خمدت نيران العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لكن النيران لم تخمد بعد في أجساد كثير من الأطفال والنساء الذين كانوا الرصيد الأكبر في بنك الأهداف الإسرائيلي.

الطفل بدر الدين نبيل صيام خمسة أعوام من رفح "قصة حياته أقرب إلى الخيال"، نجا مع والده من مجزرة إسرائيلية بحق العائلة بتاريخ 21/7، عندما حوّلت طائرة حربية منزلهم إلى مقبرة جماعية لـ11 شهيدا من أبناء العائلة.

وصل "الطفل مجهول الهوية"مع والده الذي فقد يده، إلى قسم الاستقبال في المستشفى الأوروبي بين رفح وخانيونس جنوب شرق قطاع غزة، في وضع صحي صعب الناظر إليه يدعو "الإله أن يتولاه برحمته"، فكان أن كتب له عمر جديد ذلك الفضل من الله من قبل ومن بعد، كما يقول الدكتور محمد أبو هلال من رفح الذي أشرف بنفسه على علاج الحالة.

يصف "الدكتور أبو هلال" حالة الطفل : "كان في حالة نزيف شديد وكانت أمعاؤه خارج البطن والصدر مفتوح وكانت حالته سيئة للغاية ولم يكن يعرف اسم الطفل أحد وسجل في المستشفى مجهول".

مضيفا "من هول المنظر لم تحمل أحد رؤية الحالة، حتى ممرض لم يكن معاي كان يأتي ويخرج إلا زميله في العمل للدكتور صالح صقر أخصائي الأنف والأذن مع أنه غير جراح لكن على الأقل كان يفعل كما أقول له، شاكرا له المساعدة".

كان المستشفى مزدحم بكم كبير من المصابين ينزفون وينتظرون دورهم في طابور العمليات حيث كانت جميع الغرف مشغولة، يشير أبو هلال إلى أن خطورة حالة الطفل "صيام" عجلت بدخوله "غرفة العمليات فورا وأجريت له عملية استكشاف للبطن.

وعن توصيف الحالة الصحية يوضح الجراح أبو هلال " وجدت عند الطفل التالي: أولا الصدر كان مصاب إصابة بالغة، تهتك في عظمتين في الصدر ،إصابة الحجاب الحاجز، تم عملية استئصال للعظمتين وإغلاق الحجاب الحاجز وتركيب أنبوب صدري على الجانبين.

ثانيا البطن: تم استئصال جزء من القولون وجزء آخر من الأمعاء الدقيقة، تم استئصال الكلية اليسرى وتم تغريز الطحال حيث كان مصاب ، وجدت حوالي ٢٠ ثقب في الأمعاء نتيجة الشظايا، وأيضا المثانة كانت مصابة إصابة بالغة".

وأكد الجراح الفلسطيني أن حالة الطفل أصبحت مستقرة بعد أكثر من خمس ساعات جراحة في غرفة العمليات، مشيرا إلى سعادته الغامرة عندما رأى الطفل يمشي على قدميه.

وقال إن الطفل بعد استقرار حالته الصحية تم نقله إلى تركيا للمتابعة، لافتا إلى أن الأطباء هناك استغربوا من بقائه على قيد الحياة بعد الاطلاع على تفاصيل حالته، ونوه أيضا أن "والد الطفل وجده" بعد أن تماثل للشفاء "جاءوا إلى المستشفى وقدموا الشكر".

ونبه د.أبو هلال إلى وضع المستشفى المزري خلال العدوان الإسرائيلي " الإمكانيات صعبة، حجم إصابات كبير جدا، ليست كل الأمور متاحة في غرفة العمليات، شح في المستلزمات"، مرجعا الفضل في هذا النجاح الكبير إلى الله تعالى ثم الإرادة التي تحلى به.

وشكر د.أبو هلال زميله المساعد في العملية "د.صالح صقر" و قسم جراحة الأطفال في المستشفى الأوروبي ممثلاً برئيس القسم الدكتور هشام دلول.

وقال لـفلسطين الآن "نحن جميعا جسدا واحدا في وقت الأزمات بارك الله في كل العاملين في الحقل الطبي على ما بذلوه في هذه الحرب ".