بسام ابو الرب

تعصف أزمة تفشي فيروس كورونا (كوفيد 19)، بأكثر من 158 دولة، والذي راح ضحيته اكثر من 6000، واصابة 170 ألفا، وهو ما جعل عددا من دول العالم تتخذ سياسات اجراءات وقائية للحد من انتشاره .

هذه السياسات والاجراءات القت بظلالها على الجوانب الصحية والاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي ادى الى التغير المفاجئ في بعض العادات والثقافات، كما حدث في الأسواق في بعض الدول الأوروبية والأميركية، التي تشهدت تهافتا على شراء السلع الاستهلاكية والمعقمات والمناديل الورقية.

فلسطين التي سجلت 41 اصابة بفيروس كورونا حتى اللحظة، واعلنت حالة الطوارئ وشكلت خلايا لادارة الأزمات في كل محافظة، كانت خطواتها الاكثر نجاعة في ادارة الأزمة؛ من خلال خطط الصحية، والشفافية في التعامل مع الأرقام ولاحصاءات والسياسات المتبعة، والتي جعلت منها تحتل المراكز الأولى حسب التصنيف الدولي في اطار مواجهة انتشار الفايروس.

في الجانب الصحي، منظمة الصحة العالمية، أكدت على لسان مدير مكتبها جيرالد روكنشواب، في فلسطين، أن الحكومة الفلسطينية اتخذت إجراءات متقدمة لمكافحة انتشار فيروس كورونا، حيث تقوم الحكومة ووزارة الصحة بإجراءات تفوق ما هو موصى به دوليا، من إجراءات فحص المرضى، وإجراءات الحجر، وإجراءات الصحة العامة.

الخبير في الأوبئة الدكتور عبد السلام الخياط، قال: حتى اللحظة الوضع في فلسطين آمن وفق الارقام التي ترد الينا، والحالات التي ظهرت كانت في بؤر معينة، اضافة الى السياسات والجهود من قبل الجهات المختصة التي ساعدت في تباطؤ عملية انتشار الفيروس على مستوى المجتمع."

واضاف في حديث لوكالة "وفا"، ان الحالات التي ظهرت حتى اللحظة هي من الدرجة الأولى لاشخاص خالطوا مصابين، ولا توجد اصابات من درجات أخرى لأشخاص خالطوا مخالطين."

واكد الخياط ان عملية تجهيز مراكز فرز بصورة مستقلة وتعزيزها في مكان واحد، وفرت الحماية للقطاع الصحي خاصة في المستشفيات الفلسطينية وجعلتها بعيدة عن العدوى .

وشدد على ضرورة التزام المواطنين بالتعليمات، خاصة الذين يفرض عليهم الحجر المنزلي، معربا عن اسفه لنظرة المجتمع للمصابين ونبذهم في بعض الأحيان، بسبب طبيعة الخوف لدى المواطن، وهو ما شجع البعض على عدم التصريح انهم كانوا مخالطين لمصابين.

في الجانب الاقتصادي، اكد مدير عام الادارة العامة لحماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني، ابرهيم القاضي، أن الشفافية المتبعة بعثت نوعا من الطمأنينة لدى المواطن الفلسطيني، بعد أن شهدت الأسواق حالة من الهلع والتهافت على شراء المواد الاستهلاكية والمعقمات، لكن عادت الامور الى نصابها بعد ذلك.

وقال في حديث لوكالة "وفا": فلسطين تعد من الدول الأكثر استقرارا في العالم؛ بسبب الاجراءات الرسمية والتقارير اليومية من قبل الجهات المختصة التي ساعدت في الحد من حالة الهلع لدى المواطنين، اضافة الى تعامل المواطن بطريقة افضل خاصة في الجانب الاستهلاكي".

واشار الى أن نسبة الاستهلاك ارتفعت في بعض المحافظات، والتي كانت بشكل مؤقت، الا انها عادت وانخفضت وتيرتها في اليومين الماضيين، وتشهد الاسواق اقبالا بالدرجة الاولى على المعقمات والمنظفات، منوها الى طبيعة الاختلاف في ثقافة الاستهلاك لدى المواطن الفلسطيني الذي اعتاد على تجهيز الطعام في منزله، فلا يمكن مقارنته مع الثقافة الاستهلاكية في الدول الأوروبية والأميركية، التي تعتمد على وجبات الطعام الجاهزة، والتي كانت سبب في نفاذ السلع الاستهلاكية من المحال التجارية كما اظهرت التقارير والصور.

واضاف "نحن في وزارة الاقتصاد نتواصل دائما مع التجار للتأكد من كميات المواد الاستهلاكية في الاسواق، مع الرقابة على اسعارها التي حاول البعض رفعها على المستهلك، وتم التعامل معها بطريقة قانونية واحالة بعض التجار الى القضاء".

وتابع القاضي "السوق مشبعة بكميات كبيرة من المواد الغذائية، ونعمل مع التجار من أجل توفير المزيد من المواد الاستهلاكية؛ تحسبا للأشهر المقبلة في حال استمرت الازمة في الدول المجاورة، التي ممكن ان تغلق المعابر الامر الذي يمكن ان يقلي بظلاله على فلسطين".

وأكد القاضي ان سلعة الطحين متوفرة في الاسواق وهناك مخزون يكفي لشهور، وذلك لوجود الشركات المنتجة في الضفة الغربية التي تستيطع وحدها تغطية احتياج السوق لمدة اربعة أشهر دون الحاجة لاستيراد الطحين، موضحا ان المصانع الفلسطينية بدأت بإنتاج مواد بشكل مضاعف سواء المنظفات او المعقمات او غيرها.

واشار القاضي الى أن عددا من الشكاوى تعاملت معها وزارة الاقتصاد حول ارتفاع اسعار المعقمات، والمئات وردت حول ارتفاع اسعار الكمامات، اضافة الى شكاوى حول ارتفاع اسعار الارز، بحجة ارتفاع اسعار صرف الدولار، الا انه تم التعامل مع التجار بجدية وتحذيرهم من استغلال الفرصة ورفع الاسعار، كون السوق مليئة بسلعة الارز قبل الارتفاع الحاصل على الدولار.

الناطق باسم الحكومة إبراهيم ملحم أكد أن أصغر مصابة بفيروس "كورونا" في فلسطين، الطفلة الرضيعة ميلا، بدأت عليها علامات التعافي اليوم، مشيرا إلى أن بوادر شفاء 15 من أوائل المصابين بالفيروس في بيت لحم تبعث برسائل تطمين حذرة بأن المدينة تتعافى من هذا الوباء.

وقال ملحم، في الإيجاز الصحفي حول انتشار فيروس "كورونا" في فلسطين، مساء أمس، "نستطيع أن نقول إن الإجراءات التحوطية والاحترازية التي بادرت إليها الحكومة منذ اليوم الأول لتفشي هذا الوباء في مدينة بيت لحم، تبعث على الاطمئنان بمحاصرة هذا الفيروس في مكمنه، وقدرة العمل على عدم انتشاره من المساحة التي هو موجود فيها".

وتابع: "كل هذه الإجراءات ندرك الآن أهميتها إذا ما نظرنا إلى ما يحدث في دول العالم. عندما نريد أن نعرف ما الذي أقدمت عليه فلسطين من شجاعة ومبادرة بإعلان حالة الطوارئ بمبادرة سريعة من سيادة الرئيس وإجراءات صارمة أقدم عليها رئيس الوزراء، نستطيع أن نعرف قيمة هذه القرارات بالنظر إلى التداعيات الخطيرة التي تجري في أوروبا، التي أصبحت بؤرة للوباء"