أعربت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا عن أسفها لإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، وعن موافقته على نقل سفارة بلاده من تل ابيب إلى القدس، مؤكدة موقفها الثابت بأن القدس يجب أن تكون عاصمة لكل من إسرائيل والدولة الفلسطينية المستقبلية.

وجاء ذلك خلال اجتماع الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا الذي عقد في ستراسبورغ اليوم الخميس، والذي أكدت فيه التمسك بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالقدس، مشددة على تأييدها لحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967 كحل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

كما طالبت الجمعية جميع الأطراف الإيفاء بالتزاماتها ومسؤولياتها بموجب القانون الدولي والامتناع عن اتخاذ أي تدابير تقوض عملية السلام، بما في ذلك وضع القدس.

وأكد القرار الذي تبنته الجمعية بأغلبية ساحقة على ان الجمعية البرلمانية تشاطر العالم قلقه جراء هذا الإعلان، ولكنها رأت أن السياق الحالي يمكن أن يتيح فرصة لإعادة إطلاق عملية السلام وأنه تقع على عاتق المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس أوروبا، مسؤولية التصرف بصورة حاسمة من أجل تهيئة الظروف الملائمة لبلوغ هذا الهدف. وأكدت الجمعية أن دور الولايات المتحدة بوصفها وسيطا جادا في عملية السلام قد قوضه إعلان رئيسها بشأن القدس، وأن أي دور مستقبلي لها ينبغي أن يستند إلى مقاربة جديدة محايدة في هذه العملية.

ودعت الجمعية أوروبا إلى لعب دور رئيسي في رعاية واستئناف عملية السلام، كما دعت السلطات الإسرائيلية إلى وقف بناء مستوطنات جديدة وتوسيع المستوطنات القائمة، وإلى وقف جميع عمليات هدم المنازل والإخلاء القسري للسكان ومصادرة الأراضي في الأراضي المحتلة بما فيها القدس الشرقية.

وقد جاء القرار الذي صوتت عليه الجمعية في أعقاب مناقشة تقرير أعده النائب تيتوس كورليتنان من البرلمان الروماني حول عملية السلام الفلسطينية -الإسرائيلية ودور مجلس أوروبا، حيث أعرب غالبية المتحدثين خلال النقاش عن دعمهم لتطلعات الشعب الفلسطيني في العيش بحرية وكرامة، منتقدين سياسات إسرائيل التي تنتهك حقوق الإنسان الفلسطيني من خلال منع حرية الحركة وسرقة مصادر المياه وتعريض الأطفال الفلسطينيين إلى محاكمات عسكرية، كما حدث مع عهد التميمي في خرق واضح للأعراف والقوانين الدولية.

وأدان الاجتماع الإجراءات والتشريعات التي أقرتها الكنيست لتكريس الاحتلال وشرعنه الأعمال العدائية بحق الشعب الفلسطيني.

وشارك الوفد الفلسطيني في النقاش الذي جرى حول التقرير في الجمعية البرلمانية، حيث قدم النائب قيس أبو ليلى مداخلة دعا فيها إلى التمسك بمبادئ القانون الدولي باعتبارها الأسس والمرجعية لأية عملية سلام مقبلة، مؤكدا أن تراجع الدور الأميركي في رعاية عملية السلام يحتم على أوروبا التقدم للعب دور رئيسي في هذه العملية.

كما شدد على ضرورة أن ينطلق مجلس أوروبا في رؤيته هذه من تمسكه بسيادة القانون، وحماية حقوق الإنسان، وعدم الاكتفاء بحثّ الطرفين على استئناف الحوار.

وقال: "إن إسرائيل تواصل احتلالها للأرض الفلسطينية المحتلة منذ خمسين عاما، وتبني المستوطنات غير القانونية في أرض محتلة في خرق صارخ للقانون الدولي، ولا تحترم حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني، وتعرضهم لكل أشكال القمع والاضطهاد والإذلال، وإن السلام الذي يسمح بالتعايش بين الشعبين يجب أن يقوم على احترام القرارات الدولية بما يعني إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتمكين دولة فلسطين من ممارسة سيادتها على أرضها وعاصمتها القدس، وحل قضية اللاجئين على ساس القرار 194".

من جهته قدم النائب فيصل أبو شهلا مداخلة أكد فيها أن إعلان ترمب يتجاهل حقيقة أن القدس مدينة محتلة، وانه بإعلانه هذا قد تنكر لحق الشعب الفلسطيني في القدس التي كانت عاصمته منذ آلاف السنين.

وتابع: إن هذا الإعلان هو بمثابة هدية للمتطرفين في إسرائيل، ومن شأنه تدمير عملية السلام التي مضى عليها 27 عاما، ما يجعل من أمريكا جزءا من المشكلة وليست جزءا من الحل".

وأشار إلى سياسات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني من قتل وتدمير واعتقال وحصار ظالم تفرضه على قطاع غزة.

وفي مداخلتها أمام الجمعية قالت النائب سحر القواسمي "إن إعلان ترمب شكل ضربة خطيرة لاحتمالات السلام وشجع القادة الإسرائيليين على اتخاذ خطوات لضم الضفة الغربية، كما شجع الكنيست على إقرار قوانين عنصرية تجعل التفاوض حول مستقبل القدس مستحيلاً، إضافة إلى إقرار عقوبة الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين في مخالفة صريحة لمبادئ مجلس اوروبا".

وأضافت القواسمي: "أن لمجلس أوروبا دورا يمكن أن يلعبه استجابة للحاجة إلى إطار دولي للدفع بعملية السلام قدما في ضوء انحياز الولايات المتحدة إلى طرف واحد".

وأكدت حرص الشعب الفلسطيني على السلام، وعلى ضرورة أن يحرص المجتمع الدولي على حماية عملية السلام من اجل إنقاذ حل الدولتين وإلا فإن البديل هو دولة "الابرتهايد".