من الطبيعي أن يشكل فيروس كورونا (COVID-19) تهديدًا كبيرًا لسلامتنا الجسدية، إلا أن هناك تهديدًا آخر لا يقل أهمية وهو التأثير السلبي لانتشار المرض على الصحة النفسية للناس.
وما يثير القلق بشكل أكبر هو أن الإجراءات التي اتخذتها الدول فجأة، مثل: التباعد الاجتماعي، وحالات الإغلاق، وحظر السفر للتخفيف من انتشار فيروس كورونا، أصبحت سببًا رئيسيًا للاضطراب النفسي بين الكثيرين، حيث تعرّضوا لتغيير كامل في نمط حياتهم بشكل مفاجيء.
إذًا، كيف تحافظ الشركات على السلامة النفسية لموظفيها أثناء انتشار فيروس كورونا؟
في ضوء انتشار فيروس كورونا، أصبح بقاء الناس في منازلهم أمرًا ضروريًا، وهو ما أدى إلى شعورهم بالخوف من فقدان وظائفهم، وتخفيضات الرواتب، فماذا يمكن للشركات أن تفعل لإعطاء الأولوية للصحة النفسية لموظفيها؟
من المفهوم أن الجميع أصبح يعيش في وضع صعب، حيث أدى الانتقال المفاجئ إلى العمل عن بعد عبر الإنترنت إلى تفاقم التحديات المرتبطة ببناء بيئة صحية للموظفين.
ولكن، نظرًا لأن التكنولوجيا تعمل كركيزة دعم قوية خلال هذه الأوقات غير المسبوقة، فهناك العديد من الطرق التي قامت بها الشركات لتوفير جو مناسب للموظفين؛ لمساعدتهم في أداء أعمالهم بكفاءة.
الحصول على بعض الترفيه:
اتخذت بعض الشركات وسائل إضافية للترفيه عن موظفيها أثناء عملهم من المنزل، مثل شركة Air، التي تتخذ من مدينة بروكلين مقرًا لها، حيث أتاحت لموظفيها ألعابًا افتراضية، وألعاب فيديو جماعية، ودردشات فيديو خارج إطار العمل بين الموظفين لدعم بعضهم البعض.
الشفافية بشأن سير الأمور:
من الخطوات التي تُساهم في تخفيف قلق الموظفين عند عملهم من المنزل، هي معرفتهم بأن الشركة التي يعملون فيها لديها شفافية بشأن الاتجاه الذي تسير فيه، وكيف تعمل، ومدى تأثرها بالوضع الحالي.
وهذا ما يقوم به (جورو جورابان) الرئيسي التنفيذي لشركة (Verizon Media)، الذي يعقد جلسات أسئلة وأجوبة افتراضية يومية مع الموظفين؛ لإخبارهم بشأن التحديثات وأخبار الشركة، والإجابة عن أي أسئلة ملحة.
كما ترسل الشركة رسالة إخبارية يومية لتزويد الموظفين بآخر تحديثات انتشار فيروس كورونا، وطرق الوقاية من مصادر موثوقة، مع تقديم الدعم للموظف وأسرته بشكل سرّي عند تعرضه لأي أزمات على مدار اليوم، مع عقد جلسات استشارية افتراضية له.
الدعم المالي:
يعتبر الدعم المالي خارج إطار التعاقدات المعروفة أمرًا مهمًا في هذه الفترة، خاصة للموظفين والعمال الذين هم في حاجة ماسة إلى الأموال أو رواتبهم قليلة.
وهذا ما تقوم به شركة فيسبوك حيث تخطط لإعطاء مكافأة قدرها 1000 دولار لموظفيها؛ لدعمهم ومساعدتهم في تلبية الطلبات المتزايدة في الحجر الصحي المنزلي.
تنفيذ خطط الصحة النفسية الخاصة:
تشمل خطط الصحة النفسية توفير خط اتصال مع متخصصي الصحة النفسية، أو عقد ورش، أو محادثات حول التأقلم، أو وجود سياسات مرنة لمساعدة الأشخاص على تحقيق التوازن بين التزاماتهم المهنية والشخصية في هذا الوقت.
وفي هذا الصدد أنشأ FITTR – وهو مجتمع للياقة البدنية عبر الإنترنت – خط مساعدة منفصل لموظفيه، حيث يمكنهم أن يتصلوا بالرقم والتحدث إلى متخصص نفسي، مع الاحتفاظ بسرية جميع المحادثات الخاصة.
كما قدم فريق الموارد البشرية خط اتصال عبر الهاتف والدردشة فقط، ولا يشمل هذا أي محادثات تتعلق بالعمل، أو مناقشات حول المهام المعلقة.
تنمية مهارات الموظفين:
بعض الشركات وضعت خططًا إنتاجية مختلفة، مثل تمويل الدورات؛ لمساعدة الموظفين على تنمية مهاراتهم، ومواجهة التحديات المستقبلية بشكل مباشر، حيث قامت شركة Asus بتشجيع موظفيها على حضور دورات تدريبية عبر الإنترنت.
وهذه الدورات لا تتعلق بمهام وظائفهم الحالية، ولكنها تساعدهم على تعلم مهارات جديدة، مثل: تحرير الفيديو، وإدارة الأعمال وغيرها من الدورات الأخرى.
كما قامت شركة Synechron، وهي شركة تكنولوجيا معلومات واستشارات مقرها نيويورك، بتزويد موظفيها بالموارد الكافية لدعم الإنتاجية، وإطلاق حملات مختلفة لإشراك الموظفين ودعم سلامتهم النفسية، من خلال تشجيعهم على التسجيل في منصات الدورات التدريبية عبر الإنترنت لمساعدتهم على رفع مستوى مهاراتهم.
إذا كانت هناك إرادة فهناك وسيلة:
وأخيرا، تعتبر الصحة النفسية للموظفين في أي شركة من أهم الأمور التي يجب الانتباه لها في الوضع الحالي؛ لأنه إذا شعر الموظفون بالأمان، فهذا من شأنه أن يزيد من إنتاجيتهم وكفاءتهم بشكل عام في العمل.
وليس بالضرورة أن تكون الخطوات التي تنفذها الشركة لتعزيز معنويات موظفيها معقَّدة للغاية ومتقدمة، خاصة بالنسبة للشركات الصغيرة، فالأمر مرتبط بشكل كبير بدرجة الإبداع والابتكار، مع الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة؛ لتقديم دعم غير مشروط للموظفين خلال هذه الأوقات؛ حتى يكونوا جاهزين للعمل في أفضل حالاتهم بمجرد انحسار هذا الوباء.
بالإضافة إلى أصحاب العمل، يمكن للموظفين القيام بدور كبير في تشجيع بعضهم البعض، وغرس شعور التضامن بينهم، من خلال مدِّ يدِ العون، والاتصال بالزملاء الذين يشعرون بالقلق والتحدث عن الأشياء التي تزعجهم.
يمكن أن يساعد ذلك في تعزيز العلاقات بين فرق العمل في الوقت الحالي، وبناء أساس متين للمستقبل، كما أن هناك مسؤولية علينا أيضًا نحن الأفراد للحفاظ على العادات الصحية، من حيث فترات النوم، ونوعية الطعام الذي نتناوله، والمحتوى الذي نتابعه عبر وسائل الإعلام للمحافظة على سلامة صحتنا النفسية في هذه الفترة.
المصدر
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها