لن نتوقف عند حدود الالتزام بقرار مقاطعة المنتجات الاسرائيلية، وإنما سيكون كل واحد منا رقيبا، يحرص على تطبيق القرار كأنه مكلف، لذا لا بد من مبادرة لإخراج صيغة تعاون منظم بين الحكومة وأجهزتها الرسمية المكلفة بتنفيذ القرار وضبط المخالفات وبين لجان متابعة شعبية تحدد مهمتها برصد المخالفات من ناحية وإيصال المعلومات أول بأول للجهات الحكومية المختصة صاحبة الاختصاص بعمل الاجراءات اللازمة، بالتوازي مع تبني خطة توجيه معنوي تعبوي أدبي واضحة المعالم والمصطلحات تستهدف المستهلكين وتجار الجملة والتفصيل أيضا.

 

عندما أمتنع أنا وأنت وهو وهي عن شراء منتجات اسرائيلية من أسواقنا الفلسطينية فهذا يعني أننا في خندق متقدم من جبهة مقاومة اقتصادية للاحتلال الاستيطاني العنصري، وأن قرارات الحكومة في هذا الشأن انعكاس طبيعي وتتويج لإرادة شعبية.

 

إن التزامنا كجماهير بمقاطعة منتجات الاحتلال، والاتجاه نحو منتجاتنا الوطنية مع عمل دؤوب لإبداع بدائل وتطوير تجارب الاكتفاء الذاتي الاجتماعية الناجحة في فترة الانتفاضة الكبرى بإشراف خبراء موظفين السلطة الوطنية الفلسطينية أو معتمدين منها سيؤسس لمنهج مقاومة اقتصادية ستمكننا ليس بتسريع وتسهيل عملية الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال وحسب، بل في رفع وتيرة مطالبتنا الأشقاء العرب والأصدقاء الأحرار في العالم للانخراط معنا في جبهة المقاومة الاقتصادية لنظام الاحتلال الاستعماري العنصري الاسرائيلي، وتحديدا في دعوتنا الموجهة إلى الاتحادات العمالية العربية والدولية المساندة لقضايا التحرر في العالم، ذلك أن كل ميناء بحري أو جوي ترسي به سفينة اسرائيلية أو اميركية، أو مطار تهبط وتقلع منه طائرة اميركية أو اسرائيلية يقع ضمن حدود المقاومة الاقتصادية العربية العالمية المشروعة، فمشروع ترامب الاستعماري الذي تنفذه دولة الاحتلال اسرائيل خطر وجود ليس على الشعب الفلسطيني وحسب، بل على الأمة العربية وكل دولة في العالم تناضل للتحرر من هيمنة ونفوذ الولايات المتحدة الاميركية.

 

 ستعزز مقاطعتنا لمنتجات المحتلين دعوتنا لأشقائنا العرب لمقاطعة المنتجات الأميركية والإسرائيلية المتسربة إلى أسواقهم، ذلك أن المشروع الاستعماري الأميركي الجديد ونواته المبينة في (خطة ترامب الصهيونية) يستهدف السيطرة الكاملة على ثرواتهم، بعد تبديد مقدراتهم وإضعاف حالهم ومنعهم من التطور والتنمية تكوين ارضية لاستقلالية قرارهم الوطني وتجسيد سيادتهم.

 

 نعرف جيدا التداخل القائم ما بين نقاط التماس الفلسطينية والاسرائيلية، وكذلك في العلاقات الاقتصادية العربية والأميركية، وإذا ركزنا على ساحتنا الفلسطينية، فإننا على يقين بأن المستفيدين المتكسبين من تهريب منتجات الاحتلال سيعملون بكل طاقتهم لتفادي إجراءات الحكومة لتطبيق قرارها بحظر إدخال المنتجات الممنوعة وكذلك حرص أجهزتها التنفيذية على ضبطهم ومعاقبتهم.. لكننا في المقابل نعرف أيضا أن الأمر متعلق بوعي المواطن وحسه الوطني، فالمواطن لا يحتاج لقرار حكومي لينخرط كجندي في جبهة المقاومة الاقتصادية، فهذا أبسط عمل وطني يمكن أن يؤديه لإرضاء ضميره مقارنة بالذين يعرضون حيواتهم للخطر على نقاط التماس المباشر عند حواجز جيش الاحتلال الدائمة والطيارة.

 

لا يمكن تبرير ضخ قطرة دم واحدة في اقتصاد منظومة الاحتلال الاستعماري، فيما ضباط جنود جيش هذا الاحتلال وميلشياته (المستوطنين) يسفكون دماء شبابنا وأطفالنا ونساءنا ورجالنا، فكل مواطن يعي جيدا معنى الواجب الوطني سيفرض الخطوط الحمراء على رغباته ورفاهيته، ويمنعها من الشطط أو الانحراف خارج سياق القرار الوطني العام، فمنطق الحساب والمساءلة هنا وفي هذه اللحظات بالذات يخضع لقانون الضمير الشخصي أولا الذي لن يكون له قيمة ما لم ينسجم تماما مع مبادئ قانون الضمير الوطني العام الناظم لمنهج حياة الشعب الفلسطيني المتجسد في قرارات القيادة السياسية.