احتفت فلسطين اليوم الأحد، في قاعة أحمد الشقيري بمقر الرئاسة بمدينة رام الله، بالمولد النبوي الشريف، بمشاركة ورعاية الرئيس محمود عباس، ورئيس الوزراء محمد اشتية، وأعضاء من اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير، والمركزية لحركة "فتح"، وسفراء لدى دولة فلسطين، وممثلي الفعاليات والمؤسسات الوطنية، في احتفال نطمته وزارة الأوقاف والشؤون الدينية.
وقال قاضي قضاة فلسطين محمود الهباش، في كلمة ألقاها بالإنابة عن الرئيس محمود عباس: "نقف اليوم بمحراب ذكرى خير الأنام محمد عليه السلام الذي أضاء الكون كله، فنحن حينما نحتفي بمحمد ونستذكر ميلاده فنحن نحتفي بكل الأنبياء والمرسلين، فالأنبياء كما قال عنهم المصطفى صلى الله عليه وسلم "أمهاتهم شتى ودينهم واحد".
وأضاف "إن الدين الذي نؤمن به هو الذي يسمو على كل الاعتبارات الصغيرة من السياسة والمصالح والاعتبارات، بل يحقق المصالح بأبهى صورة وبأجلى شعار، المصالح التي يحتاجها كل الناس ويكفي القاعدة الشرعية التي تقول حيثما وجدت مصالح الناس فثم شرع الله".
وتابع: " نحن هنا في هذه الأرض المباركة المقدسة في فلسطين وبيننا قائد فلسطين، وفي قلب كل واحد منا نفس الشعور والهمّ، ونفس العزم على أن نبقى كما قال عنا صاحب الذكرى صلوات الله وسلامه عليه، لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين ولعدوهم قاهرين، قيل أين هم، قال ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس، وكان يقصدنا الحبيب المصطفى أننا على العهد ظاهرين ولعدونا قاهرين لا يضرهم من خذلهم وخالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك".
وأضاف أن "الكلمة الفصل هنا في هذا المكان والقلم الذي سيكتب كلمة الفصل في يد السيد الرئيس وحده، فلتكتب كل الأقلام ولتنطلق كل الألسنة وليأتوا بمبادرات كما يشاؤون فنحن أسقطنا مبادرة القرن، وهم أرادوا أن يمحوا اسم فلسطين من الخارطة ولكن خاب فألهم ولن يكون ما أردوا، هنا القرار وهنا القول الفصل".
وقال الهباش: "انطلاقا من مبادئ الدين الإسلامي قمت يا سيادة الرئيس وقلت أنه علينا أن نستعيد وحدتنا الوطنية لان الله لا يرضى لنا الفرقة والتشرذم والاختلاف ولا التمزق، وقلت تعالوا إلى كلمة سواء تحقق لشعبنا مراده وتقوي شوكته وترد عنه كيد أعدائه، ولتكن من خلال العودة للشعب الذي هو صاحب السيادة وصاحب القضية، فالانتخابات تعطي كل ذي حق حقه وكل ذي حجم حجمه وكل ذي مكانه مكانته بقرار الشعب، وإن من يستأثر دون الشعب بقرار، ومن يريد أن يتهرب من إجراء الانتخابات يلتف على إرادة الشعب، وعلى الشعب أن يقول كلمته تحت مظلة واحدة وعلى أساس قانون واحد هو قانون الشعب الفلسطيني والممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطينية منظمة التحرير الفلسطينية، وعلى هذه المبادئ أعطيت توجيهاتك إلى الحكومة لتعمل على تحقيق الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال ولن نظل أسرى للاحتلال في أي ميدان من الميادين، والحكومة تقوم بما تستطيع في هذا المجال.
وأوضح أن شعبنا سيطوي صفحة الاحتلال القاتمة في النهاية وإلى الأبد، ففلسطين ستخرج من تحت الركام كما فعل شبان فلسطين الذين أشعلوا أعظم ثورة في تاريخ البشرية المعاصر، نحن نقف اليوم لنزرع فلسطين سنابل وزيتونا ونبني فيها صروح مجد وعلم وثبات وصمود، وفلسطين قادمة رغم أنف الذين لا يريدون".
وختم قائلا:" فلسطين تستحق أن ترفع الرؤوس، وكل عام وفلسطين بخير والقدس والأقصى بخير وكنيسة القيامة والأقصى بخير".
من جهته قال مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين: "ان مولد الهادي عليه الصلاة والسلام هو مولد أمة بكاملها، فبماذا كان يوصف العرب في جاهليتهم؟ إنهم اهل داحس والغبراء، وفقدوا كثيرا من القيم والأخلاق التي دعت اليها الأديان، ولكن بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام ومولد النور الهادي الى كل القيم النبيلة والأخلاق الكريمة، كان مرافقا لمسيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم، ولسيرته النبوية الشريفة، فجعل من هذه الأمة المتقاتلة، خير أمة أخرجت للناس حملت نور الايمان وسماحة الإسلام وعدالة الشريعة الى البشرية جمعاء، فحق لنا أن نفتخر ونعتز ونحتفل ونحتفي بصاحب هذه السيرة العطرة".
وتساءل: "ألم يخاطبه رب العالمين (وإنك لعلى خلق عظيم)، ألم يقل صلى الله عليه وسلم (انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق)، نعم أرسى العقيدة والشريعة وتمم مكارم الاخلاق وقاد الأمة الى ما خير يحققه رسول وما يفعله من يسير على نهج الرسول عليه الصلاة والسلام.
وتابع:" سيادة الرئيس، نستذكر في هذا اليوم المبارك، هجرته واسراءه ومعراجه من ارض القدس الى السماوات العلى، فالقدس كما كرمها الله ارض الإسراء والمعراج، وكما هو موقف الصابرين والمرابطين، وعلى رأسهم وفي مقدمتهم القيادة الفلسطينية وانت على رأس هذه القيادة، قلت ونحن نقول معك القدس ليست للبيع وستبقى عاصمة فلسطين للأبد وهي ليست للبيع لأنها عقيدة، والعقيدة لا تباع، والعقيدة لا يفرط بها، والمقدسات لا يساوم عليها، فنحن معك، فالقدس ليست للبيع والقدس هي عاصمة فلسطين على مر الأزمان حتى يرث الله الأرض وما عليها".
وقال: "نعاهد الله تعالى في هذه الذكرى العطرة فنحن على العهد والقسم ان نبقى المخلصين والسدنة الأوفياء والحراس الأمناء للقدس ومقدساتها الى ان يقضي الله امرا كان مفعولا. وان نحتفي واياكم في رحاب المسجد الأقصى ارض الاسراء والمعراج، المسجد الذي دعا الى زيارته الحبيب المصطفى، وهنا نؤكد ونقول إن زيارة المسجد الأقصى وشد الرحال اليه هي دعوة نبوية وهي مستمرة ما استمر المسلمون يحملون هذه الدعوة."
واستذكر الشيخ حسين، نهج بناء الدولة وكيف أن دولة الإسلام الأولى كانت مظلة للمسلمين وغير المسلمين، وكانت قائمة على العدل، والسماحة والعيش المشترك، وهو ما يحدث في فلسطين اليوم التي شرفها الرسول في يوم اسرائه وليلة معراجه، حيث جاء اليها وفتحها فتحا معنويا، وكيف أن الصحابة ممن تبعوه ومن ساروا على نهجه فتحوا القدس، وكيف ان العهدة العمرية التي ارست حقوق كل من يسكن في القدس ووضع أصحاب الديانة المسيحة التي حُقَّ لها ان تدون بحروف من ذهب.
وقال وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية حسام أبو الرب: تتشرف وزارة الأوقاف والشؤون الدينية وكعادتها في كل عام وبكل مناسبة دينية ووطنية، أن تقيم اليوم هذا الاحتفال المركزي بذكرى يوم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، برعاية وحضور ومشاركة السيد الرئيس محمود عباس حفظه الله ورعاه، والذي يحرص دوما على المشاركة في المناسبات الدينية، حيث سنحتفل إن شاء الله في القريب من الأيام القادمة بذكرى ميلاد سيدنا عيسى بن مريم عليه السلام وعلى بعد كيلومترات من هنا، وعلى مشارف القدس عاصمة دولتنا الفلسطينية المستقلة.
واستعرض أبو الرب في كلمته المواقف التي تعرض لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنها المؤامرة التي حيكت بحقه حينما تجمعت قوى الشرك والكفر ليجهزوا عليه ليخرجه الله سالما ليكمل الرسالة، وأن هذه الحادثة تحمل معاني كبيرة بأن الله يدافع عن الذين آمنوا .
ولفت أبو الرب الى الظروف الصعبة التي تعيشها الأمة في هذه الأيام، معربا عن أمله أن تحمل في طياتها الخير الكثير لمستقبل القدس وفلسطين والأمة جمعاء.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها