بيان صادر عن قيادة حركة "فتح" – الساحة اللبنانية – إقليم لبنان
يا جماهير شعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات.....
في هذه المرحلة حيثُ تشتدُّ الهجمة السياسية الحاقدة على القضية الفلسطينية، بهدف إجهاض المشروع الوطني الفلسطيني، وتصفية الحقوق الفلسطينية، ومحاولات تجريد منظمة التحرير الفلسطينية من عوامل القوة والدعم والمساندة، على طريق سحب شرعية قيادتها بأساليب وطرق تنمُّ عن حجم المؤامرة التي تُحاك في المطابخ السياسية.
يجري ذلك كلّه في الوقت الذي تتعاطى فيه القيادة الفلسطينية مع التطورات السياسية كافةً بمواقف واضحة تستند إلى الشرعية الدولية، وإلى قرارات المجالس الوطنية، وإلى الثوابت الوطنية المبدئية، ورفض أية تنازلات عن هذه الحقوق التاريخية مهما كانت الضغوطات والتحديات، باعتبار القضية الفلسطينية هي قضية مقدّسة، لأنها قضية الأُمَّتين العربية والإسلامية، والشعب الفلسطيني يُشكِّل رأسَ الحربةِ في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي.
وأمام ما يجري في المنطقة من ترتيبات سياسية، وأمنية، واقتصادية، وعسكرية، في الوقت الذي تنخر فيه الخلافات والنزاعات العالم العربي، وتتعدَّد المحاور ممَّا يُضعف القضية الفلسطينية ويُفقِدها السند الحقيقي فإنَّ العدوَّ الصهيوني يعمل من خلال الولايات المتحدة ورئاستها الجديدة لابتزاز الأُمّة العربية، وجرِّها إلى تطبيع العلاقات على حساب الدولة الفلسطينية المستقلة، وعلى حساب القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين.
كذلك فإنَّ نتنياهو الذي يقود حكومة الاستيطان والعنصرية يتعمَّد ابتزاز القيادة الفلسطينية، وتعطيل أية محاولات ترمي للتوصُّل إلى حلول سياسية في عهد ترامب بعد اللقاءات التي حصلت. والواضح أنَّ تصريحات ترامب حتى الآن لم تجرؤ على أخذ مواقف واضحة بخصوص حل الدولتَين، أو بخصوص القدس، أو بخصوص حق العودة. أمَّا الواضح في تصريحاته كافةً فهو الحرص على أمن الكيان الإسرائيلي، وحماية الاحتلال، وتقديم الدعم العسكري المتطوِّر للجانب الإسرائيلي لأنَّ هناك اتفاقات إستراتيجية تربط بين الطرفين.
في هذه المُناخات المعقَّدة وغير المبشِّرة بالخير، بدأت تبرز مواقف معلنة مشحونة بالعداء والبغضاء للفلسطينيين من قِبَل نتنياهو تحديداً، ومحاولة تشويه القضية الفلسطينية، والإساءة إلى نضالات شعبنا المشرِّفة، وإلصاق تهمة الإرهاب بشعبنا، وشهدائه، وأسراه، ومقاتليه، ومؤسساته الوطنية. ووصلت الأمور إلى حد مطالبة القيادة الفلسطينية بوقف صرف مخصَّصات ورواتب أُسَر الشهداء، والأسرى باعتبارهم حسب ادعاءاته الحاقدة أنَّهم ارتكبوا عمليات إرهابية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وقد باشر الاحتلال بخطوات عملية لمنع التحويلات المالية، ولخصم قيمة المبالغ المخصصة كرواتب من الأموال التي يجمعها الاحتلال من الجمارك، والتي هي حق للشعب الفلسطيني. وهذه الإجراءات تتم على مرأى ومسمع من جميع الأطراف العربية والإسلامية والدولية، من دون أن يكون هناك موقف رادع.
أولاً: لقد رفضت القيادة الفلسطينية هذه الطلبات الصادرة عن نتنياهو، والمطعون فيها أصلاً. وقد أكَّد الرئيس أبو مازن بأنَّ الشهداء والأسرى ناضلوا من أجل استقلال وطنهم، وحُريّة شعبهم، وتحقيق أهدافهم، وأنَّ المنظمة ستواصل دفع الرواتب مهما كانت الصعوبات، لأنَّ هذا الموضوع له أبعادٌ وطنيةٌ، وسياسية، ووجدانية، وليس من حقِّ نتنياهو الذي يحتل أرضنا بالقوة أن يتدخَّل في هذه الأمور التي تعني الشعب الفلسطيني وحده.
ثانياً: إنَّ القيادة الفلسطينية معنية بالحفاظ على ثوابتها الوطنية، وتعزيز قواها الحية، وتصليب جبهتها الداخلية، وتفعيل دورها في مواجهة الاحتلال الإسرئيلي، مرتكزة إلى هذه التضحيات الجسيمة منذ الانطلاقة وحتى الآن.
ثالثاً: إنَّنا ندعو إلى تفعيل المقاومة الشعبية بكل أشكالها وهي حقٌّ طبيعي من حقوق الشعوب المظلومة والمقهورة، وتفعيل المقاومة الشعبية بشموليتها هي الرد الأوضح، والأجدى على ما يدَّعيه نتنياهو وعصابته من خزعبلات.
رابعاً: إنَّ مثل هذه التصريحات الإسرائيلية البغيضة والعنصرية، يجب أن تُقنع حركة "حماس" بأخذ خطوة إيجابية تجاه وحدة الموقف الفلسطيني بوجه المؤامرات التي تُحاك من أجل فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وتمزيق الصف الفلسطيني تمهيداً لتمرير المشروع الصهيوني التصفوي.
كذلك فإنَّ مثل هذه المواقف العدائية الإسرائيلية لا بد أن تعطي لشعبنا دفعةً جديدةً من الإصرار الوطني على مقارعة الاحتلال، ودفعه إلى الانسحاب، واستعادة الأرض المقدَّسة مهما كلَّفنا ذلك من تضحيات.
وفي تصريح آخر لنتنياهو زعيم العصابة الصهيونية يُكمِّل فيه النقمةَ والهجمة الحاقدة على الشعب الفلسطيني، وهو مطالبته بتفكيك الأونروا، وإلغائها وهي المعينة بمتابعة قضايا اللاجئين الفلسطينيين، الذين شُرِّدوا من أرضهم طبعاً العام 1948. والمستغرَب أنَّ نتنياهو الذي يتزعَّم العصابة الصهيونية هو وعصابته شرَّدوا شعبنا من أرضنا التاريخية، وارتكبوا المجازر، وقتلوا الآلاف، وتحت سيطرة الإرهاب والرعب، والدم اضُطر الأهالي وخوفاً على أطفالهم ونسائهم، أن يغادروا بيوتهم بفعل مؤامرة قادتها بريطانيا مع الحركة الصهيونية. وها نحن بعد سبعين عاماً على النكبة ما زال شعبنا مشرَّداً في دول العالم يحلم بالعودة، ويطالب بتنفيذ هذا الحق الشرعي لإنهاء مأساته. وهنا نحن نطالب هيئة الأمم المتحدة التي رعت وكالة الأونروا منذ البداية أن تتحمَّل مسؤولياتها كاملةً تجاه شعبنا، ورفض هذه المقولات العنصرية التي يتشدَّق بها نتنياهو والداعية للتخلص من وكالة الأونروا، وإلحاق اللاجئين الفلسطينيين بمفوضية اللاجئين الدولية.
ونحن نُذكِّر هنا بأنَّ اللاجئين الفلسطينيين تحكم مستقبلَهم قراراتٌ سياسية وقانونية دولية، وليس الموضوع متوقِّفاً على الطعام والشراب، فهناك حقوق سياسية تنصُّ على عودتهم إلى أرضهم التي طردوا منها العام 1948، ثُمَّ التعويض عليهم بكلِّ ما يتعلَّق بممتلكاتهم ومعاناتهم، لذلك فإنَّ علاقة اللاجئين الفلسطينيين بالأونروا كجهة مفوَّضة دولياً لمتابعة قضيتهم هو أمر قانوني وسياسي، ولا يستطيع أحد التلاعب به.
إنَّنا ندعو أبناء شعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات إلى رصِّ الصفوف والتأهب لخوض معركة الدفاع عن الثوابت والوطنية، وعن "م.ت.ف"، كما ندعو القوى الوطنية والإسلامية في الساحة الفلسطينية إلى تصليب الموقف، والتخلُّص من حالة التردُّد أمام القضايا الاستراتيجية كوحدة الأرض، ووحدة الشعب، ووحدة المواقف والتصورات السياسية والوطنية. وآن الأوان لحسم المواقف لأنَّ التاريخ لن يرحم، ونحن أمام اختبارات وامتحانات صعبة ومعقدة. وفلسطين تنادي الجميع أن هلُمّوا إلى ساحة الوحدة الوطنية، إلى حيثُ القرار الوطني المستقل.
تحيّة إكبار واعتزاز إلى شهدائنا الأبطال وذويهم الأحرار
تحيّة المجد والعزة لأسرانا البواسل وذويهم صُنَّاعُ الأبطال
تحيّة النّصر والعودة إلى شعبنا في الداخل والشتات
وإنَّها لثورةٌ حتى النّصر
حركة "فتح" – الساحة اللبنانية
2017/6/16
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها