تقديـــم

تصدر مؤسسة الدراسات الفلسطينية هذا الكتاب تكريماً للدكتور هشام نشابه، أحد أعلام الفكر والتربية والتعليم في لبنان والعالم العربي، ورئيس مجلس أمناء مؤسسة الدراسات الفلسطينية طوال ثمانية وعشرين عاماً، في مرحلة صعبة عانى لبنان خلالها، ومعه المؤسسة، ويلات الحرب والغزو الإسرائيلي وأكثرها قسوة احتلال بيروت، عاصمة العواصم العربية وأشدها التحاماً بفلسطين وشعبها وقضيتها.

لم تكن القضية الفلسطينية غريبة عن هموم هشام نشابه ابن مدينة طرابلس، وأحد أركان القلعة المقاصدية، ولم يكن غريباً أن يختار المجال الفكري والعلمي لخدمة هذه القضية، فانتسب إلى مؤسسة الدراسات الفلسطينية، عضواً في مجلس أمنائها، في سنوات تأسيسها الأولى (1968) أي بعد أقل من خمس سنوات من حصول المؤسسين على "العلم والخبر" من الحكومة اللبنانية في أواخر كانون الأول/ديسمبر 1963.

وانتخب نشابه عضواً في اللجنة التنفيذية (1976) التي كان يرئسها المرحوم الدكتور قسطنطين زريق. وعندما استقال زريق بسبب تقدمه في السن، انتخب نشابه رئيساً لمجلس الأمناء واللجنة التنفيذية. واستقال عام 2012، لا سأماً ولا تعباً ولا تهرباً بل إصراراً على تشجيع الأجيال الشابة على التقدم لتحمل المسؤوليات في ظل حكمة الشيوخ ومستفيدين من نضج تجاربهم.

بعد أن نال الطالب هشام نشابه شهادة الدكتوراه من جامعة ماغيل في مونتريال كندا سنة 1958، عاد إلى لبنان ليسير على نهج المربين الكبار، إذ قال في إحدى المناسبات: "إذا كنا نريد للبنان أن ينهض، فبالتربية أولاً تكون نهضته، وإذا كنا نريد له أن يصان من التعصب ومن الفساد والصراعات المدمّرة لحياتنا الوطنية فعلينا بالتربية، وإن كنا نريد الإنماء والإزدهار فبالتربية يكون الإنماء والإزدهار".

وانطلاقاً من هذه القناعة، شغل الدكتور هشام نشابة مناصب قيادية ومسؤوليات كبيرة في العديد من المؤسسات العلمية والتربوية اللبنانية والعربية والدولية، حتى أنك مهما كنت على صلة وثيقة بالدكتور نشابه وتعرف الكثير عن نشاطاته ومبادراته تدهش وأنت تطلع على تفاصيل حياته العملية (سيرة ذاتية في آخر هذا الكتاب) وتتساءل بحق: هل تتسع حياة شخص واحد لكل هذا؟

فقد احتلت مسؤوليات التربية والتعليم في مدارس جمعية المقاصد ومعاهدها وجامعتها جزءاً كبيراً من حياته ولا تزال: شغل مركز رئيس مجلس إدارة معاهد التعليم العالي في المقاصد، وأسس ورئس المعهد العالي للدراسات الإسلامية، ثم شارك في تأسيس ورئاسة جامعة المقاصد في بيروت.

 وعلّم نشابه مواد تاريخ العرب الحديث والفكر الإسلامي ومذاهب الفكر التاريخي في الجامعة الأميركية وفي جامعة القديس يوسف وفي الجامعة اللبنانية في بيروت. ولأنه رجل حوار وتسامح، أولى اهتماما كبيرا لتطوير الفهم المتبادل للديانتين الإسلامية والمسيحية. وفي هذا السياق شارك في تأسيس وعضوية معهد الدراسات الإسلامية المسيحية في جامعة القديس يوسف. وأسس في الوقت نفسه مركز التوثيق للعلاقات الإسلامية المسيحية في جمعية المقاصد.

 ومثّل نشابه لبنان في المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) وانتخب نائبا لرئيس اللجنة الخاصة لهذا المجلس، ثم رئيساً للجنة التنفيذية في المنظمة، ثم رئيس الشرف لمجلس الموسوعة العربية الصادرة عن الألكسو.

وهو عضو مؤسس لمركز دراسات الوحدة العربية، وعضو المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية في المملكة الأردنية الهاشمية.

وعلى الصعيد العالمي، حاضر نشابه، أستاذاً زائراً، في عدد من الجامعات في الولايات المتحدة، على مدى سنوات في مادة الفكر الإسلامي.

ومثّل لبنان في المجلس التنفيذي للأونسكو (باريس) ورئس اللجنة الخاصة لهذا المجلس، ثم رئس لجنة البرامج والعلاقات الخارجية فيه.

هذا غيض من فيض نشاطات المفكر والمربي الذي تكرمه مؤسسة الدراسات الفلسطينية. ومع ذلك، ولأنه معروف بتواضعه الشديد وشعوره بالحاجة إلى بذل المزيد من الجهود في مجال التربية والتعليم، لا يفتأ يردد بأنه يشعر بالتقصير عندما يقال أن مستوى التعليم في لبنان والبلاد العربية في تراجع متواصل في جميع مراحله ومؤسساته، كما يشعر بالخيبة كلما طغت الطائفية والمذهبية على الحياة العامة اللبنانية والعربية وانتشرت أشكال العنف والفساد في مجتمعاتنا.

تعالج الدراسات التي يتضمنها هذا الكتاب جملة قضايا كانت في مركز اهتمام هشام نشابه، أعدها باحثون وعلماء عرب، بعضهم أصدقاء له، وبعضهم الآخر زملاء تعاونوا معه أو شاركوه الهم التربوي نفسه.

ولقد حددنا اهتمامات الدكتور هشام نشابه الرئيسة في: الدين، والتربية، وفلسطين، والنهضة العربية، وقسمنا هذا الكتاب التكريمي، تالياً، إلى أبواب أربعة، ورتبنا المساهمات في كل باب بحسب التسلسل الأبجدي لمعديها.

ونحن، إذ نتوجه بالشكر إلى كل الذين استجابوا لدعوتنا وساهموا في إعداد دراسات هذا الكتاب، نأمل أن نكون بهذا الجهد المتواضع قد أوفينا الدكتور هشام نشابه بعضاً من حقه على مؤسسة الدراسات الفلسطينية التي سعى، وما زال يسعى، إلى تطوير الدور الذي تضطلع به في خدمة قضية العرب المركزية، قضية فلسطين.

 

المساهمون في هذا الكتاب

          السيد محمد حسن الأمين عالم ديني, مستشار في المحكمة الجعفرية العليا وشاعر.

          طارق عبد الفتاح البشري مستشار ومفكر, والنائب الأول السابق لرئيس مجلس الدولة المصرية.

          سليم تماري أستاذ علم الإجتماع في جامعة بيرزيت, وباحث رئيسي في مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

          بيان نويهض الحوت مؤرخة فلسطينية, وأستاذة في كلية الحقوق والعلوم السياسية بالجامعة اللبنانية.

          عصام خليفة الرئيس السابق لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية.

          سليم دكّاش اليسوعي رئيس جامعة القديس يوسف.

          محمود سويد مدير عام مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

          رضوان السيد مفكر إسلامي, وأستاذ الدراسات الإسلامية في الجامعة اللبنانية.

          ماهر الشريف مؤرخ فلسطيني, وباحث متفرغ في مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

          حسن عبد الكريم عميد كلية التربية في جامعة بيرزيت.

          سام عبدالكريم عمار عميد سابق لكلية التربية في جامعة دمشق وأستاذ فيها.

          ريتا عوض ناقدة أدبية, والمديرة السابقة لدائرة الثقافة في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.

          محمد مصطفى القبّاج أستاذ باحث في الفلسفة وعلوم التربية في المغرب.

          محمد المجذوب رئيس الجامعة اللبنانية سابقاً, وعضو مجلس أمناء مؤسسة الدراسات الفلسطينية.