طور باحثون نظاماً بصرياً جديداً يستخدم تقنية الهولوجرام لتشفير المعلومات، مما يوفر مستويات عالية من الحماية تتجاوز قدرة الطرق التقليدية على اختراقه.

ويمهد الابتكار الطريق لقنوات اتصال أكثر أماناً، مما يساعد على حماية البيانات الحساسة من التهديدات الإلكترونية المتزايدة.

ويُعتبر تشفير المعلومات إحدى الركائز الأساسية لأمن البيانات في العصر الرقمي، إذ يُستخدم لضمان سرية المحتوى المرسل عبر الشبكات، ومنع الوصول غير المصرح به إليه.

وتعتمد تقنيات التشفير على تحويل البيانات إلى رموز غير مفهومة لا يمكن فك شفرتها إلا باستخدام مفاتيح خاصة، مما يضمن حماية المعلومات الحساسة من الاختراقات والهجمات الإلكترونية.

ومع التطور المستمر في وسائل التشفير، ظهرت تقنيات مبتكرة تعزز من أمان البيانات، مثل استخدام الهولوجرام كوسيلة لترميز المعلومات بطريقة يصعب اختراقها.

وتقدم تقنية الهولوجرام، صوراً ثلاثية الأبعاد يتم إنشاؤها باستخدام أنماط معقدة من تداخل الموجات الضوئية، مما يتيح تخزين كميات هائلة من المعلومات بطريقة يصعب تزويرها أو نسخها.

في الدراسة الجديدة، استخدم الباحثون الهولوجرام لإنشاء أنظمة ترميز متقدمة تعتمد على خواص الضوء والفيزياء الكمية، ما يجعل فك تشفيرها أكثر تعقيداً من الأساليب التقليدية ما يساهم في تعزيز أمن البيانات، إذ يصبح اختراقها أو التلاعب بها شبه مستحيل دون الوصول إلى المفاتيح الصحيحة، مما يوفر مستويات غير مسبوقة من الحماية ضد التهديدات السيبرانية.

وفي الوقت الحالي، تُستخدم العديد من الوسائل والتقنيات لتشفير المعلومات بهدف حماية البيانات وضمان سرية الاتصالات، وتتنوع هذه الأساليب وفقاً لطبيعة الاستخدام ومستوى الأمان المطلوب.

أساليب التشفير

وتتنوع أساليب التشفير الحالية؛ والتي التشفير بالمفتاح المتماثل المعتمد على استخدام مفتاح واحد لكل من التشفير وفك التشفير، مما يجعله سريعاً وفعالاً، إلا أن التحدي الرئيسي فيه هو الحاجة إلى تأمين وسيلة آمنة لتبادل المفتاح بين الأطراف المعنية. 

وفي التشفير غير المتماثل؛ يتم استخدام مفتاحين مختلفين، أحدهما عام للتشفير، والآخر خاص لفك التشفير، ويتميز بأنه أكثر أماناً مقارنةً بالتشفير المتماثل، لكنه أبطأ نسبياً، كما أن هناك طرقاً أخرى للتشفير مثل تشفير الأنظمة الكمية؛ والتشفير بالتجزئة وغيرها.

ويقول الباحثون إن الطريقة الجديدة التي تعتمد على الهولوجرام أكثر أمناً؛ وسرعة، إذ طور الباحثون هذا النظام بعد اكتشافهم أنه عند استخدام الهولوجرام لتشفير شعاع ليزر، يصبح الشعاع مشفراً بشكل عشوائي بالكامل، ولا يمكن التعرف على الشكل الأصلي للشعاع أو استرداده باستخدام التحليل الفيزيائي أو الحسابات التقليدية، وأدركوا أن هذه الطريقة مثالية لتشفير المعلومات بشكل آمن.

وبحسب البحث المنشور في دورية "أوبتيكا"، يستخدم النظام الجديد الشبكات العصبية لاسترداد المعلومات المشفرة والمخزنة كهولوجرام. وقد أظهر الباحثون أن الشبكات العصبية المدربة يمكنها فك تشفير المعلومات المكانية المعقدة في الصور المشفرة بنجاح.

ولإنشاء نظام فيزيائي يعمل على تشفير أشعة الضوء بشكل كامل وعشوائي، استخدم الباحثون ليزر عالي الطاقة يتفاعل مع وعاء صغير مملوء بالإيثانول لإنشاء السلوك الفوضوي المطلوب ضمن مسافة انتشار قصيرة تبلغ بضعة ملليمترات فقط، بالإضافة إلى تغيير شدة شعاع الضوء، أظهر الضوء الذي تفاعل مع السائل اضطرابات حرارية عززت بشكل كبير عملية التشفير العشوائي.

ولإثبات فعالية الطريقة الجديدة، طبق الباحثون النظام على تشفير وفك تشفير آلاف الأرقام المكتوبة بخط اليد وأشكال أخرى مثل الحيوانات والأدوات والأشياء اليومية من قواعد البيانات المعتمدة كمراجع لتقييم أنظمة استرداد الصور، وبعد تحسين الإجراء التجريبي وتدريب الشبكة العصبية، أظهروا أن الشبكة العصبية يمكنها استرداد الصور المشفرة بدقة تتراوح بين 90-95%، وأشاروا إلى أن هذه النسبة يمكن تحسينها من خلال تدريب أكثر شمولاً للشبكة العصبية.

ويخطط الباحثون لتطوير التكنولوجيا من خلال إضافة مستويات إضافية من الحماية مثل المصادقة الثنائية، إلا أن ذلك النوع من التشفير يواجه عقبة كبيرة تتمثل في استخدام الليزر عالي التكلفة.

مكافحة الاحتيال الرقمي

ويقول المؤلف الرئيسي للدراسة "ستليوس تزورتزاكيس" الباحث بمعهد تركيب الإلكترونيات والليزر التابع لمؤسسة البحوث والتكنولوجيا في اليونان وجامعة كريت: "يزداد الطلب على أنظمة حماية قوية لمكافحة الاحتيال الرقمي من العملات الرقمية سريعة التطور إلى الحوكمة والرعاية الصحية والاتصالات والشبكات الاجتماعية ونظامنا الجديد يحقق مستوى استثنائي من التشفير باستخدام شبكة عصبية لتوليد مفتاح فك التشفير، والذي لا يمكن إنشاؤه إلا من قبل مالك نظام التشفير."

وتوفر الدراسة أساساً قوياً للعديد من التطبيقات، خاصة في مجال التشفير والاتصالات البصرية اللاسلكية الآمنة، مما يمهد الطريق لتقنيات الاتصالات من الجيل التالي كما يتمتع بموثوقية عالية حتى في الظروف القاسية وغير المتوقعة، مما يعالج تحديات العالم الحقيقي مثل الطقس السيئ الذي غالباً ما يحد من أداء أنظمة الاتصالات البصرية الحرة.

ويقول "تزورتزاكيس" إن التحدي الرئيسي في الدراسة هو معرفة كيفية فك تشفير المعلومات "توصلنا إلى فكرة تدريب الشبكات العصبية على التعرف على التفاصيل الدقيقة للأنماط الضوئية المشفرة. من خلال إنشاء مليارات الاتصالات المعقدة، أو المشابك العصبية، داخل الشبكات العصبية، تمكنا من إعادة بناء أشكال أشعة الضوء الأصلية. وهذا يعني أننا وجدنا طريقة لإنشاء مفتاح فك التشفير المخصص لكل تكوين لنظام التشفير."