تقرير: هدى حبايب
خلال شهر أيلول الجاري، تمكن جهاز الضابطة الجمركية في طولكرم، من ضبط أطنان من اللحوم البيضاء، الممنوعة من التداول داخل الأسواق الفلسطينية بقرار من وزارة الزراعة، لحماية المنتج الوطني.
عمليات الضبط تأتي بعد معلومات استخبارية للجهاز، تفيد بوجود هذه الكميات في شاحنات قادمة من أراضي عام 1948، ويتم بعدها استدعاء جهة الاختصاص في مديرية الزراعة والبيطرة التي تقر التحفظ عليها كونها ممنوعة من التداول، ولاستكمال الإجراءات القانونية اللازمة حسب الأصول.
وما تم ضبطه خلال الشهر الحالي في طولكرم كالآتي: 4 أطنان لحوم دجاج، 3300 كغم لحوم حبش، و365 من طيور الحبش.
ويعمل جهاز الضابطة الجمركية وعلى مدار العام وبدعم ومساندة من الأجهزة الأمنية والجهات الشريكة في مختلف الوزارات مثل الاقتصاد الوطني، والصحة، والبيئة، والزراعة، والاتصالات في موضوع الشرائح، على قدم وساق في كافة محافظات الوطن على مكافحة التهريب، من خلال المتابعة والبحث والتحري والضبط، ونشر دورياتها على مداخل المدن وملاحقة كل ما يشتبه به في هذا المجال.
وتنشط حمى التهريب في المواسم كشهر رمضان والأعياد، وتعتبر محافظة طولكرم من المناطق التي تكثر فيها هذه الظاهرة الخطيرة، كونها قريبة من جدار الضم والتوسع العنصري الذي أقامته سلطات الاحتلال على الأراضي الفلسطينية عام 2002، خاصة على المداخل الغربية والجنوبية والشمالية للمدينة وبلداتها.
وفي الواقع فإن عدم السيطرة الأمنية الفلسطينية على المناطق المصنفة "ج" خاصة القريبة من الجدار، بسبب السيطرة الإسرائيلية عليها بشكل كامل، وتحكمها بالمعابر الداخلية والخارجية، وفتح الباب على مصراعيه أمام المهربين لممارسة نشاطهم غير المشروع في التهريب واستحداث وسائل وطرق لمواصلة جرائمهم.
وتتنوع السلع المهربة التي يتم ضبطها في مختلف محافظات الضفة، ما بين الغذائية وغيرها من المواد المستخدمة يوميا، والغالبية العظمى منها قادم من أراضي 48 أو من إنتاج المستوطنات.
ومن خلال بيانات إدارة العلاقات العامة والإعلام في جهاز الضابطة الجمركية فقد تم خلال الشهر الجاري ضبط المواد التالية: راوترات وريسيفرات ودخان ومعسل وتمور مجهولة المصدر في أريحا، ومستحضرات تجميل ومنشطات جنسية وبضائع مستوطنات في جنين، ودخان ومعسل وشرائح إسرائيلية ونصف طن بطيخ مهرب من إسرائيل و400 كغم مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك في قلقيلية، وشرائح اتصالات إسرائيلية في سلفيت، وألعاب نارية ودخان ومعسل وأعشاب التنحيف والكريمات الجنسية وشرائح إسرائيلية ومواد تموينية في الخليل، وأربعة آلاف صوص لاحم ممنوع من التداول في رام الله، وكميات كبيرة من الدخان والمعسل ومستحضرات تجميل غير قانونية في نابلس، و2400 لتر سولار مهرب وغير قانوني في محافظة بيت لحم، وإطارات مطاطية مستعملة ودجاج ولحوم حبش في طولكرم.
وقال مدير العلاقات العامة والإعلام في الضابطة الجمركية المقدم إبراهيم عياش لـ"وفا": "إن أكثر المناطق التي يكثر فيها التهريب هي تلك الحدودية والقريبة من أراضي 48 مثل طولكرم، وقرى قلقيلية تحديدا الشرقية القريبة من المستوطنات الكبيرة، وقرى شمال غرب القدس مثل كفر عقب، والرام والعيزرية، وجنوب الخليل كونها غير خاضعة للسيطرة الأمنية الفلسطينية.
وأضاف: ان السبب الرئيسي هو الاحتلال الذي يتعمد إدخال هذه المواد لمناطقنا الفلسطينية، من أجل ضرب الاقتصاد الوطني الفلسطيني وعدم قدرتنا على النهوض به، من خلال إجراء تسهيلات على بوابات الجدار والمعابر، فتتم عمليات التهريب بسهولة وأحيانا يتم تحت نظر الإسرائيليين دون أن يحركوا ساكنا، بينما لو جرى العكس فتتم المحاسبة والسجن والحجز.
ووصف عياش المهربين بضعاف النفوس ومصاصي الدماء، وقال: "من يقبل على نفسه ان يتربح على حساب صحة أبناء شعبه لا يستحق أن نسميه فلسطينيا".
وتابع: "إضافة إلى عملنا من ناحية المتابعة والبحث والتحري والضبط مع الجهات الشريكة بالوزارات، فهناك الجانب الآخر التوعوي بناء على تعليمات قائد الجهاز اللواء إياد بركات، لطلبة المدارس منذ بداية العام الدراسي مع التوجيه السياسي، حيث أطلقنا برنامجا توعويا شاملا يتناول مخاطر التهريب والأغذية الفاسدة وطريقة تميزها وبضائع المستوطنات، وهو برنامج ممتد طوال العام، إلى جانب برامج توعوية من خلال وسائل الإعلام، ونشرات من خلال صفحتنا الرسمية على فيسبوك، والرقم المجاني 132 للتبليغ والاستفسار، حيث بإمكان أي مواطن الاتصال والتبليغ، من اجل سرعة وصول المعلومة والتعامل معها".
وحسب قانون حماية المستهلك رقم (21) لسنة 2005م، تنص مادة (27) من الفصل السادس (العقوبات)، "يعاقب كل من صرف سلع تموينية أدخلت للبلد بطرق غير شرعية، بالسجن مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات أو غرامة لا تتجاوز ثلاثة آلاف دينار أردني أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانونا، أو بكلتا العقوبتين".
إلى ذلك قال مدير دائرة حماية المستهلك في مديرية الاقتصاد الوطني في طولكرم بسام فريج، إن أغلبية السلع المهربة بالغالب تكون غير مطابقة للقوانين مثل بطاقة البيان باللغة العربية، وهذا مهم جدا في الرقابة، وبالغالب السلع المهربة تكون من إنتاج المستوطنات، أو تغليفها معاد أو مصنعة جزئيا أو كليا داخل المستوطنات، وهي كما نص عليها القانون محرمة لا يجوز استخدامها.
وتنص مادة (7) من الفصل الرابع، من قانون حماية المستهلك 2005م، على أن المنتج يجب أن يكون مطابقا للتعليمات الفنية الإلزامية من حيث بيان طبيعة المنتجات ونوعها ومواصفاتها الجوهرية ومكوناتها، ويخضع لذلك عمليات التغليف والتعبئة التي تشمل عناصر التعريف بالمنتج والاحتياطات الواجب اتخاذها عند الاستعمال.
وأضاف فريج انه من الأساسيات التي تجعلنا نكافح التهريب، هي طرق التهريب، بما أنها غير شرعية ولا تمر عبر القنوات الطبيعة السليمة، وتحديدا إذا كانت السلع بحاجة لظروف تخزينية مثل الثلاجات وتكون مخفية ولا يستطيع المراقب على الطريق رؤيتها، وبالتالي يتسبب تلفها كاللحوم وإذا ما وصلت إلى السوق فإنها خطيرة على صحة المستهلك.
وأكد أن الأساس للمستهلك ان تصله السلعة آمنة وبسعر منافس، السلع المهربة نهائيا لا تحمل شهادات أمان، أو جودة، أو شهادات صحية ولا طرق النقل جيدة، مشيرا إلى أن التهريب يضر بالاقتصاد الوطني، "كثير من سياسات الحكومة تمنع استيراد أو إدخال منتجات لتعزز من دور المنتجات الوطنية وتحديدا الزراعية، مثل هذه السلة المهربة سيكون سعرها اقل بحكم أنها غير خاضعة للتعرفة الضريبية والإجراءات الجمركية، وبالتالي ستؤثر سلبا على المنتج وتحديدا المنتجات الزراعية".
وفي خضم مكافحة التهريب المتواصلة والجهود المبذولة من قبل الضابطة الجمركية والجهات الشريكة، أعلن وزير الزراعة في التاسع من أيلول الجاري منع استيراد العجول من السوق الإسرائيلية منعا باتا، وأوعز للجهات الرقابية متابعة تنفيذ القرار.
في الوقت الذي منعت فيه وزارة الزراعة استيراد تسع سلع زراعية من السوق الإسرائيلية بشكل كامل، وهي البندورة والخيار والعنب والتمور وزيت الزيتون والدجاج اللاحم والحبش والبيض.
وأوضحت الوزارة أن قرارات منع استيراد السلع الزراعية تمت سابقا، وهي قرارات قديمة ومعمول بها منذ فترة طويلة وهدفها حماية المنتج المحلي وتعزيز صمود المزارعين وتمكينهم من تسويق منتجاتهم الزراعية داخل السوق المحلي.
وتعمل وزارة الزراعة على تنفيذ برنامج "المنع المؤقت" لاستيراد منتجات إسرائيلية وقت الحصاد المحلي وذروة الإنتاج الوطني للبصل والثوم والجزر، لحمايتها من الإغراق بمنتجات إسرائيلية.
وكان رئيس الوزراء محمد اشتية أعلن في وقت سابق أن حكومته تنفذ خططا تنموية تساهم بالانفكاك التدريجي عن الاقتصاد الإسرائيلي، تستند إلى تعزيز المنتجات المحلية، وزيادة الاستيراد المباشر من الخارج، وتقليل الاستيراد من إسرائيل، بما في ذلك تطبيق القانون الذي يجرم التعامل بمنتجات المستوطنات.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها