قالت منظمة أطباء بلا حدود: "إن الأراضي المحتلة باتت بحاجة ماسة للقاحات مع اجتياح حالات كوفيد-19 لمستشفيات الضفة الغربية وقطاع غزة، وأن الفلسطينيين ما زالوا غير محميين".

واعتباراً من منتصف مارس/آذار، لم يحصل، بحسب المنظمة، سوى أقل من 2 في المئة من الفلسطينيين على لقاح كوفيد-19 في الضفة الغربية وغزة – وهي نسبة صغيرة لدرجة مخيفة في ضوء الموجة الثالثة من الجائحة المهلكة.

ويقول رئيس بعثة أطباء بلا حدود في الأراضي الفلسطينية إلي سوك: "نحن قلقون للغاية تجاه تأخُّر وبطء طرح اللقاح. من ناحية، بات التوفُّر الكبير لجرعات اللقاح في إسرائيل يسمح للحكومة بأن تسعى لتحقيق مناعة جماعية، بدون أي نية للمساهمة الفعلية في تحسين معدلات اللقاح في الأراضي المحتلة، ومن ناحية أخرى، فقد ثبت أنه من الصعب تكوين صورة واضحة عن استراتيجية توفير وتوصيل جرعات اللقاح المستَلَمة مسبقاً من قبل السلطات الصحية الفلسطينية. كما لا يبدو أن العاملين على الخطوط الأمامية والفئات المعرضة لخطر المرض في فلسطين سيحصلون قريباً على الحماية من المرض".

وأوضحت المنظمة "أنه منذ فبراير/شباط اجتاحت موجة قوية جديدة من كوفيد-19 منطقة الضفة الغربية. وهناك أكثر من 20,000 مريض يُعالَجون حالياً من كوفيد-19، وقد أضاف هذا الوضع ضغوطاً إضافية على منظومة صحية هشة، وترك الطواقم الطبية تكافح في تقديم الرعاية اللازمة للأعداد المتزايدة من المرضى. ويتوجب على الحكومة الإسرائيلية والسلطات الفلسطينية أن تقوما على الفور وعلى وجه الضرورة القصوى بزيادة الجهود على نحو ملموس لإبطاء انتشار كوفيد-19 وأشكاله المتغيرة الجديدة. كما ينبغي الاضطلاع بجهود أكبر في مجال الوقاية من كوفيد-19 وتدبير الحالات. "

ويقول خوان بابلو ناهويل سانشيز، وهو طبيب رعاية مركزة مع أطباء بلا حدود: "إن عدد الإصابات حالياً في أعلى مستوى له منذ بداية الجائحة. لدينا حالياً 71 شخصاً في قسم الرقود بمستشفى دورا في الخليل – وهو المستشفى الرئيسي والمرفق الوحيد المخصص لعلاج كوفيد-19 في جنوب الضفة الغربية – ومنهم 27 شخصاً في قسم العناية المركزة. يعمل المستشفى فوق طاقته، ولا يوجد فيه ما يكفي من مساحة أو أسرَّة أو طواقم لمساعدة جميع المرضى ذوي الوضع الحرج، والناس يموتون".

ويضيف خوان بابلو: "نسبة المصابين بكوفيد-19 من الشباب قد زادت بشكل كبير. فواحد من بين كل ثلاثة من المرضى الراقدين في مستشفى دورا حالياً هم من الفئة العمرية بين 25 و 64 عاماً، بينما في السابق كانت غالبية المرضى فوق سن الرابعة والستين".

وأشارت المنظمة الى أن نحو 75 في المئة من الحالات التي فُحِصت في الضفة الغربية كانت مصابة بالشكل المتغير من الفيروس (B117) الذي نشأ في المملكة المتحدة، وفق التحليل الجينومي من وزارة الصحة الفلسطينية. ويُعتَقد أن هذا النوع المتغير أشد انتقالاً من السلالات السابقة بنسبة 50 في المئة تقريباً. وقد أشارت دراسات في الآونة الأخيرة إلى أن هذا الشكل المتغير يُحتمل أن يؤدي إلى إصابة شديدة بكوفيد-19 بنسبة 40-60 في المئة أكثر من سابقاته، ما يتطلب دعم المرضى بالأكسجين وأجهزة التنفس، مع زيادة خطر الوفاة. ومع انتشار الأشكال المتغيرة من كوفيد-19 في الأراضي المحتلة، ينبغي أن تكون هناك فحوصات مكثفة لفهم مدى شدة انتشارها.

وأضافت أن الوضع في نابلس، شمال الضفة الغربية، مقلق على نحو مساوٍ، حيث يعمل مستشفى جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني فوق طاقته ويقوم حالياً بتحويل وحدة الرعاية التنفسية فيه إلى جناح لمرضى كوفيد-19.

 

ويقول ماريوس سانجوك، وهو ممرض في وحدة العناية المركزة يعمل مع أطباء بلا حدود ويقدم التدريب والدعم الطبي لطاقم مستشفى جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني: "نفعل ما بوسعنا لإنقاذ حياة جميع المرضى. ويكمن التحدي الأكبر في أن لدى طاقم المستشفى خبرة محدودة في رعاية المرضى شديدي الاعتلال أو مرضى كوفيد-19". وقد شكلت إجراءات بسيطة مثل القلب – حيث يُقلَب المريض على بطنه لتحسين تنفسه – شكلت تحدياً. ويضيف: "تخيل معي أن تقلب مريضاً عليه العديد من الأنابيب والحقن الوريدية الموصولة ببطنه وظهره. هي مهمة صعبة، تحتاج فيها إلى خمسة أشخاص، لكنها ليست مستحيلة".

أما في غزة فقد انخفض عدد مرضى كوفيد-19 في شهر فبراير/شباط، لكنه عاد للارتفاع في منتصف مارس/آذار. وقد كانت منظومة الرعاية الصحية في غزة تعاني من الشلل مسبقاً بفعل عشرات الأعوام من الاحتلال الإسرائيلي وحصار اقتصادي طال أمده. ويخشى فريق أطباء بلا حدود العامل هناك من موجة أخرى من كوفيد-19.

وتقدم أطباء بلا حدود الرعاية الطبية في الأراضي الفلسطينية منذ عام 1989.