نظمت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، اليوم الاثنين 2024/07/01، الندوة الدولية 2024 حول قضية القدس، بالشراكة مع لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف تحت شعار: "القدس وحرب غزة، الهوية والوجود الفلسطيني مهددان بالمحو"، وذلك في مقر أمانة المنظمة في جدة.
وشارك في الجلسة الافتتاحية الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، والمراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور، والأمين العام المساعد لشؤون الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة خالد خياري، والمندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى منظمة التعاون الإسلامي صالح السحيباني، ورئيس اللجنة المعنية بممارسة حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف الممثل الدائم للسنغال لدى الأمم المتحدة السفير شيخ نيانغ.
وأكد طه، أن هذا الاجتماع ينعقد في وقت نستشعر فيه جميعًا خطورة الأوضاع التي تكابدها مدينة القدس المحتلة، نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على مقدساتها الإسلامية والمسيحية، وأهلها المرابطين، وهويتها العربية، من خلال سياسات الاستعمار، والاستيلاء على الأراضي، وهدم المنازل، وبناء جدار الفصل والتوسع العنصري، والاعتداء على المصلين المسلمين والمسيحيين، وغيرها من الانتهاكات الخطيرة.
وجدد التأكيد على أن مدينة القدس عاصمة دولة فلسطين، وأنها جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، وأن كل السياسات والإجراءات الإسرائيلية غير قانونية وغير شرعية، وتشكل اعتداءً على الحقوق السياسية والتاريخية والقانونية للشعب الفلسطيني، وتجسد انتهاكًا صارخًا لسيادة القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وتُنذر بتوسيع دائرة النزاع إلى بُعد ديني خطير يهدد الأمن والاستقرار في العالم بأسره، الأمر الذي يستدعي تحركًا دوليًا مسؤولًا لوضع حد لذلك.
كما جدد تأكيد موقف المنظمة المبدئي بإدانة العدوان العسكري الإسرائيلي المفتوح على قطاع غزة منذ أكثر من ثمانية أشهر، ما أدى إلى ارتقاء ما يقارب من أربعين ألف شهيد، إضافة لثمانين ألف جريح، أغلبيتهم من النساء والأطفال، وتدمير مئات آلاف المباني والممتلكات والبنية التحتية المدنية، والتهجير القسري لأكثر من مليون فلسطيني من منازلهم، ومنع وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع قطاع غزة.
وأعرب عن خيبة الأمل تجاه فشل مجلس الأمن الدولي في إلزام إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، بتنفيذ قراراته التي تدعو إلى الوقف الفوري والشامل لإطلاق النار والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال الإسرائيلي، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومستدام ودون عوائق إلى جميع أنحاء قطاع غزة، آملاً أن يتحمل المجتمع الدولي، دولًا ومنظمات، مسؤولياته القانونية والسياسية والأخلاقية، تجاه وضع حد لجريمة الإبادة الجماعية التي تهدد باتساع دائرة العنف وعدم الاستقرار في المنطقة برمتها.
وأكد أهمية تفعيل مسار العدالة الجنائية الدولية، ورفض ازدواجية المعايير بشأن إحقاق العدالة للضحايا وإيصال المجرمين إلى المساءلة، داعيًا إلى ضرورة استخدام الآليات القضائية الدولية المتاحة من أجل ردع الاحتلال الإسرائيلي، ومنعه من ارتكاب المزيد من الجرائم، ووضع حد لحالة الإفلات من العقاب على انتهاكاته الماضية والجارية حاليًا.
من جانبه، أكد منصور، أن موقف المملكة العربية السعودية يعد مهمًا في وصول الشعب الفلسطيني إلى حقوقه الوطنية الثابتة.
وقال: "منذ بداية العدوان تمكنا في نيويورك من توحيد الموقف العربي والإسلامي حول ثلاثة أهداف في غاية الأهمية بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني، وهي: وقف العدوان فورًا في قطاع غزة، وفي جميع الأرض الفلسطينية المحتلة، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بالحد الذي يستجيب لاحتياجات أهالي القطاع، ووقف جريمة الحرب والجريمة ضد الإنسانية المتمثلة في التهجير القسري للفلسطينيين في غزة، إلى جانب إنجاز مجموعة من القرارات في مجلس الأمن والجمعية العامة حول هذه الأهداف الثلاثة، لكن لم يستطيعوا حتى اللحظة الوصول إلى نقطة وقف العدوان على قطاع غزة لتضميد الجراح، وإعادة بناء قطاع غزة الذي يعد جزءًا ثمينًا من المكون الفلسطيني، ومن مكونات الدولة الفلسطينية".
ولفت النظر إلى أن فلسطين انتهجت خطًا سياسيًا فيما يسمى بالاعترافات بدولة فلسطين في منطقة الكاريبي، وفي أوروبا الغربية، مشيرًا إلى "أن مأساة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتعاطف العالم وتضامنه معنا وتفهمه لمأساتنا وعذاباتنا خلقا أجواءً مؤيدة لنا في أوروبا الغربية تُوِّجَت باعتراف أربع دول وهي إسبانيا والنرويج وإيرلندا وسلوفينيا".
وثمن في هذا الصدد، الدور الذي أدّته ولا تزال تؤديه اللجنة الوزارية العربية الإسلامية بقيادة وزير الخارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله التي طافت عواصم الدول، بما فيها الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، لوقف العدوان، والعمل على المزيد من الاعترافات بدولة فلسطين.
من جهته، جدد خياري، التأكيد على دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لجميع الأطراف إلى الوقف الإنساني والدائم والفوري لإطلاق النار، واحترام المبادئ الإنسانية والقانون الدولي، كاشفًا عن أنه على مدى الأشهر الماضية، فقد أكثر من 100 فرد من العاملين في الأمم المتحدة أرواحهم، معظمهم من "الأونروا"، إذ كانوا يقومون بعملهم.
ودعا جميع أطراف الصراع، بما في ذلك حكومة إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، إلى الالتزام بتعهداتهم وبالقانون الدولي، وأن يضمنوا أن تتم حماية العاملين في الأمم المتحدة.
وشدد على أن حل الدولتين هو أفضل وسيلة لحماية الهوية والوجود الفلسطينيين بحيث تكون هناك دولة فلسطينية قابلة للحياة، وتكون غزة جزءًا منها، وتكون هناك عودة لحدود عام 1967، وتكون القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، وينبغي أن يكون هناك حل يفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار، وأن ينقلنا ذلك إلى حل سلمي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
بدوره، أكد نيانغ أن حرب غزة المستمرة منذ 9 أشهر لا تزال أكثر الحروب دموية منذ فترة طويلة، مشيرًا إلى أن 1.7 مليون فلسطيني على الأقل قد هُجروا، كما أن أكثر من مليون شخص لا تتوفر لديهم المياه النظيفة والغذاء، وليست لديهم إمكانية للوصول إلى الرعاية الطبية.
وجدد التأكيد على دعوة اللجنة إلى وقف فوري لإطلاق النار، وأن يكون هناك وصول غير معاق للمساعدات في غزة والضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس.
وحذر من أن الهوية التاريخية والديموغرافية في القدس الشرقية لا تزال تتعرض لهجمات عبر السياسات والإجراءات الإسرائيلية، بما في ذلك مصادرة حق الحرية وحق العبادة للشعب الفلسطيني.
ورحب بمبادرات الاعتراف بدولة فلسطين من عدد من الدول، مشيرًا إلى أن هذه الخطوات متسقة مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وتعزز الجهود الدولية الرامية إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بما في ذلك القدس الشرقية، داعيًا إلى قبول عضوية فلسطين في الأمم المتحدة بصفتها دولة ذات سيادة ومستقلة.
كما رحب في هذا الصدد بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في العاشر من أيار/ مايو الذي حظي بدعم أكثر من "140" دولة لدعم طلب فلسطين الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، مجددًا تأكيد الالتزام بالمسار الدبلوماسي، وأن تكون القدس في قلب أي حل قابل للتحقق بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها