تقرير: نديم علاوي

في غمار الحرب التي تخوضها حكومة الاحتلال الإسرائيلي لضم الأغوار الفلسطينية، لا يتوانى جيشها عن المضي قدما نحو الاستيلاء على أكبر مساحات ممكنة من أراضي الأغوار، عبر عمليات التهجير والهدم، تمهيدا للاستيلاء عليها وضمها.

صباح اليوم، وبينما كانت آليات الاحتلال وجنوده المسلحين بالبنادق والهراوات "يتمرجلون" على النساء والأطفال والمسنين العزل لإجبارهم على الخروج من مساكنهم تمهيدا لهدمها، تلقى فادي رشايدة في الثلاثينات من عمره، مكالمة من ذويه تخبره بأن طواقم تابعة لسلطات الاحتلال سلمتهم بلاغا بهدم منزله.

قبيل وصول فادي لـ"ساحة المواجهة"، حيث اصيب العشرات من المواطنين، بما في ذلك أطفال ونساء، جراء الاعتداء عليهم بالضرب، واستنشاقهم الغاز المسيل للدموع، أعلنت قوات الاحتلال منطقة رأس عين العوجا منطقة عسكرية مغلقة، ومنعت الطواقم الصحفية والحقوقية من الدخول للمكان.

تجمهُر الشبان في المكان وداخل مساكنهم أفشل محاولات هدم ما تبقى من المساكن المُخطرة، والبالغة  وفق رئيس بلدية العوجا صلاح فريجات، 71 مسكنا.

شهود عيان أفادوا بأن من بين المصابين الذين حاولوا التصدي لعمليات الهدم، المواطن سليمان سالم الذي تحصن داخل منزله  بينما كانت جرافات الاحتلال تقوم بهدمه.

كما اعتدى جنود الاحتلال بالضرب المبرح على المواطن جاسر محمود الرشايدة (40 عاما) خلال عملية هدم مسكن يعود لعائلته قبل أن تعتقله، كما اعتقلوا مصور وكالة "رويترز" عادل أبو نعمة.

هناك، عند تلة رأس العوجا، انتهت "معركة الاحتلال" بهدم بركس وتفكيك 5 مساكن وحظيرة أغنام والاستيلاء على مكوناتها، بدءا من مسكن عائلة الرشايدة الذي يضم 5 أفراد.

فادي رشايدة الذي وصل مسكنه متأخرا، بفعل الاجراءات والتدابير الاسرائيلية، شرع بـ"لملمة" أغراضه.. ترقب المشهد بحرقة وقلق من المجهول، وتساؤل أيضا، عن كيفية قضاء لياليه وأيامه المقبلة في ظل أجواء الشتاء وبرودة الطقس.

عائلة رشايدة واحدة من عشرات العائلات التي تقطن العوجا، ويقع مسكنها على الشارع الرئيسي الذي يربط أكثر من 100 مسكن بعضها ببعض.

وقال المحامي محمود غوانمة، من تجمع رأس عين العوجا، إن اجراءات الاحتلال هذه جاءت بعد إقدام مستوطن يدعى "عومر" على تجريف أراضٍ قرب المساكن لصالح انشاء مطار، لتتواصل بعدها محاولات الاحتلال ومستوطنيه المتكررة لهدم التجمع.

وأضاف، المساكن المخطرة بالهدم تتجاوز 71 مسكنا سيتم هدمها خلال أسبوع، وتعود لعائلات: خرابشة، ويطاطوة، وقوم زايد، ونجادة وغوانمة، وعمريين، وضوعين، بحجة البناء غير القانوني.

من جانبه، قال مسؤول ملف التجمعات البدوية في مديرية الحكم المحلي في أريحا سابقا اسماعيل خرابشة، إن السيطرة على هذه الأراضي يأتي في سياق توسيع مستوطنة "ميفيوت يريحو" القريبة، لتفريغ الأرض من مواطنيها تحت حجج وذرائع واهية.

وتابع، إن التجمع يضم حوالي 400 شخص، العشرات منهم أصبحوا مشردين في العراء، يبحثون عن أماكن أخرى تأويهم في داخل مدينة أريحا، في ظل معاناة يومية لمواطني العوجا من برد الشتاء وحر الصيف.

وفي السياق، اعتبر محافظ محافظة أريحا والأغوار جهاد أبو العسل، الإخطار بهدم 71 مسكنا في في رأس العوجا عملية قرصنة في وضح النهار، تندرج في إطار مساعي دولة الاحتلال الحثيثة للاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي بدءا من قرية العوجا في الأغوار الوسطى.

وطالب أبو العسل جميع الجهات الدولية بالتدخل الفوري والعاجل للوقوف على اجراءات الاحتلال العسكرية، ومواجهة الاعتداءات السافرة التي يتعرض لها المواطنون.

وقال: إننا بعزيمة وصمود أبناء شعبنا الفلسطيني سنواصل البقاء والثبات فوق أراضينا وممتلكاتنا، وجاهزون لعمل كل ما يلزم لافشال مخططات ضم الأغوار، وتعزيز صمود مواطنيها بكل الامكانيات المتوفرة.

ويعتبر تجمع عين العوجا واحد من التجمعات الحيوية في مناطق "ج" داخل حدود محافظة أريحا، رغم اجراءات الاحتلال التي تعيق وصول الخدمات الأساسية اليه بشكل متكرر.

ويضم التجمع عشرات المساكن التي أقامتها بلدية العوجا قبل نحو 5 شهور بتمويل من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية "أوتشا"، ومؤسسة "معا" التنموية.

مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة "أوتشا"، كشف عن أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، هدمت 617 مبنى في الضفة الغربية المحتلة، خلال العام 2019.

وأوضح في تقرير، بعنوان: "حماية المدنيين" ويوثق الفترة ما بين 10-23 كانون الأول/ديسمبر 2019، أن عمليات الهدم أدت إلى تهجير 898 مواطنا.