أكد مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية التي عقدها في رام الله اليوم برئاسة رامي الحمد الله رئيس الوزراء، على موقفه برفض استلام عائدات الضرائب الفلسطينية من إسرائيل، بعد قرار الحكومة الإسرائيلية خصم مبلغ مليار وخمسين مليون شيكل من مستحقات الضرائب المحتجزة وإصرارها على التصرف بالأموال الفلسطينية بإرادتها المنفردة، ورفضها تدقيق كل الفواتير منذ قيام السلطة للتغطية على قرصنتها ونهبها للأموال الفلسطينية على مدى سنوات طويلة في انتهاك فاضح للاتفاقيات والمواثيق الدولية، مؤكدا على موقف سيادة الرئيس المطالب بلجنة تحكيم بهذا الخصوص.
وهنأ المجلس جماهير شعبنا وقيادته، وكافة الأحرار في العالم بقرار انضمام دولة فلسطين رسميا إلى المحكمة الجنائية الدولية، إيذاناً ببدء مرحلة جديدة من النضال ضد الاحتلال وممارساته الإرهابية، وأكد أن هذا الإنجاز التاريخي الهام لشعبنا هو خطوة على طريق تحقيق طموحاتنا الوطنية، وهو رسالة لكافة الأطراف على أن شعبنا مصمم على مواصلة نضاله بكافة الوسائل والسبل المشروعة لتحقيق قيم العدالة، وتعزيز القيم العالمية للكرامة الإنسانية.
واستمع المجلس إلى تقرير حول حل كافة قضايا قطاع غزة، ومن ضمنها الموظفون والمعابر والكهرباء، وفقا للقوانين والأنظمة وفي إطار اتفاق القاهرة وإعلان الشاطئ، وثمّن الجهود التي تقوم بها اللجنة، مؤكدا إصرار الحكومة على حل جميع القضايا، ومطالبا جميع الأطراف بالتعاون والعمل المشترك والتحلي بالمسؤولية الوطنية، حتى نتمكن معا من إنهاء معاناة أبناء شعبنا في قطاع غزة، وحماية مشروعنا الوطني، وتعزيز قدرتنا على مواجهة التحدي الأكبر المتمثل في إنهاء الاحتلال، ومواجهة مشاريع الاستيطان وتهويد القدس، وإنجاز قيام دولتنا الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
واستنكر المجلس اقتحام الجماعات اليهودية المتطرفة للمسجد الأقصى المبارك، ودعواتها للمشاركة الواسعة في أداء شعائر وطقوس تلمودية بمناسبة صلاة عيد الفصح العبري، وأكد تواطؤ الحكومة الإسرائيلية السافر التي توفر الغطاء الرسمي لهذه المنظمات والجماعات اليهودية المتطرفة لفرض أمر واقع جديد، يهدف إلى تهويد مدينة القدس بالكامل، رغم التعهدات التي قدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي للإدارة الأميركية وللعاهل الأردني، لافتا إلى خطورة إصرار حكومة الاحتلال على تحويل الصراع من صراع سياسي إلى صراع ديني، ما سيزيد الأوضاع خطورة ويضع المدينة المقدسة في دائرة الخطر الحقيقي، ويشكل تحديا فظا وإعلان حرب على المسلمين ومقدساتهم وعلى كل العالم الإسلامي، داعيا حراس المسجد الأقصى المبارك وسدنته وجموع المصلين والمواطنين المقدسيين، وأهلنا في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، إلى التواجد والمرابطة في المسجد الأقصى المبارك وساحاته الطاهرة، ومواصلة شدّ الرحال إليه، لحمايته من مخططات الجماعات اليهودية المتطرفة.
وأدان المجلس قيام قوات الاحتلال باقتحام منزل النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية خالدة جرار واعتقالها، والحكم الإداري عليها لمدة ستة أشهر، وأكد أن هذه الجريمة هي انتهاك صارخ لكافة المواثيق والأعراف الدولية والحصانة البرلمانية التي تتمتع بها النائب، وتوجه إلى مختلف المؤسسات الدولية والحقوقية بما فيها المؤسسات البرلمانية في الاتحاد البرلماني الدولي، والبرلمان الأوروبي، والجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، والجمعية البرلمانية الأورومتوسطية، وكافة برلمانات العالم، إلى التحرك العاجل لفضح الممارسات الإسرائيلية ضد النواب الفلسطينيين المنتخبين وإجبار اسرائيل على الإفراج الفوري عن النائب جرار وجميع النواب المعتقلين وكافة الأسرى والأسيرات من السجون الإسرائيلية، باعتبار استمرار اعتقالهم جريمة حرب، ويندرج في إطار سياسة الحكومة الإسرائيلية، وعدوانها المتواصل بحق كافة أبناء شعبنا، وهو فضيحة لبرلمان وحكومة الاحتلال ووصمة عار في جبين العالم المتحضر الديمقراطي، الذي بات مطالبا بالتدخل الفوري لوقف كافة جرائم الاحتلال وقراراته العنصرية المتطرفة.
وعلى صعيد آخر، أدان المجلس سياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق أسرانا الأبطال، والتي كان آخرها الاعتداء الوحشي على الأسرى في سجن ريمون، ما أدى إلى نقل ثلاثة منهم إلى المستشفى، إضافة إلى قطع التيار الكهربائي، كوسيلة للعقاب وتشديد الخناق على المرضى بشكل يزيد من معاناتهم وأوجاعهم، بما يتنافى مع أدنى معايير حقوق الإنسان، ودعا كافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية إلى التحرك وتحمل مسؤولياتها لإلزام إسرائيل باتفاقيات جنيف، وبضمان معاملة الأسرى وفقا للمواثيق والأعراف الدولية.
وندد المجلس باقتحام عصابات 'داعش' الإرهابية لمخيم اليرموك، وبالجرائم التي ترتكبها بحق اللاجئين الفلسطينيين، ومحاصرتها للآلاف واعتقال المئات منهم، وعمليات الإعدام والذبح التي تنفذها داخل المخيم، معربا عن قلقه من الأوضاع الإنسانية لسكان المخيم، الذين يعيشون تحت القصف والاشتباكات العنيفة والمتواصلة، ودعا وكالة 'الأونروا' و'اللجنة الدولية للصليب الأحمر' إلى العمل على فتح ممرات إنسانية لسكان المخيم، والعمل لإجلاء عشرات الجرحى، وتحييد المخيم والفلسطينيين من الصراع الدائر في سوريا.
وفي سياق آخر، دعا المجلس الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين إلى التراجع عن قراره بالإضراب الجزئي ابتداء من يوم الأربعاء، مؤكدا أن الحكومة بذلت أقصى الجهود للتخفيف من معاناة الموظفين والمعلمين وفقا للإمكانيات المالية المتوفرة منذ إقدام الحكومة الإسرائيلية على احتجاز عائدات الضرائب الفلسطينية، وأن الحكومة رفضت استلام عائدات الضرائب بعد قرار الحكومة الاسرائيلية بخصم مبلغ مليار وخمسين مليون شيكل منها، مؤكدا أن الحكومة لن تفرط بأي جزء من أموال الشعب الفلسطيني، وأشاد المجلس بالمسؤولية العالية التي تحلى بها كافة الموظفين والمعلمين، والتزامهم بالقيام بواجبهم رغم الصعوبات المالية التي يواجهونها في هذه المرحلة الحساسة التي تستدعي استنهاض كافة طاقات شعبنا للتصدي للعدوان الإسرائيلي على مُقدرات شعبنا وأرضه وموارده وحقوقه الوطنية، وللمحاولات الإسرائيلية لإضعاف مؤسسات دولة فلسطين وقدرتها على تقديم الخدمات التي تُقدمُها للمواطنين، داعيا الاتحاد إلى التراجع عن خطواته لما تلحقه من تعطيل للمسيرة التعليمية.
وقرر مجلس الوزراء إعادة تشكيل اللجنة الإدارية القانونية لدراسة القضايا المدنية والمشاكل الإدارية الناجمة عن الانقسام، والتي تشمل تعيينات الموظفين وترقياتهم والفصل ووقف الراتب والتنقلات في المؤسسات والإدارات الحكومية والمراسيم والقرارات الرئاسية والحكومية المختلف عليها، واقتراح سبل معالجتها وتقديم نتائج أعمالها للجهات التنفيذية المختصة خلال ثلاثة أشهر، وفقا لأحكام القانون الأساسي والقوانين والأنظمة واللوائح ذات الصلة المقرة قبل 14/6/2007، وعلى أساس تحقيق العدالة والإنصاف، وعدم الإجحاف بحقوق العاملين الذين تضرروا نتيجة الانقسام، والتأكيد على مبدأ الشراكة لأبناء الشعب الفلسطيني في المؤسسات الحكومية على أساس الكفاءة ومراعاة الإمكانيات المتاحة وانعكاسها على الموازنة والهياكل الإدارية وسياسات التوظيف، وبما يعالج التضخم الوظيفي في المؤسسات الحكومية.
كما قرر المجلس تشكيل لجنة لترتيب استلام كافة المعابر إلى قطاع غزة، الأمر الذي سيدفع باتجاه تمكين حكومة الوفاق الوطني من عملها في قطاع غزة، وتسريع عملية إعادة الإعمار، في ظل ما يواجهه أبناء شعبنا في غزة من ظروف صعبة، وأكد أن نجاح اللجنتين في عملهما يتطلب دعما وتعاونا من جميع الأطراف السياسية، لتعزيز جهود الحكومة بتلبية احتياجات المواطنين في قطاع غزة.
وأكد المجلس أنه سيقوم بإتمام الإجراءات لإعفاء المزارعين من ضريبة الدخل قبل نهاية هذا الشهر في إطار سياسة الحكومة لدعم القطاع الزراعي وتعزيز صمود المزارعين.
وقرر المجلس إحالة موضوع استمرار استئجار مقر جمعية الدراسات العربية وبيت الشرق في القدس إلى وزارة المالية، نظرا لأهمية المؤسسات المقدسية التي قامت سلطات الاحتلال بإغلاقهما خلال الانتفاضة الثانية رغم الالتزامات والضمانات الأميركية، والرسالة التي تعهد فيها وزير خارجية إسرائيل في حينه لوزير خارجية النرويج بعدم المساس بالمؤسسات المقدسية.
كما قرر المجلس تكليف لجنة خاصة لاستدراج عروض لشراء التجهيزات الخاصة بمقر وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الجديد، والذي سيتم الانتقال إليه خلال الشهر الجاري، بعد أن أصبح المبنى جاهزا لافتتاحه والانطلاق بالعمل نحو مجتمع المعلومات والاتصالات بحلة جديدة شعارها التطوير والتحديث لتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطن.
وقرر المجلس إحالة طلب إلغاء تخصيص جزء من قطعة الأرض التي جرى تخصيصها سابقا لمعهد الأمل للأيتام إلى لجنة تخصيص الأراضي، وذلك لدراسة تخصيص المساحة بما عليها من أبنية وإنشاءات لصالح جمعية الأطفال المعاقين بغزة (مركز شمس).
وناقش المجلس سبل مساعدة العديد من العائلات التي وصلت إلى قطاع غزة من سوريا وليبيا واليمن نظرا للأوضاع الصعبة التي يعيشونها بعد اضطرارهم للقدوم إلى قطاع غزة بسبب الأحداث في هذه الدول التي أدت إلى لجوئهم القسري إلى قطاع غزة، وقرر المجلس دفع مبلغ مقطوع بقيمة ألف شيكل لكل أسرة لمدة ستة أشهر إلى حين إيجاد حل جذري لقضيتهم.
وصادق المجلس على جدول تشكيلات الوظائف (2015)، الذي يعتبر إنجازها هاما لتطوير قطاع الخدمة المدنية، ويشكل نموذجا مؤسسيا يحتذى به رغم حداثته، ومحدودية الإمكانات وصعوبة التحديات الإدارية والمالية، ويدعم سياسة الحكومة في ترشيد فاتورة الرواتب والانفاق العام، وزيادة رضا الموظف وشعوره بالأمن الوظيفي، ما يزيد من كفاءته وتحسين أدائه وإنتاجيته، وتعزيز مكانة المؤسسة الحكومية وقدرتها على تقديم خدمات ذات جودة أفضل للمواطنين، وزيادة ثقة الجمهور ومؤسسات المجتمع المدني بالحكومة وجدية توجهاتها للإصلاح والتطوير في القطاع العام. وثمّن المجلس جهود الفريق الوطني على هذا الإنجاز مطالبا ببدء العمل في إعداد جدول تشكيلات الوظائف للأعوام (2016–2018).
وأحال المجلس مشروع قرار بقانون معدل للقرار بقانون رقم (13) لسنة 2009 بشأن قانون الكهرباء العام، إلى أعضاء مجلس الوزراء لدراسته، وذلك بهدف تعزيز مفهوم الشفافية الذي سيساهم بمنح مجلس التنظيم القدرة والمرونة المطلوبة والملحة لأداء مهامه وفقا للقانون، لا سيما صلاحيات الرقابة والإشراف والمتابعة المستمرة لشركات توزيع الكهرباء ومدى التزامها بتنفيذ القانون وتطبيقها للأحكام المنصوص عليها في الرخص الممنوحة لها.
كما أحال المجلس مشروع قانون الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة إلى أعضاء مجلس الوزراء لدراسته، انطلاقا من أهمية تطوير قطاع الطاقة وإعادة هيكليته لينسجم مع السياسات الدولية المتبعة في هذا المجال، وبما يحقق تكامل المؤسسات الحكومية في قطاع الطاقة، وانسجام خططها الداخلية وبناء خطة استراتيجية شاملة لتطوير قطاع الطاقة الفلسطيني.
وأحال المجلس مشروع نظام المركز الوطني الفلسطيني للبحوث الزراعية إلى أعضاء مجلس الوزراء لدراسته، بهدف إعداد خطط وبرامج البحث العلمي الزراعي لخدمة التنمية الزراعية، وذلك بتحقيق وتنفيذ أهداف السياسة الزراعية وتنسيق نشاطات البحوث الزراعية الوطنية ونقل التكنولوجيا، واستخدام التكنولوجيا الزراعية الحديثة المناسبة للظروف المحلية واعتمادها، ونقل التقنيات الزراعية الحديثة وتعميمها على جهاز الإرشاد والعاملين في الزراعة، وعقد الدورات التدريبية والمؤتمرات وورشات العمل المتخصصة في الأبحاث الزراعية، والتعاون مع المؤسسات المحلية والعربية والإقليمية والدولية لتنفيذ برامج البحوث الزراعية وتقديم الاستشارات والخدمات الفنية من خلال الوزير، وتطوير مهارات الاختصاصيين والباحثين والمخبريين في الأبحاث الزراعية، وتقديم الخدمات المخبرية فيما يتعلق بفحوصات التربة والمياه والأعلاف والزيوت والسمية وتحاليل الأسمدة وغيرها.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها