كشفت الصحف الإسرائيلية صباح اليوم الإثنين، عن انتقادات شديدة وجّهها وزراء وأعضاء في "الكابينيت" الإسرائيلي إلى طريقة إدارة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو العدوان على قطاع غزة، وسبل اتخاذ القرارات في "الكابينيت" الإسرائيلي.

وقالت صحيفة "هآرتس" إنّ وزراء في الحكومة تذّمروا من عدم عقد جلسات متتالية للحكومة في هيئتها الموسّعة، فيما أعلن وزراء في "الكابينيت" السياسي والأمني عن عدم رضاهم لشكل وطريقة إدارة الحرب، وجلسات "الكابينيت" واتخاذ القرارات فيها.

ووفقاً للصحيفة نفسها، فقد تمكّن نتنياهو، وبالاعتماد على وزير الدفاع موشيه ياعلون، ورئيس هيئة أركان الجيش، من تحييد الوزراء في الكابينيت بشكل شبه منهجي، والإمساك بناصية الحديث لاستعراض إنجازات الجيش والتحركات السياسية بعد إتمامها والاتفاق عليها مع الأطراف الأخرى، مثل الطرف المصري في حالات وقف إطلاق النار، مع إفراد مساحة كبيرة لقيادات الجيش لعرض تصوّراتهم والخطوات القادمة خلال العدوان.


وقالت الصحيفة إنّ تلك النقاشات لم تقدّم حلولاً بديلة أو مقترحات جدّية، بل كانت جلّ مقترحات الجيش وهمية تقريباً، أو تتماشى مع موقف كل من نتنياهو وياعلون اللذين حاولا قدر الإمكان، بحسب معارضيهم في الكابينيت، عدم توسيع نطاق العمليات، خصوصا العمليات البرّية، لتفادي شنّ حرب تتم في نهايتها إعادة احتلال غزّة.

وسبق للصحف الإسرائيلية أن كشفت الأسبوع الماضي أن قادة جيش الاحتلال، عرضوا على أعضاء "الكابينيت" سيناريو يتحدث عن مقتل أكثر من ألفي جندي إسرائيلي في حال قرّرت الحكومة توسيع العدوان البرّي والسعي لإعادة احتلال قطاع غزّة، ليتبين لاحقاً أنّ هذا السيناريو أُعدّ بتأييد وتشجيع من قبل نتنياهو نفسه.

واستعرض تقرير "هآرتس"، حالات تبين فيها لأعضاء "الكابينيت"، أنّ القرارات اتخذت وتمت المصادقة عليها دون سؤالهم عن رأيهم، وأنّه تم فقط إبلاغهم بالقرار بعد صدوره. وهو ما جرى في حالة الإعلان الأخير عن وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة، بحيث تبين لوزير الاقتصاد المتطرف نفتالي بينيت، أن اتصال مستشار الأمن القومي يعقوب عميدور به بشأن اتفاق إطلاق النار السابق، لم يكن بهدف أخذ رأيه، وإنما لإبلاغه بأنّ القرار قد صدر، وأنّه لا مكان لمناقشته أو التراجع عنه لتفادي غضب مصري.

وتكرّر الأمر مع وزيرة العدل تسيبي ليفني، التي أيّدت بقوة قرار الحكومة الإسرائيلية الأسبوع الماضي بعدم التفاوض مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، لتتفاجأ بعد ذلك بثلاثة أيام بتشكيل وفد للمفاوضات مع "حماس" في القاهرة.

وبحسب التقرير، فإنّ كثيراً من الإشكاليات التي سادت اتخاذ القرارات في حكومة الاحتلال الإسرائيلية، إبان العدوان على لبنان قد تكرّرت في العدوان الحالي.

وفي السياق نفسه، أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، بأنّ أستاذ العلوم السياسية الخبير الإستراتيجي يحزقيل درور، عضو لجنة "فينوجراد"، للتحقيق في إدارة شؤون الحرب الثانية على لبنان (العدوان الإسرائيلي على لبنان في 2006)، طالب الحكومة بتشكيل لجنة لفحص سير الحرب وسبل اتخاذ القرارات في الحكومة.

وقال درور إنّه "لا شك بأنّ هناك حاجة لتشكيل لجنة فحص لمعرفة سبل إدارة العدوان منذ اليوم الأول، وحتى آخر يوم فيه"، وإنه سيكون على اللجنة توفير إجابات لعدة مسائل هامة، وفي مقدّمة هذه المسائل "هو عدم إدراك إسرائيل، رغم توفر المعلومات، لحقيقة وحجم الخطر الذي تشكّله الأنفاق، ولماذا أعلنا عن إنهاء الحملة قبل أن ينتهي شيء في واقع الحال؟ وما هي طبيعة العلاقة التي سادت بين المستوى السياسي وبين المستوى العسكري؟"، معتبراً أن "هناك تنافساً شديداً بيننا وبين "حماس" وعلينا تحسين أدائنا".  

وزعم دوره أنّه "كان على الحكومة أن تدفِّع الطرف الآخر ثمن شنّ الهجمات الصاروخية عليها لأيام متتالية"، مشيراً إلى أن "الجيش قام بالكثير، غير أنّ الواقع الميداني يثير أسئلة ليست سهلة حول عقيدتنا القتالية"، خالصاً إلى القول إنه "لا يمكن في العدوان الحالي الإشارة إلى إنجاز أو نجاح حاد في الأيام الأولى للعدوان".