يتميّز فصل الصيف بالنسبة إلى هواة الفلك بسهولة مشاهدة كوكبة العقرب، التي تمكن رؤيتها بالعين المجرّدة في السماء كل ليلة بين الثامنة والعاشرة مساء أعلى الأفق الجنوبي.

وتشبه الكوكبة جسم العقرب بالفعل، أو على الأقل خطاف صنارة كبير، وفي الأسطورة اليونانية تتعلق حكاية الكوكبة بمعركة ضارية بين أورايون أو الصياد وأحد العقارب، أما الأسطورة العربية، فتقول إن عقربا كان في نفس المنطقة من السماء.

وتتخذ كوكبة العقرب (Scorpius Constellation) شكلاً مماثلاً لجسم العقرب، مما وحّد التصورات عن تلك المنطقة من السماء في عديد من الثقافات وصولاً إلى المحيط الهادي، حيث تصور الناس قديما كوكبة العقرب وكأنها سلاح يشبه الخطاف امتلكه أحد أساطير مالينيزيا وبولينيزيا يدعى "ماوي".

وتعد كوكبة العقرب نموذجًا مثاليًا لشرح العلاقة بين التراث العربي القديم والأطالس الفلكية المعاصرة التي يدرسها متخصصو وهواة الفلك في كل مكان، إذ تمكن رؤية عدد من النجوم ذات الأصل العربي في الكوكبة، أولها "عقرب" (Acrab) وكذلك نجم "الإكليل" (Iklil) الذي يرتبط بمنزلة قمرية توجد في مقدمة جسم العقرب، يقف عليها القمر مرة كل شهر تقريبًا.

أضف لذلك نجومًا أخرى مثل "النياط" (Alniyat)، وكلمة "النياط" تعني ما يعلَّق به الشيء، و"الشولة" (Shaula) و"اللسعة" (Lesath)، والأخيرة هي المنطقة التي يلسع بها العقرب.
وتعدد الأسماء العربية في كتب وأطالس علم الفلك المعاصرة من الإشارات المهمة على ما قدمه العرب لعلم الفلك في عصور نهضتهم، حيث ترجمت كتب الفلكيين العرب إلى اللاتينية بما احتوته من أسماء عربية، وانبهر الأوروبيون في تلك العصور بما أنجزه العرب في هذا النطاق، فأبقوا على كثير من أسماء النجوم العربية التي تعلقت بالتراث القديم للبادية في شبه الجزيرة العربية.