نفذ الأسرى الفلسطينيون إضرابات كثيرة عن الطعام في السجون الإسرائيلية، وظلوا على قيد الحياة، باستثناء أسرى تقرر إطعامهم بالقوة.
جاء ذلك في تقرير نشرته صحيفة "هآرتس"، الصادرة صباح اليوم، تناول قضية التغذية القسرية للأسرى المضربين عن الطعام بالقوة، علما أن اقتراح القانون سيعرض على الكنيست الاثنين القادم للتصويت عليه.
وأشار التقرير إلى أنه في حال صودق على اقتراح القانون، فسوف يطلب من الأطباء مواجهة أبعاد ذلك، حيث سيضعهم في وضع مشكلي ويعرضهم لضغوطات سياسية أو ضغوطات من قبل منظمات، وذلك لكون العملية تتعارض مع المواثيق الدولية التي ترى في التغذية القسرية تعذيبا.
ولفت التقرير إلى أنه في ظل احتجاج الأطباء، فإن وزارة الصحة الإسرائيلية صمتت، في حين أن وزيرة الصحة ياعيل غيرمان، لم تكتفي بالتزام الصمت، بل كانت شريكة في صياغة اقتراح القانون.
وأشار التقرير إلى أن عملية الغذية القسرية تعتبر تعديا قاسيا على جسد الأسير، حيث يتم ربط الأسير المضرب عن الطعام بكرسي، أو يمسك به بالقوة سجانون، أو ممرضون إذا كان ذلك في المستشفى، ويتم تثبيت رأسه لمنعه من التحرك، ثم يقوم شخص آخر بإدخال أنبوب بلاستيك عن طريق الأنف حتى يصل إلى المعدة، ثم يضخ سائل لزج إلى المعدة.
وتتكرر هذه العملية عدة مرات في اليوم. وفي بعض الأحيان، ولتجنب تعقيدات عملية إدخال الأنبوب إلى المعدة عن طريق الأنف، والتي تعتبر معقدة وخطيرة، يبقى الأسير مكبلا بالكرسي والأنبوب في أنفه لفترات طويلة. ويكفي النظر إلى الأشرطة المصورة في سجن غوانتانامو للاطلاع على مدى وحشية التغذية القسرية وخطورتها، حيث تتجنب الولايات المتحدة تنفيذ ذلك داخل أراضيها، لكون التغذية القسرية تعتبر مخالفة للقانون.
ووصف طبيب نفسي للصحيفة عملية التغذية القسرية بأنها خطيرة تنطوي على مخاطر كثيرة، وفقط عندما تكون بموافقة "المريض" تكون سهلة وغير خطيرة. ويضيف أنه عندما يرفض "المعالج" التغذية القسيرة تتحول العملية إلى صعبة جدا من ناحية التنفيذ، وقد تتسبب بأضرار وتمزقات في منطقة الأنف والحنجرة، كما قد تتسبب بتمزق في القصبة الهوائية، وربما تنتهي بإدخال "الزوندا" إلى الرئتين بدل المعدة، وبالتالي تسبب الاختناق.
ويشير التقرير إلى أن سلطات السجون الإسرائيلية استخدمت التغذية القسرية بدءا من سنوات الستينيات بحق آلاف الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام، بيد أنه تم تسجيل عدة حالات وفاة بين الأسرى نتيجة التغذية القسرية. والإشارة هنا إلى الإضراب الذي نفذه الأسرى عام 1980 في سجن نفحة الصحراوي.
ويشير التقرير أيضا إلى أنه جرى عزل الأسرى عن باقي السجناء الجنائيين، ووزعوا على غرف مظلمة. وتقول المحامية ليئا تسيمل في هذا السياق إن إدارة السجن قررت كسر الإضراب بواسطة التغذية القسرية.
تقول تسيمل إن العملية تمت بواسطة سجانون وليس أطباء، وأنها جرت على كرسي أشبه ما يكون بكرسي طبيب الأسنان، حيث أمسك ثلاثة سجانون بالأسير حتى لا يتحرك، في حين قام رابع بإدخال الزوندا عن طريق الأنف إلى المعدة.
وفي ثلاث حالات من التغذية القسرية في حينه، أدخلت الزوندا إلى الرئتين بدلا من المعدة، الأول راسم حلاوة من غزة، والثاني علي الجعفري من مخيم الدهيشة، والثالث إسحاق مراغة من سلوان، ما أدى لاستشهاد حلاوة والجعفري بسبب حصول التهابات شديدة في الرئتين.
ويشير التقرير إلى أن تاريخ الأسرى الفلسطينيين حافل بالإضرابات عن الطعام، وكانت بهدف الاعتراف السياسي بهم كأسرى حرب وكأسرى سياسيين، أو ضد التعذيب والاعتقالات التعسفية، أو ضد سياسة القمع وظروف السجن القاهرة. وحققت الإضرابات إنجازات ملموسة، وبعضها فشل. وبحسب تقرير "أطباء لحقوق الإنسان" فقد استشهد ثلاثة أسرى آخرون، خلافا لحلاوة والجعفري، نتيجة التغذية القسرية وما أعقبها من تداعيات صحية.
ويقول البروفيسور أفينوعام ريخيس، رئيس المحكمة التابعة للهستدروت الطبية، إن الأسرى ينفذون الإضراب عن الطعام احتجاجا، وهم لا يريدون الموت. ويضيف أن أحد المشاكل العملية في التغذية القسرية هي أنه يجب تقييد الأسير بالسرير وتثبيت رأسه أيضا، وفي حال فك قيوده سيقوم بسحب الأنبوب من فمه، وعندها يجب إعادة إدخاله مرة أخرى. ويشير في هذا السياق إلى أن الحديث عن ثلاث مرات في اليوم، وبعدد أيام التغذية القسرية، ما يعني أنه يجب إبقاؤه مقيدا كل الوقت.
يذكر في هذا السياق أن الجمعية الطبية العالمية طلبت من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، إعادة النظر باقتراح القانون، مؤكدة على أن العملية تعتبر "عملية عنيفة ومؤلمة وتتناقض مع حرية الفرد، ومهينة وغير إنسانية ترقى إلى مستوى التعذيب".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها