رغم أنها اليوم تقول وتؤكد أنها مع حل الدولتين كتسوية عادلة للقضية الفلسطينية، إلا أن بريطانيا ما زالت بالنسبة لنا هي إعلان بلفور المشؤوم، الذي أعطى ما لا يملك، لمن لا حق له، بما أخذ واستحوذ وسيطر..!!

حقبة تاريخية كاملة تمر اليوم، ولم يكن فيها غير العذابات التي لا حصر لها لفلسطين وشعبها، لا جراء الإعلان البريطاني فحسب وإنما جراء دعمها لهذا الإعلان الذي وصف بالوعد، من أجل أن يتحقق على حساب أرض فلسطين، وعلى حساب شعبها ومستقبله، حقبة تاريخية من مظلمة كبرى، ولولا ذاكرة شعبنا التي لا تعرف النسيان، وروحه التي لا تعرف اليأس، وإرادته المفعمة بالتحدي، التي فجرت ثورة المستحيل، عام خمسة وستين من القرن الماضي، لأصبحنا اليوم تائهين في دروب الضياع والعدمية. 

سنرى بريطانيا بلا إعلان بلفور المشؤوم، إذا ما قررت أن تتوازن في موقفها الأخلاقي والسياسي، تجاه القضية الفلسطينية، بإعلان اعترافها بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران عام سبعة وستين، وبعاصمتها القدس الشرقية، لا شيء سيصحح خطأ بريطانيا التاريخي سوى هذا الإعلان، الذي سنقبله بمثابة اعتذار من بريطانيا لا لشعبنا الفلسطيني فقط، وإنما للقيم الإنسانية النبيلة التي أجرم بحقها إعلان بلفور المشؤوم.

ولبريطانيا أن تُقبل على هذا الاعتراف اليوم قبل الغد، خاصة وفلسطين تساعدها لا بعدالة مطالبها فقط، وإنما بتاريخ صمودها وحقيقة إرادتها الحرة التي لا تقبل بغير العدل والحرية والسلام، وقد أسقطت اليوم إعلان ترامب الذي أراد تكريس إعلان بلفور البغيض، وبمعنى أن على بريطانيا ألا تعاند الحتمية التاريخية التي يصوغ نضال شعبنا، وصموده، بقيادته الشرعية الحكيمة، واقعها الذي سيكون، واقع الانتصار الوطني الفلسطيني، واقع دولة فلسطين السيدة، بعاصمتها، ودرة تاجها القدس الشريف.