يقول أكثر من مسؤول أردني في مجالسه الخاصة والضيقة أن رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل أرهقهم عبر إتصالات هاتفية ورسائل ووساطات عربية للقدوم إلى العاصمة الأردنية عمّان في زيارة سياسية، ليتم إستقباله من قبل شخصيات سياسية أردنية. لكن عمّان تُعلّق هذه الطلبات المتكررة منذ نحو عام، فلا ترفضها ولا تعده ببرمجة الزيارة في أقرب أجل ممكن.

ومشعل الذي يحمل الجنسية الأردنية منذ ولادته في الخمسينات، والذي تعرض لمحاولة إغتيال إسرائيلية عام 1997 في عمّان نجا منها بأعجوبة بعد إصرار ملكي نادر على أن تجلب تل أبيب الترياق المضاد للسموم التي زرقت في أذن مشعل، لا يكف عن طلب زيارة عمّان، التي لا يزال يقيم فيها العديد من أفراد عائلته وأقاربه.

ومشعل من وجهة نظر أوساط أردنية مهتمة يريد الإحتفاظ بعلاقات فعّالة مع الأردن، لكن عمّان كما يقول الكاتب والمحلل السياسي في جريدة (الغد) الأردنية الدكتور محمد أبو رمان، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية السياسية، ذاهبة في العلاقة الرسمية مع حماس نحو مستوى أقل عدائية وتشنجًا عما كان حاصلًا خلال عامي 2006 و 2007، وهي مرحلة إتهمت عمّان فيها حماس رسميًا بالتآمر على الأردن عبر تبني مخططات لتهريب أسلحة وتنفيذ تفجيرات واغتيالات.


إختفاء الحفاوة
ويشير الكاتب الدكتور أبو رمان إلى أن عمّان بالمقابل لن تعود إلى مستوى الحماسة في العلاقة مع حماس، أسوة بما حصل خلال العامين الماضيين، إذ استقبلت عمّان الرسمية مشعل وبعض القيادات في حماس بحفاوة رسمية، دفعت العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إلى إستقبال مشعل في القصر الملكي، مرة برفقة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – وليا للعهد وقتذاك- ومرة ثانية منفردًا.

ويُشكّك أبو رمان في حصول زيارة مشعل للعاصمة الأردنية عمّان قريبًا، ويرى أن حصول الزيارة سيكون مرتبطًا بالمستجدات الإقليمية بعد حصول الإنقلاب العسكري المدعوم إقليميًا في مصر، وأن عمّان لن تقطع العلاقة السياسية والأمنية مع حماس، لكنها لن تكون حريصة على علاقات نشطة وكاملة معها.


ملء فراغ
ويقول أبو رمان: "من دواعي التقارب الكبير الذي حصل بين الأردن وحماس خلال العامين الماضيين الرغبة الأردنية في ملء الفراغ السياسي والدبلوماسي في ملف المصالحة الفلسطينية بين حماس وحركة فتح، التي يقودها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وهو ملف كانت تتولاه حصريا القيادة المصرية برئاسة الرئيس السابق محمد حسني مبارك، الذي أطاحته انتفاضة شعبية في شباط (فبراير) 2011".
ويلفت أبو رمان إنتباه "إيلاف" إلى أن ملء الأردن فراغًا من هذا النوع كان يستدعي تقاربًا رسميًا وعلنيًا بين الأردن وحماس.


فشل مشعل
من جهته، يقول الناشط السياسي الأردني محمد الضلاعين لـ"إيلاف" إن زيارة مشعل لن تحصل أبدًا خلال الفترة المقبلة، خصوصًا بعدما سقطت تجربة الإخوان المسلمين في الحكم بعد عام واحد في مصر، وعمّان سعت لأن تكون حماس وسيطًا مقبولًا بين النظام الملكي الأردني وإخوان مصر، لكن هذه المهمة برأي الضلاعين كانت أكبر من قدرات حماس، "خصوصًا أن حماس فشلت سرًا في جسر الهوة السياسية بين الأردن وإخوان مصر، وهو ما تزامن مع رصد أمني أردني لمحاولات من جانب مشعل وحماس التدخل في شؤون الأردن الداخلية عبر إخوان الأردن، على مشارف إنتخابات برلمانية حصلت مطلع العام الحالي، وهو الذي صدّر غضبًا أردنيًا مكتومًا من الحركة الفلسطينية".
البوابة الأمنية
يشير الضلاعين إلى أن الأردن الرسمي بالغ في الحفاوة الرسمية الممنوحة لحماس، إذ يلفت إلى أنه رغم أن مشعل لا يملك أي منصب رسمي، إلا أن جهات أردنية سهّلت لقاءات له مع الملك. وكان يفترض، برأي الضلاعين، أن يلتقي مشعل في عمّان مستويات سياسية وأمنية عادية، وأن تظل العلاقة بين الأردن وحماس عبر البوابة الأمنية الأردنية أسوة بالسنوات السابقة التي سادتها قطيعة بين عمّان وحماس.