تقرير:  جيفارا سمارة 

قبل أيام، كسر جمع من المواطنين في بلدة قراوة بني حسان بمحافظة سلفيت، قرار وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، بإغلاق المساجد "مؤقتا"، والصلاة في المنازل، إلى حين زوال خطر جائحة الكورونا التي باتت تهدد مصير العالم برمته.

صلى المواطنون في المسجد، وانتشروا عقب ذلك كل إلى وجهته، دون أن يدركوا أن من بين المصلين رجل عائد من دولة باكستان، مصاب بفيروس كورونا.

الرجل عاد من باكستان بتاريخ 13 من شهر مارس/اذار الجاري هو ونجله، وهو اجتماعي جدا وخالط أكثر من 250 شخصا، ضمن قائمة أولية حصل عليها في غضون ساعة ونصف، وهي قائمة مرشحة للزيادة بشكل أوسع، بحسب محافظ سلفيت عبد الله كميل.

وأكد كميل أن هذا أمر مرهق جدا على الطواقم الصحية والأمنية لتتبع المخالطين، خاصة أن من بينهم شخص من محافظة الخليل، وشخص من محافظة قلقيلية.

ورأى كميل أن البعض يحاول استغلال هذه الاوضاع الصعبة والحساسة، لأغراض مناكفات وصفها بالرخيصة، وهي أمور مخالفة للدين من باب أن درء المفاسد أولى من جلب المنافع، وأن الضرورات تبيح المحظورات.

وشدد كميل على أن الجهات المختصة ستتابع من يحاول الإضرار بالصالح العام، وسيتم التعامل معهم بحزم أكبر، مستشهدا بدول كبرى لم يلتزم البعض فيها بالتعليمات الصحية فأدى ذلك إلى موت آلاف وسط مخاوف من انهيار اقتصادي وصحي وربما أكثر في هذه الدول، وهي أمور لا نستطيع تخيل تداعياتها لو حدثت في فلسطين، لا قدر الله.

وقال مدير معهد إعداد الدعاة في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الشيخ ماجد صقر إن هناك قواعد فقهية واضحة، أهمها أن لا ضرر ولا ضرار، وإذا وجد مرض أو وباء فعلينا الالتزام بضرورة عدم الذهاب إلى المساجد من باب عدم نشر الموت بين المسلمين، بالاختلاط معهم، مستشهدا بحادثة كيف أن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى أحدهم يأكل البصل فنهاه عن الاقتراب من الصلاة بسبب الرائحة، فكيف بمن يحمل جائحة مهلكة.

وأضاف أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم "بأن صلوا في رحالكم"، كان عند الظروف الجوية الصعبة، فكيف اذا كان ذلك مقرونا بنشر الوباء بين الاف المصلين.

واعتبر صقر أن من يصر على حشد المصلين في مساحة ضيقة هم صنفان، أناس يصرون على المناكفة على حساب ارواح المسلمين، أو أناس متواكلون يقولون إنه لن يصينا إلا ما كتب الله لنا، وهذا أمر مخالف للشرع والدين، وعلينا أن نلتفت إلى ما فعلة الخلفية عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، عندما آثر عدم الدخول إلى بلاد انتشر فيها الطاعون عندما قدم الشام، تمسكا بتعاليم الله عز وجل وبتعاليم رسوله.

ومع تفشي الوباء في مختلف دول العالم، ومع ظهور اصابات في فلسطين، قررت وزارة الاوقاف والشؤون الدينة إغلاق المساجد بشكل مؤقت، حتى يزول خطر الوباء لحفظ الارواح والحد من انتشار الجائحة، عملا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يوردن ممرض على مصح"، وهو أمر أقدمت عليه الكثير من الدول العربية والاسلامية، كما أكد وكيل الوزارة حسام أبو الرب.

وأضاف أبو الرب أن 2312 مسجدا في المحافظات الشمالية، تقام صلاة الجمعة في نحو 1400 مسجد منها، واليوم الجمعة، التزم 98% من هذه المساجد بقرار الوزارة باقتصار الامر على الأذان الموحد، في حين لم يلتزم سوى 10 مساجد.

واشار أبو الرب إلى أنه ورغم هذه النسبة القليلة، إلا أن عدم الالتزام من قبل المواطنين في هذه المساجد العشرة، كفيل بإصابة آلاف لا قدر الله، كما حصل في حالة المسجد بقراوة بني حسان.

ودخل مصطلح الحجر الصحي إلى التاريخ، حسب بعض المصادر في العام 1377م، وتحديدا في مدينة "دوبروفينيك" الكرواتية، بعد تفشي وباء الطاعون في الساحل الاوروبي، بعد ذلك قررت السلطات الايطالية حظر دخول السفن إلى موانئها وبقائها قبالة السواحل فترة 40 يوما قبل الرسو في الموانئ، اذ وجد أن المرض يحتاج إلى 37 يوما قبل بدء اعراضه على المصاب الذي ينتهي بالموت المحتم، عندها ظهر مفهوم الحجر الصحي.

إلا أن المصادر التاريخية تؤكد أن المسلمين كانوا أول من طبق نظام الحجر الصحي الإجباري بأمر من الدولة  ما بين عامي 706-707 ميلادي، اي قبل النظام إلاوروبي بكثير، عندما بنت الدولة الأموية مستشفى في مدينة دمشق وعزلت المصابين بالجذام فيه، وقدمت لهم المعونة والعلاج بالمجان، إضافة إلى ما سبق ذكره من أوامر الخليفة عمر بن الخطاب بترك المدن والبلدات المزدحمة والخروج إلى الجبال عندما ضرب الطاعون بلاد الشام.