قال مندوب فلسطين بالجامعة العربية السفير مهند العكلوك: إن "لغة البيانات والشجب والإدانة، أصبحت لغة صماء لا يفهمها العالم، ولا تحسب إسرائيل لها أي حساب، مشيرا إلى أنه منذ أمر محكمة العدل الدولية بوقف قتل المدنيين الفلسطينيين وإيذائهم جسديا فإسرائيل ارتكبت أكثر من 312 مجزرة راح ضحيتها 2829 شهيدا و7475 مصابا".

وأضاف السفير العكلوك في كلمة فلسطين التي ألقاها أمام الدورة 53 للجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان، التي انطلقت أعمالها، اليوم الأحد، في الدوحة، إننا نجتمع اليوم لبحث مسائل حقوق الإنسان في ظل استمرار جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني لليوم 134 على التوالي، وقد تجاوزت حصيلة الإبادة الجماعية من الشهداء والمفقودين والمصابين مئة ألف من المدنيين الأبرياء، 70% منهم أطفال ونساء، أما جرحى الإبادة الجماعية الإسرائيلية فكثير منهم مقطوعو الأطراف والأوصال.

وأوضح أننا نجتمع اليوم بعد 23 يوما من أمر محكمة العدل الدولية، هذا الأمر الذي شكل تحولا قانونيا تاريخيا، أقرت بموجبه محكمة العدل الدولية، أولا: أنها ذات اختصاص وولاية قضائية مبدئية للنظر بادعاءات جنوب أفريقيا بأن إسرائيل ترتكب جريمة الابادة الجماعية وتحرض عليها، وثانيا: إن محكمة العدل الدولية أقرت بأن الشعب الفلسطيني محمي بموجب اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية والمعاقبة عليها، ورغم أن المحكمة أمرت بوقف قتل المدنيين الفلسطينيين وإيذائهم جسديا أو عقليا ومنع الولادات، وأن يتم تدفق المساعدات الإغاثية، وتسليم تقرير عن تنفيذ هذه التدابير المؤقتة، مازالت إسرائيل، قوة الإبادة الجماعية تمعن في القتل والتدمير والإيذاء ومنع الولادات.

وأضاف: إنه لم يعد يفصلنا سوى أسبوع فقط عن تسليم إسرائيل للتقرير المطلوب منها حول التزامها بالتدابير التي أمرتها بها المحكمة، فماذا سيتضمن تقريرها وقد ارتكبت إسرائيل منذ 26/1/2024 تاريخ صدور أمر المحكمة، حتى اليوم، أكثر من 312 مجزرة راح ضحيتها 2829 شهيدا 7475 مصابا، وقد وجدت المحكمة أساسا معقولا لادعاءات ارتكاب إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية، فأقرت المحكمة بتدابير شملت وقف قتل المدنيين الفلسطينيين ومنع الولادات وتسهيل وضمان وصول المساعدات الإغاثية والإنسانية والطبية لقطاع غزة، ومنع تدمير الأدلة على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.

وأكد أن إسرائيل تضرب بهذه التدابير عرضَ الحائط، إذا لم نقل أنها تلقي بأمر محكمة العدل الدولية في سلة المهملات حيث استمرت في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بكل صورها، فهي تستمر بمنع الولادات وتعريض الحوامل للخطر، مشيرا إلى أن هناك أكثر من 60 ألف امرأة حامل في غزة معرضات لخطر الموت أثناء الولادة في ظروف كارثية وغير آدمية، وتستمر إسرائيل بقتل الأطفال والنساء، فاليوم لدينا 12300 طفل فلسطينيا تم ذبحهم على الهواء مباشرة، و8400 امرأة، ما مجموعه 21 ألفا من الشهداء من الأطفال والنساء من أصل 29 ألفا في محاولاتٍ للقضاء على أجيال الشعب الفلسطيني المقبلة، ومحاولات ضمن جريمة التطهير العرقي وجريمة الابادة الجماعية لمنع الولادات في قطاع غزة، وإمعانا بذلك تستمر إسرائيل بهدم وتدمير جميع المستشفيات التي تشكل أهدافاً بالنسبة لقوات الإبادة الجماعية الإسرائيلية.

وقال، إنه رغم أن محكمة العدل الدولية أمرت بأن يتوقف خطاب الإبادة الجماعية، ما يزال وزراء حكومة العدوان والفصل العنصري والإبادة الجماعية مثل سموتريتش وبن غفير وغيرهم من قادة العدوان يحرضون على القتل والتدمير والإبادة الجماعية والتهجير القسري في رفح، وقد بدأنا نرى خطورة الأوضاع الكارثية غير المسبوقة في مدينة رفح، ونُذر تنفيذ مخططات ونوايا إسرائيل، بارتكاب جريمة التهجير القسري لنحو مليون ونصف مواطن فلسطيني إلى خارج الأرض الفلسطينية، تم دفعهم بالعدوان الإسرائيلي منهجيا للنزوح نحو أقصى جنوب قطاع غزة على مقربة من الحدود مع جمهورية مصر العربية.

وأضاف السفير العكلوك، إنه بينما أمرت محكمة العدل الدولية بإدخال مساعدات إغاثية بشكل كاف ومستدام إلى كل قطاع غزة، يستمر منع دخول حاجات قطاع غزة بشكل كاف، حيث يحتاج قطاع غزة بشكل يومي على أقل تقدير 500 شاحنة من المواد الإغاثية والمواد الطبية والمواد المعيشية، بينما يدخل قطاع غزة ما معدله – كل يوم- 120 إلى 130 شاحنة فقط في أحسن الأحوال.

وقال: إن تقرير آليات عمل التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي وهو تقرير تصدره منظمات الأمم المتحدة ذات العلاقة مثل الفاو وبرنامج الغذاء العالمي يفيد أنه بحلول 7 شباط/ فبراير يعني قبل أسبوع من الآن سيكون جميع سكان قطاع غزة (100% من سكان قطاع غزة) يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد والشديد وسيكون أكثر من نصف مليون شخص في مرحلة مجاعة، فهذه هي أشكال ووسائل جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، وأريد أن أنقل لكم على الأقل ثلاثة صور آتية من قطاع غزة مباشرة من أناس التقيتهم من الناجين من جريمة الابادة الجماعية المستمرة: الصورة الأولى: الناس عندما يمشون في غزة إنما يمشون على دماء الشهداء المختلطة في تراب الشوارع والوحل والنفايات، وعندما يعود النازحون إلى الخيام، يجدون أحذيتهم مشبّعة بالدماء، والصورة الثانية: وهي أن الكلاب والقطط أصبحت تنهش جثامين الشهداء التي لم يتمكن الأهالي من دفنها، وهذه صور حقيقية تحدث في غزة، وليست من اختراع أفلام الرعب في هوليوود الأميركية، لكنها صورة من الإبادة الجماعية التي ترتكب على الهواء مباشرة، أما الصورة الثالثة: هي أن طوابير الناس على المخابز ودورات المياه، تبلغ الآلاف من الناس فلكم أن تتصوروا أن الإنسان ينتظر ليدخل دورة المياه ساعات طويلة في قطاع غزة وينتظر ساعات طويلة ليحصل على بضعة أرغفة من الخبز، وكثير من الخبز في غزة بات يصنع من علف الحيوانات.

وشدد مندوب فلسطين على أن لغة البيانات والشجب والإدانة، أصبحت لغة صماء لا يفهمها العالم ولا تحسب إسرائيل لها أي حساب، وبالتالي لا بد من تنفيذ إجراءات كالتي اشتمل عليها تقرير لجنة المندوبين الدائمين، الذي عممته الأمانة العامة على الدول الشهر الماضي والتي من بينها: إعلان قائمة العار للشخصيات الإسرائيلية التي تبث خطاب الإبادة الجماعية والتحريض ضد الشعب الفلسطيني، وإعلان الأفراد والمنظمات والمجموعات الإسرائيلية المتطرفة التي تقتحم المسجد الأقصى المبارك، وتلك المرتبطة بالاستيطان الاستعماري الإسرائيلي والتي تمارس أعمالا ارهابية ضد المواطنين الفلسطينيين، منظمات إرهابية. وكذلك، مقاطعة جميع الشركات ومؤسسات الأعمال الضالعة في أنشطة داخل المستوطنات الواقعة في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية والواردة في قاعدة البيانات المحدثة المقرة من مجلس حقوق الإنسان. أيضا، ودعوة الدول العربية الأعضاء في اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها 1948 خاصة تلك غير المتحفظة على المادة (9) منها، إلى دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، وحث الدول العربية لتقديم إحالة وشكاوى عربية إلى المحكمة الجنائية الدولية، وحث منظمات المجتمع المدني والاتحادات والنقابات الحقوقية العربية لمباشرة رفع قضايا ضد المسؤولين الإسرائيليين في المحاكم الوطنية ذات الاختصاص العالمي والمحاكم الدولية، ودعم اختيار دولة فلسطين يوم من كل عام لاستذكار جريمة الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، واعتماد قرار من مجلس الجامعة على المستوى الوزاري أو القمة لإقرار هذا اليوم، والدعوة لاعتماده على المستوى العربي والإسلامي والدولي.

وقال: "فقد دعا مجلس الجامعة العربية في دورة غير عادية على مستوى المندوبين الدائمين الخميس الماضي إلى ضرورة وضع قائمة مكونة من 60 منظمة ومجموعة إسرائيلية متطرفة والتي تقوم باقتحام المسجد الأقصى المبارك، والمرتبطة بالاستيطان الاستعماري الإسرائيلي، على قوائم الإرهاب الوطنية العربية، والإعلان عن قائمة العار الواردة في تقرير اللجنة بالشخصيات الإسرائيلية التي تبث خطاب الإبادة الجماعية والتحريض ضد الشعب الفلسطيني تمهيدا لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدها".

ودعا المجلس إلى مقاطعة جميع الشركات ومؤسسات الأعمال التي وردت في قاعدة البيانات التي أقرها مجلس حقوق الإنسان للشركات ومؤسسات الأعمال الضالعة في أنشطة داخل المستعمرات الواقعة في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة.

من جانبها، قالت وزيرة الدولة للتعاون الدولي بالخارجية القطرية لولوة الخاطر، لقد كشفت الحرب على ‎غزة، ازدواجية المعايير والمواقف الهشة والصامتة بشأن جرائم الحرب الممنهجة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، وأن المجتمع الدولي ما يزال صامتا على المجازر المُرتكبة بحق الفلسطينيين منذ 5 أشهر.

وأشارت الخاطر في كلمتها، رغم سعادتنا باستضافة هذه الدورة إلا أننا آسفون لتزامنها مع المجازر التي ترتكب في قطاع غزة، مؤكدة أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب ومازال يرتكب جرائم إبادة بحق الشعب الفلسطيني، فإسرائيل ارتكبت جميع أصناف الجرائم المذكورة في ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية منها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية، والتهجير القسري وغيرها، فالإبادة الجماعية الحاصلة في غزة تستحق لقب مجزرة الأطفال.

يذكر أن اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان تمثل الجهات الحكومية المعنية بحقوق الإنسان في جميع الدول العربية وأنّ جميع الاجتماعات التي تعقد في اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان تحت مسمى البند الأول في كل الاجتماعات الماضية هي كل ما يتعلق بأوضاع حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، وما يواجهه السكان الفلسطينيون من انتهاكات، وتقدم العديد من التوصيات والمقترحات لرفعها لمجلس وزراء الخارجية العرب بالجامعة العربية.