في شارع مارسيليا وسط العاصمة التونسية، خرج الحاج عمار الدجبي من لجنة الانتخابات بعد أن انتهى من التصويت في ثالث انتخابات رئاسية تشهدها البلاد منذ ثورة عام 2011، مبتهجا من التنظيم وسهولة الإجراءات.
ويقول الدجبي (70 عاما) الخبير العدلي لدى المحاكم، لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "الأجواء في اللجنة كانت مريحة، والمواطنين فرحين بالمشاركة".
وأخذ الحاج عمار قراره لاختيار من ينتخبه "بعد دراسة معمقة للشخصيات المرشحة".
وانطلقت الأحد، عملية التصويت في المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية في تونس، حيث يتنافس 24 مرشحا على أصوات أكثر من 7 ملايين ناخب مسجلين على قوائم الانتخاب.
ومن المقرر أن تغلق غالبية مراكز الاقتراع أبوابها في السادسة مساء بالتوقيت المحلي، لتبدا عمليات فرز الأصوات.
وداخل اللجنة كانت الحاجة جميلة (75 عامًا) قد فرغت للتو من وضع ورقتها داخل صندوق الانتخاب البلاستيكي الشفاف.
وتقول السيدة التي جاءت وحدها إلى اللجنة إن "اليوم هو عرس للتونسيين"، وتضيف ضاحكة: "اخترت قيادي منجمش نقول عليه (لا أستطيع الإفصاح عنه)".
أما الحاجة سيدة وهي أيضا سبعينية العمر، فقد انتخبت من تراه جيدا، وهو قرار اتخذته منذ فترة كبيرة قبل بدء الحملات، مضيفة: "حطة واحد في راسي ( هناك شخصية في رأسي)".
وبحسب عضو مكتب الاقتراع، إسماعيل القرب، فإن الإقبال على الاقتراع كان متوسطا مع بدء الاقتراع في الثامنة صباحا، لكنه أقر أن كبار السن كانوا الأكثر حضورا.
ويضيف لموقع "سكاي نيوز عربية": "لدينا 11 غرفة اقتراع، خصصنا منها 3 غرف كاملة لاقتراع كبار السن، والحقيقة هي الغرف التي فيها طوابير وإقبال أكثر".
وأمام غرفة الاقتراع رقم 6، وقفت فتاة عشرينية طلبت عدم ذكر اسمها في انتظار الدخول للتصويت، وتقول لـ"سكاي نيوز عربية" إن قرارها ظل غير محسوما لآخر لحظة، "وقت اللي ندخل نشوف ونختار".
وفي تصريح خاص لموقع "سكاي نيوز عربية" قال رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات، فابيو ماسيمو كاستيلادو، إن "البعثة لاحظت عملية تنظيم جيدة وقد تلقى الموظفون في مكاتب الاقتراع تدريبات عاليا للقيام بأعمالهم".
وفيما يتعلق بملاحظاته على مشاركة الفئات العمرية المختلفة، أقر كاستيلادو بوجود حضور لافت لكبار السن، لكنه قال إنه ينتظر انتهاء التصويت نهاية اليوم للخروج بملاحظات دقيقة.
ولاحظت "سكاي نيوز عربية" توافدا أيضا لفئات عمرية مختلفة على لجنة الاقتراع، لكن النسبة الأكبر كانت لمن هم فوق الخمسين.
الحبر الأكحل
وليس بعيدًا عن نهج مارسيليا، يقع شارع الحبيب بورقية الرئيسي الذي يمثل رمزية كبيرة للتونسيين وقد شهد عام 2011 الإعلان عن هروب الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي ونجاح الانتفاضة ضد حكمه.
وامتلأت المقاهي التي تحتل أرصفة الشارع الشهير بالمرتادين، الذين بدا أن أكثريتهم من الشباب، بينما لم يكن الحبر الأسود حاضرًا في إبهام أكثرية الجالسين على الطاولات الكثيرة التي تمتد على طول الشارع.
وعبر رامي (28 عامًا) عن عدم اقتناعه بالمرشحين، قائلاً لموقع "سكاي نيوز عربية"، بينما كان يشرب القهوة رفقة صديقين: "أنا لا أرى فيهم شخصًا مقنعًا".
ويقول رامي إنه لم يذهب للانتخاب رغم أن اللجنة تقع في شارع باب البحر القريب من شارع الحبيب بورقيبة، مضيفًا: "أعرف أنه شيء غير مفيد".
وكان تبرير صديقه رؤوف (30 عامًا) لعدم المشاركة في بادئ الأمر أنه يتبع دائرة خارج العاصمة تونس، وبسبب العمل لم يتمكن من الانتخاب، لكنه اعترف أنَّه "حتَّى لو كنت في دائرتي، لم أكن لأنتخب.. لست مقتنعًَا بالمرشحين".
وفي مقهى آخر، جمعت طاولة صديقين أحدهما كان قد فرغ من التصويت حيث كان الحبر الأكحل على إبهامه.
ويقول أحمد قاسم (54 عامًا): "لابد لي من المشاركة. أنا أنتمي لحركة اليسار وأعتبر التصويت واجبا".
لكن صديقه حمزة الطالبي (50 عامًا) فأكد أنه غير مقتنع بالعملية الانتخابية برمتها، بسبب ما رآه من أداء السياسيين، قائلا: "يتصارعون من أجل الكرسي والمناصب ولا شيء يفعلونه للبلاد. أنظر ما في عمل والحياة صعبة".
وأضاف مستندا إلى مثل شعبي: "الحوت يأكل الحوت. وقليل الجهد (الضعيف) يموت".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها