أطلقت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" اليوم الخميس، تقريرها السنوي الـ23 حول حالة حقوق الإنسان في فلسطين للعام 2017، بحضور وزراء وممثلين عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وممثلين عن مختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية، وممثلين عن الأجهزة الأمنية والشرطة والدفاع المدني، وتجمع الممولين، وممثلي مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية، والجامعات وباحثين ومهتمين وصحافيين وممثلين عن مختلف وسائل الإعلام.

وتحدثت نائب المفوض العام للهيئة فيحاء عبد الهادي، بالإنابة عن المفوض العام عصام يونس، منوهة إلى أن إجراءات الاحتلال المشددة على أهلنا في قطاع غزة، حالت دون تمكنه من الحضور والمشاركة.

وبينت عبد الهادي أن العام 2018 يشهد مرور سبعين عاماً على نكبة فلسطين عام 1948، ومرور خمسين عاماً على الاحتلال الإسرائيلي العنصري للضفة الغربية وقطاع غزة، كما يشهد فشل المجتمع الدولي في محاسبة الاحتلال على جرائمه بحق شعبنا، وفشل الجهود الدولية للضغط على الاحتلال للاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، غير القابلة للتصرف، والتي كفلتها مبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.

واشارت الى ازدياد الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في فلسطين، وعلى رأسها حقه في الحياة، واحتجاز جثامين الشهداء، والإعدامات الميدانية، والاعتقالات التعسفية، واستهداف الأطفال والنساء، والاعتقال على خلفية حرية التعبير، وكذلك ازدياد نسبة الاعتداءات على الصحافيين والحريات الإعلامية بما نسبته 51% عنها في عام 2016، واعتقال (300) فلسطيني، غالبيتهم من القدس، على خلفية عملهم الصحافي والإعلامي.

وفيما يتعلق بقطاع غزة، أشارت عبد الهادي، إلى تواصل سياسة العقاب الجماعي لقطاع غزة، حيث الحصار المتواصل، منذ أحد عشر عاماً، هذا الحصار الذي ينتهك حقوق الإنسان الرئيسة في قطاع غزة، والذي تجسّد في قطع الكهرباء، وأزمة المياه، وإغلاق المعابر، واعتقال المواطنين حين المرور منها، واعتراض الصيادين والمزارعين؛ الأمر الذي ترك بصماته على الوضع الإنساني لسكان القطاع كافة؛ الصحي والاقتصادي والاجتماعي. من المهم أن نذكِّر أن منظمة الصحة العالمية رصدت تأخير إسرائيل لنصف طلبات مرضى غزة للعلاج.

وأضافت عبد الهادي بأن العام 2017 قد شهد فرض مشاريع قوانين عنصرية إسرائيلية مخالفة للقانون الدولي الإنساني، مثل "مشروع قانون إعدام منفذي العمليات"، والذي يعطي شرعنة للقتل، وللأسف أنه مرّ بالقراءة الأولى، و"مشروع قانون خصم مخصصات الأسرى وعائلات الشهداء والجرحى" من أموال الضرائب والمستحقات التي تجبيها دولة الاحتلال وتحوّلها لصالح دولة فلسطين، وللأسف، مرّ أيضاً بالقراءة الأولى. بالإضافة إلى 3 قوانين و18 مشروع قانون خاصة بالاستيطان. منها: قانون: "تسوية البناء الاستيطاني في يهودا والسامرة"، وقانون "تمديد صلاحية لوائح الطوارئ"، ومنها: "مشروع قانون لإنقاذ القدس كعاصمة يهودية وديمقراطية".

وأشارت عبد الهادي إلى التصعيد الدولي المتمثل في كشف الرئيس الأميركي النقاب عن ما سُميَ "بصفقة القرن" المتمثل في نقل سفارة بلاده للقدس المحتلة، وازدياد الهجمة على القدس والمقدسيين، من قتل واعتقال، مع التركيز على الأطفال، وهدم البيوت، وسحب الهويات، وإبعاد، وتزوير المناهج، بالإضافة إلى استهداف قطاع التعليم، عبر فرض منهاج إسرائيلي على المدارس المقدسية، واعتقال الطلاب من داخل المدارس.

أما على الصعيد الفلسطيني الداخلي فقد أشادت الهيئة بانضمام دولة فلسطين العام 2017، إلى البروتوكول الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لعام 2002.

واختتمت عبد الهادي كلمتها عن الوضع التنظيمي الداخلي للهيئة مبينة أن الهيئة قد حافظت عدد مفوضيها الـ 21 عضواً، بعد خروج سبع مفوضين استوفوا سنوات العضوية، وضمّ سبع مفوضين جدد. وقد تمت عملية الإضافة بشفافية، بمشاركة ممثلين عن المؤسسات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني، ومفوضين عامين سابقين، كما تقدمت بالشكر لمجلس المفوضين، على عملهم لتطوير عمل الهيئة، والمفوض العام السابق الدكتورة فارسين شاهين، ومدير عام الهيئة وطاقمها، وكذلك تجمع المانحين.

بدوره استعرض مدير عام الهيئة عمار الدويك، أبرز ما جاء التقرير من انتهاكات الاحتلال، مبيناً أن الاحتلال الإسرائيلي يشكّل أبرز التحديات، أمام جهود دولة فلسطين، لضمان حقوق الإنسان الفلسطيني خلال العام 2017. واستمر في كونه العائق الأساسي أمام قدرتها على الإيفاء بالتزاماتها، وفقًا للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي انضمت إليها منذ العام 2014. وذلك في ظل استمرار إجراءات الاحتلال التعسفية وسياساته الممنهجة تجاه أرواح الفلسطينيين وأرضهم وحقوقهم وحرياتهم.

وبين الدويك، أن قوات الاحتلال قد اسـتهداف حياة الإنسان الفلسطيني، فبلغ عدد الشهداء الفلسطينيين (84) شهيدًا، منهم 15 طفلا، في كل من الضفة الغربية، بما فيها القدس، وقطاع غزه. كما واصلت سلطات الاحتلال احتجاز جثامين (15) شهيدًا فلسطينيا. وشهد العام 2017 حملات اعتقال واسعة لعدد كبير من المواطنين، وسجل اعتقال (6742) مواطنًا، من بينهم (1467) طفلا، و(156) امرأة وفتاة. وشكلّت نسبة اعتقال الأطفال نحو (21.8%) من مجموع الاعتقالات. واستمر اعتقال 12 نائبا في المجلس التشريعي الفلسطيني، وبلغ العدد الإجمالي للأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال مع نهاية العام (6500) أسير، منهم ما يقارب (350) طفلًا، (58) أسيرةً، و(22) صحافيًا، وبلغ عدد المعتقلين الإداريين حوالي (450) معتقلا إداريًّا، إذ أصدرت سلطات الاحتلال ما قدر بـ (1119) قرارًا بالاعتقال الإداري، وذلك ما بين قرارات جديده وتجديد لقرارات سابقة بالاعتقال الإداري.

وأشار إلى عمليات هدم المنازل والمنشآت الفلسطينية التي طالت حوالي (206) منازل و(205) منشآت، أدت عمليات الهدم في الضفة الغربية إلى تهجير (659) فلسطينيًّا، وإلى تضرّر سبل العيش لأكثر من(6600) آخرين. وقامت قوات الاحتلال بوضع ما يقارب من (5382) حاجزًا مفاجئًا، أعاقت حركة الأفراد ومرور البضائع. وتم اقتحام التجمعات السكنية ما لا يقل عن(6396) مرة، في كل من محافظات الضفة الغربية وقطاع غزة.

وفيما يتعلق بقطاع غزة، فقد أشار الدويك إلى استمرار حصار قطاع غزة للعام الحادي عشر على التوالي، وتشديد القيود على حركة الأفراد والبضائع عبر معابر القطاع. ساهم ذلك في تدهور الأوضاع الإنسانية ومستويات المعيشة، وفي رفع معدلات البطالة، وتدهور الوضع الاقتصادي في القطاع، وفي تدهور حالة حقوق سكانه. لقد عانت مستشفيات القطاع من نفاد 191 صنفًا من الأدوية، وانخفضت معدلات الموافقة على طلبات الحصول على تصاريح المغادرة لتلقّي العلاج عبر معبر بيت حانون بما نسبته 54%؛ مما أدى إلى وفاة (54) فلسطينيًّا. واستمر منع دخول العديد من السلع والمواد الخام، والآليات وقطع الغيار ومواد البناء إلى قطاع غزه.

وفيما يتعلق بمدينة القدس، فقد استمرت انتهاكات الاحتلال بحق المدينة المقدسة ومواطنيها، وتواصلت السياسات التهويدية فيها، والانتهاكات بحق البيئة الفلسطينية وتلويثها، وشح المياه، وتكثيف الاستيطان، ومصادرة الأراضي وتجريفها. وقد استمرت اعتداءات المستوطنين، حيث تم رصد حوالي 482 اعتداء على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم، أسفرت عن استشهاد خمسة مواطنين، وإصابة 89 آخرين بينهم 15 طفلا.