ربما يكون لقب أسرع عداء في العالم كافيا ليمنح صاحبه الشهرة والبريق ويجذب إليه الأضواء في كل مكان، ولكن الضجيج الذي ثار حول العداء الأمريكي كريستيان كولمان قبل شهور بسبب غيابه عن ثلاثة اختبارات للكشف عن المنشطات يبدو كافيًا لتلطيخ صورته رغم الفوز بذهبية سباق 100 متر في بطولة العالم المقامة حاليا في العاصمة القطرية الدوحة.
يا له من فارق كبير يمكن لشهر واحد أن يصنعه ، ففي أواخر آب الماضي ، كانت مسيرة كولمان الرياضية معرضة للانهيار حيث كان العداء الأمريكي الشاب مهددًا بعقوبة الإيقاف نظرًا لتغيبه عن ثلاثة اختبارات للكشف عن المنشطات وعدم الإبلاغ عن مكانه في توقيت هذه الاختبارات.
وفي الليلة قبل الماضية ، توج كولمان ملكًا جديدًا على عرش السرعة في العالم وجعل من نفسه خليفة للأسطورة يوسين بولت ، على الأقل على المضمار ، في هذا السباق المثير 100 متر.
وكان كولمان تفوق على بولت في آخر مشاركة للصاعقة الجامايكي في هذا السباق بالبطولات الكبيرة (بطولات العالم والدورات الأولمبية) حيث انتزع المركز الثاني والميدالية الفضية للسباق في بطولة العالم الماضية خلف الأمريكي المخضرم جاستن جاتلين الذي توج بالذهبية فيما فاز بولت بالميدالية البرونزية.
وفي العام الماضي، فاز كولمان 23/ عاما/ بالسباق في بطولة العالم داخل القاعات محسنا رقمه الشخصي إلى 79ر9 ثانية قبل أن يحكم سيطرته في البطولة الحالية ويتوج باللقب مسجلاً رقمًا شخصيًا جديدًا له هو 76ر9 ثانية.
ولكن مسيرة كولمان كانت قبل شهر واحد في مهب الريح عندما أشارت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات (يوسادا) في أواخر آب الماضي أنها تجري تحقيقات في غياب كولمان عن ثلاثة اختبارات للكشف عن المنشطات في غضون عام واحد وهو خرق لقواعد مكافحة المنشطات من شأنه أن يؤدي مباشرة لإيقاف كولمان لمدة عام واحد وكان من المفترض أن يحرمه من المشاركة في بطولة العالم الحالية ودورة الألعاب الأولمبية القادمة (طوكيو 2020 ) .
ولكن الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات (وادا) أنهت هذه القضية بإرسال بيان إلى نظيرتها الأمريكية توضح فيه أن الاختبار الثالث الذي غاب عنه كولمان لم يكن بنفس العام ما يعني منح اللاعب أحقية المشاركة في بطولة العالم دون التعرض للإيقاف.
وخلال مشاركته في بطولة العالم الحالية ، تألق كولمان مجددا وتفوق على الجميع حيث كان الوحيد الذي كسر حاجز العشر ثوان في كل من التصفيات والدور قبل النهائي.
وخلال التصفيات ، سجل كولمان 98ر9 ثانية ثم حسن هذا الرقم في الدور قبل النهائي إلى 88ر9 ثانية قبل أن يسجل مساء السبت أفضل رقم شخصي له في السباق وهو 76ر9 ثانية ليحرز اللقب العالمي بجدارة.
وقال كولمان بعد انتهاء السباق : "أتمتع بمهارة هائلة. واستطعت إظهارها في هذا السباق".
وقبل بداية هذا السباق ، شهد استاد "خليفة الدولي" الذي تقام عليه منافسات البطولة عرضا رائعا بالليزر والأضواء كتبت من خلاله أسماء جميع العدائين الذين وصلوا لنهائي السباق.
وقال كولمان : "كان شعورا مجنونا. كان شرفا لي أن أضيف اسمي إلى قائمة الأساطير الذي أحرزوا اللقب من قبل. إنه شهر رائع. الفوز بالميدالية الذهبية أمر لا يمكن تصديقه".
ورغم أنه أصبح الواجهة الجديدة للسباق بعد بولت الفائز باللقب في 2009 و2013 و2015 وجاتلين الفائز باللقب في 2005 و2017 ، ما زالت أزمة غيابه عن ثلاثة اختبارات للكشف عن المنشطات أمرًا يلطخ تتويجه العالمي وإن برأته "وادا" بفضل توقيتات الغياب عن هذه الاختبارات.
وقال العداء الأسطوري السابق مايكل جونسون : "هذا يجرده تمامًا من الأهلية ، في هذا الشأن ، أن يصبح واجهة لهذه الرياضة. سيلاحقه هذا دائمًا".
وأضاف: "أعتقد أنها مسألة في غاية الأهمية لأن كريستيان كولمان كان من ينشد اعتلاء عرش السباق بعد بولت".
ويضاعف من الجدل حول كولمان أن تتويجه باللقب في البطولة الحالية جاء بعد عامين من تتويج مواطنه جاتلين باللقب وسط أجواء مشابهة حيث قضى قبلها المخضرم جاتلين 37/ عامًا/ فترتي إيقاف بسبب انتهاء قواعد مكافحة المنشطات ما دفع كثيرون إلى اعتباره العداء المخادع وأنه على النقيض من بولت الذي لم يسقط في أي اختبار للكشف عن المنشطات من قبل.
ولم يسبق لكولمان أيضًا أن سقط في اختبار للكشف عن المنشطات لكن الضجة التي أحاطت به الشهر الماضي لن تنته بسهولة وهو ما ظهر بوضوح خلال الكم الهائل من الاستفسارات والأسئلة التي وجهت إليه خلال المؤتمر الصحفي بعد السباق.
وأكد كولمان : "هذا الأمر أصبح ماضيًا... ليكن ما يكون ، ولكنني سأواصل عمل ما كنت أعمله وأركز على نفسي. إنني الآن بطل للعالم وهو شيء لن يستطيع أحد أن ينزعه عني". وانتقد رياضيون آخرون كولمان وصحيفة "ذي جارديان" البريطانية التي اعترفت صراحة على موقعها بالانترنت بأن كولمان ربما يكون الآن "واجهة لهذه الرياضة".
ولكن كولمان أيضًا نال بعض الدعم والمساندة من البريطاني سيباستيان كو رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى والذي قال : "أشعر بالسعادة لمشاركة كولمان في البطولة ، وأريد التأكد من حصوله على كل الفرص ليصبح واحدا من وجوه هذه البطولات".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها