثماراتهم ثانيا، في ظل الظروف الراهنة.