وصفت وسائل الإعلام الإسرائيلية، اليوم الأربعاء 2025/02/12، البيانات الصادرة، أمس، عن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ومسؤولين سياسيين، في أعقاب اجتماع "الكابينيت" السياسي – الأمني، وإثر تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بأنه في حال عدم إفراج الفصائل الفلسطينية عن جميع الاسرى حتى الساعة 12:00 من ظهر السبت المقبل، وإلا سيتوقف وقف إطلاق النار، بأنها "مثيرة للبلبلة".
وحذر المحللون من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، بعد إعلان الفصائل الفلسطينية، أول من أمس، عن تأجيل دفعة تبادل الأسرة، السبت المقبل، بسبب الخروقات الإسرائيلية للاتفاق.
ونقلت "القناة 12"، اليوم، عن مسؤول إسرائيلي مطلع على الاتصالات مع الفصائل الفلسطينية، تحذيره من انهيار المرحلة الأولى الحالية للاتفاق، وقال: إنه "سنواصل تنفيذ الصفقة بشكلها الحالي إذا حررت الفصائل "3" اسرى، لكن الخطاب حول إنذار بإعادة جميع الاسرى حتى السبت، إلى جانب حقيقة أنه لا تجري محادثات حول المرحلة المقبلة من الاتفاق، يضع استمرار المرحلة الحالية في خطر، ونحن في يوم حاسم حيال مصير الصفقة كلها".
وأفادت القناة بأن مسؤولين كبار في جهاز الأمن الإسرائيلي نقلوا رسالة إلى المستوى السياسي، أمس، وجاء فيها: أن "علينا أن نُبدي ضبط نفس من أجل إنهاء المرحلة الأولى حتى نهايتها، ويحظر أن نوقف ديناميكية إعادة الاسرى، هذه الآلية تعمل، والوسطاء يكفلون الاتفاق ولا يوجد سبب حقيقي لوقف استمرار ذلك حاليًا".
وأضافت القناة: أن "الجيش الإسرائيلي أيضًا نقل رسالة إلى المستوى السياسي، جاء فيها: أنه لدينا أدوات هجومية كبيرة، ونضع أمامكم كافة الإمكانيات، وينبغي إدراك كيفية تطور الأمور، وأخذ تصريح الرئيس ترامب ونستغله بأفضل شكل من أجل تحرير أكبر عدد ممكن من الاسرى، وإذا لم يحدث تقدم يعيد الصفقة إلى مسارها، فإنه ينبغي اتخاذ قرارًا".
لكن في هذه الأثناء، يستعد الجيش الإسرائيلي مجددًا لاستدعاء واسع لقوات الاحتياط، يشمل عددا من الفرق العسكرية، في حال تقرر استئناف الحرب على غزة.
وأشار المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" هاموس هرئيل، إلى أقوال ترامب المتتالية "بمثابة قوة طبيعية لا يمكن رصدها أو إدارتها"، بمعنى التعامل معها.
وتساءل هرئيل، "حول شكل طريقة العمل مقابل الفصائل الفلسطينية، وهل بالإمكان، من خلال إظهار قوة ملائمة، ابتزاز تغيير مواقف منها؟ والتنبؤ بخطوات ترامب لم يعد يبدو أنها مهمة للمحللين أو لعناصر الاستخبارات، وكذلك احتمالات النجاح نفسها سيحققها المنجمون وقارئي الفنجان".
ورأى هرئيل أن ترامب ونتنياهو "يلعبان بالنار"، ولفت إلى أنه "يجب التقدير في المرحلة الحالية كيف ستتصرف الفصائل الفلسطينية على إثر الإملاء الأميركي الجديد، وهل هناك ما يمكن أن تخسره هذه الفصائل؟ ماذا ستفعل إسرائيل والولايات المتحدة إذا رفضت؟، ولنفترض أن هجوم الجيش الإسرائيلي في القطاع سيُستأنف، هل سيؤدي ذلك بالضرورة إلى انتصار إسرائيلي؟ إذ بخلاف مطلق لتعهدات نتنياهو، لم يُنجز أي انتصار مطلق على العدو في جميع أشهر الحرب، لماذا علينا أن نفترض أنه سيُنجز انتصار كهذا الآن، وكم من الاسرى الذين ما زالوا على قيد الحياة سيقتلون في الطريق إلى هناك؟".
وأضاف: "التقديرات السابقة كانت تدعي أن وجهة ترامب نحو تسوية إقليمية جديدة، إلا أن خطواته الأخيرة من شأنها أن تدل على أنه توصل إلى استنتاج أن الفصائل الفلسطينية هي عقبة محتملة أمام خططه، وأنه من الأفضل أولًا أن تزيح إسرائيل الفصائل من الطريق في القطاع، قبل أن يبدأ ترامب في تحقيق رؤيته في لشرق الأوسط".
وتابع: "من الجائز أنه من خلال تهديداته، يمهد ترامب لنفسه بإعطاء ضوء أخضر لنتنياهو بالتخلص من استمرار صفقة الاسرى والعمل أولًا على تحطيم الفصائل الفلسطينية، لكن يبدو أن ترامب ونتنياهو تأخرا بتذكرهم العمل على ذلك، وفي الطريق إلى هناك، قد يموت عشرات الاسرى ومعهم عدد كبير من الجنود الإسرائيليين والمواطنين الغزيين، وليس واضحًا إلى أي مدى هذا الأمر يقلق ترامب أو نتنياهو، إذا كان يقلقهم ذلك أصلاً".
بدوره، اعتبر المحلل الأمني والعسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي، أن البيانات "المثيرة للبلبلة" الصادرة عن نتنياهو، أمس، "تدل على الضغوط التي يتعرض لها، ونتنياهو يحاول السير بين القطرات، (ضغوط) ترامب وسموتريتش وعائلات الاسرى والرأي العام الإسرائيلي".
وأضاف: "الفصائل الفلسطينية بنفسها قالت أول من أمس إنها مستعدة لتحرير الاسرى كما هو مخطط، يوم السبت، وهددت، يوم الإثنين، بتأخير تحريرهم كي يكون وقتًا كافيًا لدى الوسطاء من أجل إعادة الصفقة إلى مسارها، لكن الأوراق اختلطت مع تصريحات ترامب في الليل، والتي طالب فيها بتحرير جميع الاسرى حتى ظهر السبت، وإلا ستفتح أبواب جهنم".
وتابع: "بالرغم من أن ترامب اقترح ذلك على الحكومة الإسرائيلية ولم يضع خطًا واضحًا، فإنه أدخل نتنياهو إلى مشكلة مقابل الجناح اليميني – الخلاصي في الائتلاف، لأنه لا يمكنه أن يظهر أقل تطرفًا من ترامب".
وبحسبه، فإن "الوضع الميداني الحقيقي هو أنه إذا بدأت إسرائيل عملية عسكرية شديدة في القطاع، فإن قسمًا من الاسرى على الأقل سيُستهدفون، ويقول ذلك كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين أيضًا، ولذلك بالإمكان التقدير أنه حتى يوم الجمعة سيتم حل الأزمة بطرق دبلوماسية".
وقال بن يشاي: أن "نتنياهو يخشى جدًا من إحداث تناقضات بينه وبين البيت الأبيض، ومن أن ينقلب ترامب عليه مثلما فعل بعد اغتيال سليماني، في العام 2020، ونتنياهو يخضع لضغط من اليمين – الخلاصي ومن واشنطن، حيث يطلق ترامب تصريحات من دون التفكير بعواقبها، وسموتريتش يقصد فعلاً أن يدخل الجيش إلى القطاع، وترامب يساعده وبذل يضع صعوبات أمام نتنياهو".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها