تقرير: يامن نوباني

تأتي إنعام كجه جي، الروائية العراقية الكبيرة، من مكان إقامتها في فرنسا، إلى فلسطين، للمشاركة في ملتقى فلسطين الثاني للرواية العربية، حاملة معها ابتسامة دائمة، لأنها كما تقول: "شاهدت فلسطين بالعين المجردة قبل أن ينقضي العمر".

كجه جي، المولودة عام 1952، في مدينة الموصل، درست الصحافة، وعملت في الصحافة، والراديو العراقي، قبل انتقالها إلى باريس لتكمل أطروحة الدكتوراه في جامعة السوربون، وتعمل حاليا مراسلة في باريس لجريدة الشرق الأوسط في لندن، ومجلة "كل الأسرة" في الشارقة بالإمارات العربية المتحدة.

في المكان الأول الذي خرجت إليه كجي جي، بعد وصولها إلى رام الله، وهو ضريح الشهيد ياسر عرفات، التقت "وفا" الروائية العراقية وحاورتها في مسألة التطبيع وزيارة فلسطين، فكرتها عن فلسطين وأدبها وشعبها وما لمسته فيها.

تقول كجه جي لـ"وفا": "دائما اسأل: كيف تذهبين إلى فلسطين وهناك من يقول بأن زيارة فلسطين هي نوع من التطبيع؟ أرد: أنا لم آت زائرة، أنا والعرب نحج إلى فلسطين، جئت كعراقية من بلد جريح لزيارة بلد محتل وجريح، أنا اشعر أنني إبنة شعب حر وجئت لزيارة شعب حر، كيف لا يكون حرا وهو يقاوم الاحتلال منذ سبعة عقود وأكثر، هذه المقاومة هي التي تمنحه الشرف والحرية. أنا لا آتي لزيارة سجين كما يقولون، لا أزور سجينا داخل أسوار، أنا ازور شعبا أبيا عرف كيف يقاوم وكيف يقدم من دماء أبنائه ما يكسب به شرفه وحريته".

وتضيف: "فلسطين جميلة وتذكرني بمدينتي الموصل التي أيضا استبيحت، لكن يكفي أن أرى تفتح الطبيعة، والخضار والجمال والسهول وغنى الأرض وعراقة الشعب، هذا ما رأيته في فلسطين".

وتتابع كجه جي: في القدس القديمة وجدت في احدى المكتبات رواياتي مقرصنة، والكاتب عادة لا يحب أن تقرصن كتبه لأن الناشر يتضرر والكاتب يتضرر، لكن في فلسطين صحتين وعوافي ان شاء الله يقرصونها مليون مرة.. هذا يذكرني بالعراق في زمن الحصار عندما كان استيراد الكتب ممنوعا، فكانت الكتب التي تتسلل عبر الحدود، يتم استنساخها، وتعاد طباعتها، لأن الشعب العراقي لا يريد أن ينقطع عن المعرفة وعن ما ينتج من أدب وشعر في البلاد العربية والعالم. وهنا لا بد أن اشير أن لكل شعب ظروفه وتحدياته، ونحن رضينا بهذا التحدي وبمقارعة المحتل بالثقافة.

"والحمد لله أن فلسطين التي فتحنا أعيننا على قضيتها، وعلى التغني بها، لم ينقضي العمر دون أن أراها رؤية العين، أنا سعيدة جدا لأنني جئت إلى هنا وشاهدت فلسطين".

وحول المحتل الذي يقف على الحدود وينتشر في الطرقات ببندقية وفحوصات وتعليمات أمنية صارمة يتفحص ملامح الآتي والذاهب والمار والمقيم والراحل، تقول كجه جي: "كنت متخوفة عندما دخلت الحدود الفلسطينية، كيف سأواجه المحتل العسكري الاسرائيلي لأول مرة، لكني حين دخلت الجسر دخلت مرفوعة الرأس وشعرت بأنني أدخل إلى بيتي، شعور ربة البيت التي تدخل فتجد في بيتها لصا، لم أكن مرتبكة، هم الذين ارتبكوا بحضوري ولنظرات الغضب في عيني، هذا نفس الشيء الذي واجهت به بغداد بعد الاحتلال الامريكي، كنت اتطلع في عين الجندي الأمريكي المحتل، نظرة إلى سارق ومجرم جاء لينتهك هدأة بيتها وأسرتها".

كجه جي روائية وإعلامية وكاتبة عراقية مقيمة في فرنسا منذ عقود. تعمل في الصحافة والترجمة. درست الصحافة والإعلام في العراق، وعملت إعلامية في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة قبل أن تنتقل إلى باريس عام 1979. وهي تعيش فيها حتى الآن. قدمت عام 2004 عملاً وثائقياً عن نزيهة الدليمي، أول امرأة تصبح وزيرة في العالم العربي عام 1959.

أصدرت كتبا وروايات عدة، منها "لورنا سنواتها مع جواد سليم" عن المراسلة البريطانية لورنا هيلز التي كانت متزوجة من النحات والرسام العراقي جواد سليم، كما نشرت كتابا بالفرنسية عن الأدب الذي كتبته العراقيات في سنوات الحروب، "كلمات عراقية"، "سواقي القلوب"، إضافة إلى "الحفيدة الأميركية" و"طشاري" اللتين رشحتا إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر". وأخيرا رواية "النبيذة" الصادرة في 325 صفحة عن دار الجديد في لبنان والتي وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" في أبوظبي والتي تعد من أبرز الجوائز الأدبية وأعلاها.